هل تتناول طعاما سقط منك على الأرض؟

354

160329173325_the_food_dropped_on_the_floor_640x360_thinkstock_nocredit

الحكمة – متابعة: يُفترض أنه لا توجد مشكلة في تناول الطعام بعد وقوعه على الأرض بخمس ثوان، لكن هل هناك حقائق تثبت هذه “القاعدة” الشائعة؟

ذات يوم وقعت مني قطعة شوكولاتة ومرت برهة تساءلت خلالها كم من البكتيريا علقت بهذه القطعة من الحلوى. لكنني لم ألحظ وجود أي أوساخ عليها، لذا قذفتها في فمي.

أرضية مطبخي نظيفة للغاية ولم تمكث قطعة الشوكولاتة عليها سوى أقل من خمس ثوان. قاعدة “الثواني الخمس” كانت لصالحي هذه المرة.

كلنا نعرف هذه القاعدة. فأي طعام نلتقطه بعد سقوطه على الأرض لا ضرر منه إذا لم يترك لأكثر من خمس ثوان من وقوعه على الأرض. لكن هل كنت على صواب في أنني أكلتها، أم أنني ملأت فمي بالميكروبات الدقيقة الضارة؟

سألنا أعضاء فريق موقع “بي بي سي إيرث”، والذين نثق بهم بالفعل، عن طريقة تصرف أحدهم في وضع مشابه.

يقول آدام هارسورث إن القاعدة صحيحة، ويضيف: “بالتأكيد جميع أنواع البكتيريا والكائنات الضارة تفهم معنى الوقت”.

أما جاري بورش فيقول إنه مطمئن إلى أن ثلاث ثوان هي الوقت الأمثل لتناول الطعام الذي يقع على الأرضية، ولكن لسبب مختلف تماماً. ويقول: “هذا الوقت هو نفس معدل الوقت الذي يستغرقه التهام الحيوان للطعام منذ لحظة وقوعه على الأرض.”

ويقول مانويل رودريغز إنه فقير، لذلك يتبع قاعدة الخمس دقائق. لكن آخرين أكثر تشدداً في هذا الموضوع.

تقول كورين هوارد: “إن لم تذهب مباشرة إلى الفم فإنها تذهب إلى سلة القمامة”، وتقصد أنها لا تأكل الطعام الذي يقع على الأرض.

ويقول جون بيديت: “نحن نتكلم عن أجزاء من الثانية يستغرقها وصول البكتيريا إلى الطعام الذي يسقط على الأرضية. إن قاعدة صفر من الثانية هي أكثر منطقية”. أما لين جاسبر فتقول: “يعتمد ذلك على نوع الطعام، وإلى أي حد تشعر بالجوع”.

ومن أجل ترتيب النقاش، طرحت السؤال التالي على علماء متخصصين في الميكروبات. هل سيأكلون قطعة خبز أو بيتزا أو حلوى سقطت على الأرض؟

بداية دعونا نفهم بعض الحقائق بطريقة صحيحة. لا يوجد تجمعات من البكتيريا تنتظر على الأرضيات لتقفز على أي طعام يسقط في طريقها.

فالميكروبات موجودة في كل مكان حتى لو أنك نظفت الأرضية للتو. ويشير آدام تايلر إلى أنه “من ناحية علمية، لا توجد قاعدة الخمس ثوان. إذا لامس الطعام الأرضية لجزء من الثانية فإنه يصبح ملوثاً”.

وبمجرد ملامسة أي طعام للأرض “بالطبع سيلتقط تراباً أو قاذورات، ولذلك تكون الميكروبات داخل ذلك التراب أو القاذورات”، كما يقول جاك غيلبرت، خبير الميكروبات في جامعة إلينوي بشيكاغو بالولايات المتحدة.

في أي وقت من الأوقات، يوجد حوالي 9000 نوع مختلف من الميكروبات تعيش في غبار بيوتنا، بما في ذلك 7000 نوع من البكتيريا معظمها غير ضارة، وذلك وفقا لدراسة صدرت في عام 2015.

