التكنولوجيا قادرة على زيادة الإنتاج والصادرات
الحكمة – متابعات: دعا أكاديمي اقتصادي إلى اعتماد التكنولوجيا المتطورة وتطبيقاتها في موضوع التبادل التجاري والتجارة الخارجية بين العراق ودول العالم كونها تتمتع بصفات تفوقت فيها على ندرة العناصر والموارد الطبيعية.
وقال الأكاديمي الاقتصادي د. لورنس يحيى من كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة بغداد أن ثمة اعتقاداً متنامياً منذ النصف الثاني من القرن العشرين بين ذوي الاختصاص بموضوع التجارة الخارجية وأساس قيامها يؤكد أن نظريات التجارة لم تعد كافية لقيام التبادل التجاري الدولي.
كلفة الإنتاج
وأضاف يحيى “تعد كل من الميزة المطلقة (لآدم سميث) كون الدولة تكون مصدراً لسلعة معينة إذا كانت كلفة إنتاجها أقل مقارنة بكلفة إنتاجها في الدول الأخرى، ونظرية الميزة النسبية (لريكاردو) أن الدولة تستطيع إنتاج سلعة بكلفة منخفضة، لكن تستوردها من الخارج عندما تتمتع بإنتاجية أعلى في إنتاج سلعة اخرى، فتقوم التجارة على اختلاف إنتاجية العمل بين الدول، ونظرية (هبة المورد) للاقتصاديين (هكش، واولين) أن الدولة تحصل على ميزة نسبية، عندما تستخدم المورد المتوفر لديها بكثافة، وتستورد المنتجات التي لا تتوفر لديها موارد غنتاجية بكثافة وليس لها أي ميزة فيها، من أولى المحاولات لتفسير حدوث التجارة بين الدول، ولتفسير نجاح صناعات بعينها في دول معينة دون غيرها.
وأفاد في حديث نقلته (الصباح) أن حسب نظرية هبة المورد فإن دول شرق آسيا التي تتمتع بوفرة العمل وانخفاض كلفته، تصدر الملابس وألعاب الأطفال وغيرها من المنتجات كثيفة العمل، أما دول مثل السويد الغنية بالموارد الأولية التي تستخدم في صناعة الفولاذ، فإنها تصدر منتجات هذه الصناعة.
وأوضح أن الاختلاف في تكاليف الإنتاج كأساس مشترك لهذه النظريات أدت بالدول إلى اتباع سياسات تدخلية مثل تثبيت الأجور عند مستوى منخفض، أو فرض رسوم كمركية من شأنها توفير الحماية ومن ثم توفير ميزة للبلد في صناعة أو زراعة معينة ما يمنحنها فرصة للمنافسة.
وأكد أن كل هذه الاجراءات تهدف إلى تخفيض التكاليف النسبية لمنتجاتها لمواجهة المنافسين من البلدان الأخرى.
تناقض المضامين
وتابع: هناك أسباب تناقض مضامين أو فروض هذه النظريات، فمثلًا كوريا الجنوبية التي خرجت من الحرب العالمية الثانية بدون رأس مال ومع ذلك فقد تمكنت بعد مدة بسيطة من الاستحواذ على جزء من صادرات السلع كثيفة رأس المال مثل الفولاذ وبناء السفن والسيارات، ونرى أن الولايات المتحدة الأميركية التي تتمتع بعمل ماهر وعلماء ورؤوس أموال ضخمة خسرت في سوق الصادرات من السلع كثيفة رأس المال، وثمة تبادل تجاري لسلع تحتوي النسب نفسها من عناصر الإنتاج ولم تتمكن من إعطاء تفسير لها.
وبيّن يحيى: أضحت الفرضيات التي استندت عليها نظريات التجارة سالفة الذكر غير واقعية في كثير من الأحيان ولا تجد تفسيرًا منطقيًا لأسباب قيام التبادل التجاري الدولي وذلك لأسباب عديدة.
واستطرد: كانت فرضيات نظريات التجارة الخارجية أكثر اقناعًا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، فالكثير من الصناعات كانت صغيرة والإنتاج يعتمد على العمل العضلي أكثر من العمل الماهر، لذا فالتبادل التجاري الدولي يعكس أو يقوم بسبب الاختلافات في الموارد الطبيعية ورأس المال حيث توافرها في مناطق وندرتها في مناطق أخرى.
وقال: إن العامل التكنولوجي يعد أهم التفسيرات البديلة لهبة المورد، إذ ان الدولة ستكون قادرة على التصدير عندما تمتلك شركاتها تقدمًا تكنولوجيًا، وتقل صادراتها عندما يتم الوصول للتكنولوجيا ذاتها من قبل الشركات أو الدول المنافسة، وأصبح بالامكان التغلب على ندرة العنصر والتقليل من الموارد الطبيعية من خلال التكنولوجيا الحديثة، وهذه الأخيرة تسمح بتقليص المدخلات لنفس المنتج وزيادة المخرجات لنفس المدخلات، وتقوم بتغير الموديلات بسهولة، وتقلل من أهمية الأجور المنخفضة محليًا، وتحفز بتطوير بدائل صناعية تخفض من استخدام المواد الأولية والطاقة والمدخلات التي تعتمد على الموارد الطبيعية.
وخلص يحيى في ختام حديثه إلى القول: ليس غريبًا أن تكون اليابان من الاقتصاديات الكبرى عالميًا على الرغم من أنها لا تمتلك من الموارد سوى العقل البشري والتكنولوجيا، وهكذا تصبح وفرة العنصر أقل بكثير من أهمية التكنولوجيا التي تستطيع توفير البدائل، فالسويد مثلًا لم تعد تمتلك ميزة توفر خامات الحديد النقي والفسفور بعد التطور الذي حصل في صناعة الفولاذ.
س م