دعوات لتصحيح السياسات الضريبية
الحكمة – متابعات: الإيرادات العامة تختلف حسب النظام الاقتصادي السائد ومدى تقدم الدولة والتطور التاريخي للأنواع المختلفة، كما تعد الايرادات الضريبية من أهم مصادرها للدولة في العصر الحديث.
ضمن هذا المسار الاقتصادي نقلت «الصباح» عن الأكاديميين د. عبد الله نجم الشاوي و د. عمار مجيد كاظم، فقد أفاد د. عبد الله الشاوي لا ترجع أهمية الضرائب، هذا المصدر المالي المهم لكبر حجمه المطلق أو النسبي، إذا ما قورن بغيره من المصادر الأخرى فقط، وإنما لمدى تأثير الضرائب على النواحي السياسية والمالية العامة التي تستخدمها الدولة للتأثير على النشاط الاقتصادي بهدف تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية.
وأضاف د. الشاوي أن علم اقتصاديات المالية العامة يهتم بصفة أساسية بدراسة وتحليل سياسات الحكومة المتعلقة بالإنفاق وتسمى (السياسة الإنفاقية) وكذلك جباية الأموال وتسمى (سياسة الإيرادات الضريبية) وبالتالي أثر السياستين سابقتي الذكر على كيفية تحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ولفت إلى أن هناك ثلاث وظائف أساسية للمالية العامة، الأولى وظيفة توجيه الموارد الاقتصادية نحو أفضل الاستخدامات وتسمى بوظيفة التخصيص، والوظيفة الثانية هي إعادة توزيع الدخل والثروة إذا كان التوزيع القائم غير مقبول في المجتمع وتسمى بوظيفة التوزيع، ثم وظيفة الاستقرار الاقتصادي التي تستهدف تحقيق مستوى عال من العمالة واستقرار مستويات الأسعار للسلع والخدمات، وتحقيق توازن في ميزان المدفوعات فضلًا عن تحقيق معدلات نمو عالية، وكل ذلك يهدف إلى تحقيق التوازن الاقتصادي الذي يعجز نظام السوق عن تقديمه.
وأوضح د. الشاوي: تعرف السياسة المالية بأنها برنامج تخططه وتنفذه الدولة عن عمد مستخدمة فيه مصادرها الايرادية وبرامجها الانفاقية لإحداث آثار مرغوبة في متغيرات النشاط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كافة تحقيقًا لأهداف المجتمع، بينما تعرف السياسة الضريبية بكونها سلوك الدولة على وفق خطة تضعها لتسير عليها في شؤونها الضريبية بغية تحقيق أغراض مالية واجتماعية واقتصادية وسياسية ترمي إلى تحقيقها من خلال السياسة الضريبية، وكون السياسة الضريبية تعنى بدراسة أوجه النشاط المالي للدولة، لذا تعد أحد برامج السياسة المالية الذي تخططه الدولة بصورة متكاملة، وفي إطار التكامل مع السياسة الاقتصادية للدولة بغية تحقيق أهداف مالية واقتصادية واجتماعية وسياسية على وفق الفلسفة العامة للدولة.
وتابع د. الشاوي، لقد بات واضحًا بأن أدوات السياسة المالية اقتصرت وظيفتها في الفكر التقليدي على تحقيق الأهداف المالية وهو ما عرف بالمالية المحايدة، ولهذا كان دور السياسة الضريبية هو توافر الايرادات العامة لتغطية مالية واقتصادية واجتماعية، وهو مايعرف بالمالية الوظيفية، ولما كانت النظم الضريبية في حقيقتها ترجمة للسياسات الضريبية التي ينتهجها مجتمع معين في ظرف معين، فان اختلاف السياسات الضريبية بين الدول لابد أن يقودنا إلى اختلاف النظم الضريبية لهذه المجتمعات التي بحد ذاتها ترجمة للنظام الاقتصادي.
وفي سياق متصل قال الاكاديمي د. عمار مجيد: أن أهداف السياسة الضريبية تنقسم من حيث فلسفتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إلى نظامين رأسمالي واشتراكي، ومن حيث الهيكل الاقتصادي إلى دول متقدمة ودول نامية، وتعرف الضريبة بأنها فريضة الزامية يلتزم الممول بدفعها إلى الدولة بصورة نهائية من دون مقابل من أجل تحقيق المصلحة العامة، ويتم فرضها وجبايتها بقانون، ومن الجدير بالذكر أن فرض الضريبة يهدف إلى تحقيق أهداف مالية واقتصادية وأخرى اجتماعية فهي تقوم برفد الخزينة العامة بالايرادات اللازمة لتمويل الادخار والاستثمار وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال الاسهام في إعادة توزيع الثروة والدخل.
وأوضح د. عمار يرمي أي نظام ضريبي إلى تحقيق أهداف الدولة التي تحددها فلسفتها السياسية، ويعكس ما قد يطرأ على هذه الأهداف من تغيرات، كذلك أن للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة في الدولة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تحديد أهداف النظام الضريبي الواجب تنفيذه، والواقع أن اهداف النظام الضريبي لا تختلف في الدول المتقدمة عنها في الدول النامية، ولكن وسائل تحقيق هذه الأهداف هي التي تختلف لتأثيرها بمستوى التقدم والتخلف الموجود في الدولة وعلى هذا الأساس يمكن تحديد أهم الأهداف للنظام الضريبي.
وبيّن مجيد أن الهدف المالي يأتي في مقدمة الأهداف التي تسعى اليها السياسة الضريبية، لقد كان الهدف المالي قديمًا ومازال للوقت الحاضر يعد من الأهداف الرئيسة من وراء فرض الضريبة، حيث أن معظم الدول تعتمد على الأموال التي تحصل عليها من الضرائب لتمويل نفقاتها، وبناء على ذلك يجب أن تكون الضريبة محايدة لاتهدف إلى أحداث أي تغيير في الحياة العامة الاجتماعية والاقتصادية.
س م