خبير اقتصادي يوضح الآثار الوخيمة لظاهرة غسيل الأموال

357

23-2-2016-S-03

      الحكمة – متابعات: قال الخبير الاقتصادي  د. عيادة سعيد من كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الأنبار إن البعض قد يعتقد أن دخول كميات كبيرة من الأموال إلى دولة ما سينعش اقتصاد تلك الدولة، وسيؤدي إلى زيادة مشروعاتها وطاقاتها الإنتاجية وزيادة حركة الأيدي العاملة ومستوى الدخل فيها، فضلًا عن دخول العملات الأجنبية إلى الدولة مما يزيد اقتصادها قوة ومتانة، لذا يعتقد أو يقول أنصار هذا الراي، أنه من الخطأ أن تتم مكافحة غسيل الأموال، ولكننا في هذا الحوار سوف نبين ما تخلفه هذه الجريمة من آثار وخيمة على الدولة، إذا ما أدخلت هذه الأموال غير المشروعة في اقتصادها.

الأموال المهربة

وأوضح د. عيادة تؤدي ظاهرة غسيل الأموال إلى زيادة معدلات الاستهلاك بشكل يفوق حجم الدخل السنوي القومي على حساب الادخار دون أن تصاحب ذلك زيادة مماثلة في الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن الأموال المهربة وغير المشروعة تعد نزيفًا للاقتصاد القومي، كونها اقتطاع من الدخل القومي لصالح الاقتصادات القومية الأجنبية المضيفة لرؤوس الأموال مع حرمان الاقتصاد الوطني من فرص استثمارها محليًا، إذ أن هجرة رؤوس الأموال المحلية يعني حرمان اقتصاد البلد من القيمة المضافة إلى الدخل وما ترافقها من زيادة فرص العمل وزيادة الإنتاج وتوازن الأسعار واستقرارها، وهناك ارتباط بين الاقتصاد الخفي وعمليات غسيل الأموال، الأمر الذي يعرقل عملية التخطيط القومي، إذ يضعف من معدل الادخار بنسبة تتراوح بين 10 بالمائة و17 بالمائة ولاسيما في الدول النامية، مع عدم تمكن الدولة من السيطرة عليه.

وتابع د. عيادة وفقًا لما نشرته لـ(الصباح) بأن حصول فئات قليلة في المجتمع على دخول كبيرة بصورة غير شرعية مقارنة بدخول الفئات المنتجة العاملة، ينتج عنه توزيع غير منتظم وعشوائي للدخل، ما يؤدي إلى زيادة الفجوة بين طبقة الأغنياء والفقراء في المجتمع، وزيادة القدرة الشرائية لفئة دون أخرى ومايصاحبها من زيادة الاستهلاك البذخي وقلة معدل الادخار.

واسترسل د. عيادة بالقول: بأن معظم أصحاب الأموال المغسولة يتهربون من دفع الضرائب، وهذا يؤدي إلى نقص الايرادات العامة كون الضرائب أحد مكوناتها لتمويل النفقات العامة، الأمر الذي سيدفع الحكومات إلى زيادة معدلات الضرائب المالية لتعويض النقص، ما ينعكس سلبًا على الفئات المحدودة الدخل والمنتجة، فضلًا عن حدوث انخفاض في كفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية للمجتمع، وأن تدهور نمط توزيع الدخل القومي يؤثر على الاستهلاك ومن ثم الادخار، ولاسيما إذا رافق ذلك زيادة في حجم الفساد الإداري والمالي، إذ تشير الدراسات إلى أن هروب رؤوس الأموال يؤدي إلى نقص المدخرات المحلية بنسبة 15 بالمائة، ما يؤدي إلى نقص الاستثمار واتساع الفجوة التمويلية.

ولفت  إلى أن مستوى الناتج المحلي الاجمالي مقياساً لتقدم اقتصاد أي بلد، وفي ظل البحث عن فرص زيادة الثروة، فإن أصحاب الأموال غير المشروعة وبعض الاموال المشروعة يقوم بنقل استثماراته من الأنشطة الأقل ربحًا إلى الأنشطة ذات الأرباح السريعة والعالية كالمخدرات والتجارة غير المشروعة وتجارة الأسلحة، وهذا يشكل عقبة كبيرة أمام بناء وتطور الأنشطة الاقتصادية الأخرى في الاقتصاد القومي، ويؤدي غسيل الأموال إلى تشويه الاقتصاد الكلي من خلال انخفاض الناتج المحلي الاجمالي وتدهور معدلات نموه السنوي، فالعلاقة غسل الأموال والناتج المحلي الاجمالي علاقة عكسية، فكلما زاد حجم عمليات غسيل الأموال انخفض حجم الناتج المحلي الاجمالي.

المضاربات

وتعمل عمليات غسيل الأموال إلى توجه الأموال غير المشروعة نحو المجالات غير الإنتاجية سعيًا وراء الربح السريع والعالي، كالمضاربات العقارية والأوراق المالية والإنفاق الاستهلاكي، وقد تنفق أموال غير مشروعة لأغراض خيرية واقتصادية الغرض منها التستر وراءها لإخفاء مصادر أموالها وإضفاء صفة النوايا الحسنة على أصحابها. وخلص  د. عيادة بأن حصول فئات قليلة في المجتمع على دخول كبيرة ودون استحقاق وجهد إنتاجي ملموس، أدى إلى بروز وانتشار ظاهرة الاستهلاك البذخي أو المظهري، فضلًا عن الإنفاق غير المبرر في أوجه إنفاق غير اقتصادية، كالإنفاق على الحملات الانتخابية أو التبرع لدعم جهات مسلحة أو تنظيمات إجرامية، أو مساعدة جهات خيرية بقصد اسباغ صفة التعاون والعمل الخيري للتغطية على مصادر أموالهم.

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*