وهي معك طوال الوقت على يديك، وعلى وجهك، وفي منزلك. نحن نفرز بكتيريا باستمرار من خلال جلدنا، ومن خلال الهواء الذي نتنفسه. ويقول غيلبرت: “لا يمكنك أن تخبئ نفسك من الكائنات الدقيقة. هذا هو الموضوع. فأنت عملياً تتنفس وتعيش في بحر من البكتيريا”.

كل شخص يبث حوالي 38 مليون خلية بكتيريا في البيئة المحيطة به كل ساعة، كما تقول دراسة لمجموعة من الباحثين.

ومع ذلك قيل لنا طوال المائة سنة الماضية إن الكائنات الدقيقة خطيرة، وأن علينا قتلها جميعاً. نحن نبالغ في الخشية من التلوث، ورغم ذلك لا نعرف متى يكون حظنا جيداً أو عاثراً إذا أصبنا أو لم نصب بالمرض.

غيلبرت سيأكل طعامه الذي يسقط على الأرض بالتأكيد، إذا كانت الأرضية نظيفة بشكل معقول. ويوضح ذلك قائلاً: “إذا سقط الطعام في حفرة ملوثة فبالتأكيد لا التقطه ثانية لآكله”.

يوجد بالتأكيد بعض البكتيريا الضارة في المحيط الذي تكون فيه. لكن إذا كان أحد أنواع البكتيريا كامناً في أرضية بيتك، فمن الممكن أن يكون أيضاً في أماكن أخرى من المنزل، ربما على مناضد المطبخ، أو مقابض الأبواب. ويمكن ان تصبح مريضاً بغض النظر عما إذا أكلت طعاماً سقط على الأرض أم لا.

التحذيرات المعتادة تنطبق هنا. إن لم تكن محظوظاً بما يكفي ليكون في أرضية بيتك بكتيريا السالمونيلا، فإن الطعام الذي يقع على الأرض سيصيبك بالمرض حتى لو استقر على الأرضية لخمس ثوان أو أقل.

وقد توصلت دراسة أعدت في عام 2006 إلى أن هناك خطراً أقل جراء التعرض لبكتيريا السالمونيلا لمدة خمس ثوان فقط، مقارنة بالتعرض لها لمدة دقيقة، مع وجود خطر في الحالتين.

لا يوجد حاجز سحري بينك وبين عالم البكتيريا، لذا حتى النظافة الشديدة لا تقضي عليها. في الحقيقة، قد يكون الاتصال بعالم الميكروبات مفيداً لنا. تقول كاثرين أماتو من جامعة نورثويسترن في إلينويز بالولايات المتحدة: “التعرض للميكروبات أمر جيد إلا إذا أسقطت طعاماً على أرضية عيادة طبيب أو أرضية مرحاض متنقل”.

ذلك لأننا نمونا والميكروبات تحيط بنا. ويعتقد باحثون من أمثال أماتو أن هذه البكتيريا لعبت دوراً مهماً في تطور الجنس البشري.

نحن نلتقط الميكروبات من بيئتنا عندما نكون صغاراً، بما في ذلك لمسنا للتراب. ويبدأ مجتمع الميكروبات الخاص بالطفل في الظهور على الأطفال بصورة مماثلة لما هو في حالة الكبار عندما يبلغ الأطفال عامين.

وتقول أماتو: “إذا علق ميكروب بتلك القطعة من الطعام فمن الممكن أن تساهم في تطور جهاز مناعة صحي. أقول، امض قدماً وتناولها”. وتتفق مع هذا الرأي ناتالي هيننغ وتقول: “لا يمكنك بناء جهاز مناعة بأن تكون مبالغاً في تطهير طعامك ومكانك من الجراثيم”.

وبعبارة أخرى، فإن قاعدة الخمس ثوان مجرد هراء. فإذا كان في المحيط الذي تعيش فيه ميكروب ضار، فإن الالتزام بالقاعدة لن يمنعك من الوقوع فريسة للمرض. ما عدا ذلك، لا ضرر في تناول طعام من على الأرض.

ميليسا هوغينبوم

صحفية علمية-بي بي سي

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*