لوفيغارو: كيف يستقطب تنظيم داعش المهندسين والأطباء؟

353

 ka-17-02-2016-01

الحكمة – متابعة : نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول استقطاب تنظيم داعش أعدادا من الكفاءات العليا من جميع أنحاء العالم، بهدف تعويض نقص الموارد البشرية بإغراءات دينية ومادية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن المنضمين لصفوف تنظيم داعش ليسوا فقط من المقاتلين والانتحاريين، بل يوجد بينهم أطباء ومهندسون ومختصون في الكمبيوتر وطلبة، اختاروا الانضمام إلى هذا التنظيم، استجابة للنداءات التي أطلقها عبر منصاته الدعائية، حيث إن أبي بكر البغدادي في أول خطاب له من حزيران/ يونيو 2014، دعا العلماء والخبراء إلى الالتحاق بتنظيمه، للمساعدة على “بناء دولة الخلافة”.

وذكرت الصحيفة أن تنظيم داعش، في سبيل إنجاح مشروعه وبناء دولته، يجتذب كل أصحاب الاختصاصات الدقيقة، على غرار الأطباء من أجل معالجة المقاتلين الجرحى، والمهندسين لتشغيل محطات تكرير النفط وتصنيع المتفجرات، والصحفيين وخبراء الاتصال من أجل نشر دعاية التنظيم، والموظفين الإداريين من أًصحاب الخبرة لضمان فعالية إدارة شؤون هذا التنظيم.

وأشارت الصحيفة إلى أن السنوات الأربع التي تلت اندلاع الحرب في سوريا وظهور داعش، شهدت هروبا جماعيا لأصحاب الشهادات العليا في سوريا والعراق، وهو ما يعبر عنه بهجرة الأدمغة. ونقلت عن الباحث الفرنسي المتخصص في الشؤون الإسلامية، رومان كايي، قوله: “إن إحصاءات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن نصف أطباء مدينة حمص غادروا البلاد بسبب الحرب”.

وقالت الصحيفة إن تنظيم داعش من أجل تعويض هذا الفراغ، أطلق حملة ضخمة لاستقطاب الاختصاصات التي يحتاجها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبنشر مقاطع الفيديو والصور التي تتباهى بجودة التجهيزات الطبية والجامعات التي يملكها التنظيم، ما دفع بطبيب أسترالي يدعى طارق خمله كان يعمل في مستشفى في مدينة أديلايد، للانضمام إليه في نيسان/ أبريل 2015، بل وساهم هو أيضا في نشر الدعايات، حيث ظهر في أحد مقاطع الفيديو يقول: “عندما وصلت إلى هنا شعرت بفرح غامر، لقد كان علي أن آتي منذ وقت طويل”.

ولفتت الصحيفة إلى أن مهارات النساء أيضا مطلوبة لدى التنظيم، حيث إن عدة نساء حاصلات على شهادات الدكتوراة أو الماجستير في اختصاصات عديدة، يضطلعن بوظائف هامة في إدارة التنظيم.

وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا أيضا شهدت ظاهرة هروب عدد من الشباب المتعلم نحو سوريا والعراق، على غرار الطالب الفرنسي من أًصل جزائري محمد بلحسين، الذي كان يدرس في جامعة “ألبي” قبل أن يذهب إلى سوريا ويلقى حتفه هناك، والشاب “رفاييل” الذي كان يدرس الإعلام في السنة الخامسة في جنوب فرنسا، وفتاة تدعى “صوفي” كانت في سنتها الجامعية الثانية في اختصاص الأدب، قبل أن تسافر نحو الرقة مع زوجها وتختفي أخبارها.

وقالت الصحيفة إن الأسباب التي تدفع الشباب لاتخاذ هذا الخيار الغريب، تتعدد بحسب ظروف كل شخص، حيث إن بعضهم يذهبون لأنهم لم يجدوا عملا في بلدانهم الأصلية، بعد أن يقنعهم التنظيم بأنهم إذا هاجروا نحوه سوف يحصلون على أجور جيدة.

كما أن بعض الملتحقين بالتنظيم يعانون من معاملة سيئة وأجور متدنية في بلدانهم، ويذهبون إلى سوريا والعراق بحثا عن التقدير وتحسين أوضاعهم المعيشية والحصول على فرص أفضل.

كما يلتحق بالتنظيم أيضا أولئك الذين يشعرون بأنهم يتعرضون للتمييز والعنصرية، ولذلك يفضلون الالتحاق بتنظيم داعش لأنهم يعتقدون أنهم سيحظون بالقبول والتقدير في ذلك المجتمع.

وأشارت الصحيفة إلى أن دولا أخرى مثل بريطانيا؛ أطلقت صيحة فزع بعد تنامي هذه الظاهرة، حيث شهدت سنة 2015 سفر 17 طبيبا شابا من بريطانيا نحو تنظيم داعش. إلا أن أغلبية هذه الأدمغة التي تهاجر نحو التنظيم تأتي من الدول العربية، حيث يقول رومان كايي: “إن أغلبهم يأتي من دول الخليج والمغرب وتونس”.

وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن أستاذة علم الاجتماع التونسية بدرة قعلول، قالت في تموز/ يوليو 2015: “إن عدد الطلبة التونسيين الذين التحقوا بصفوف تنظيم داعش بلغ 1200”.

ونقلت الصحيفة عن الباحث الفرنسي ماثيو غيدار، قوله: “لقد نجح أبو بكر البغدادي في تسويق خطاب عالمي مختلف وجديد، استقطب كل الشباب الذين يشعرون بخيبة أمل تجاه الأنظمة القائمة، وعدم الرضا عن ظروف معيشتهم، في ظل الفراغ الإيديولوجي وفشل المشاريع السياسية في بلدانهم الأًصلية”.

وفي هذا السياق أيضا؛ تقول مريم بن رعد، الباحثة في المعهد الفرنسي لدراسات العالم العربي والإسلامي: “إن تنظيم داعش يلعب على مشاعر الظلم التي يشعر بها كل من يتعرض للتفريق العرقي أو الديني.. ويشعرهم أيضا بالإثارة عبر فكرة أنهم سيصنعون التاريخ باعتبارهم سيشاركون في بناء دولة جديدة وغير تقليدية”.

وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن تنظيم داعش كان على وعي تام بأن استقطاب هذه الأدمغة يمثل مسألة بقاء بالنسبة له، حيث إنه بالإضافة إلى القدرات العسكرية، يعلم أن استمراره مرتبط بوجود أفكار ومهارات متطورة من أجل مواجهة كل القوى التي تقف ضده.

ك ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*