ذكرى المبعث النبوي الشريف -27 رجب الأصب

520

mabathفي مثل هذا اليوم بدأت البعثة وانطلقت الرسالة، فالمبعث النبوي الشريف هو مبعث النور ومولد الرسالة والقرآن الكريم، وانطلاقة الحضارة الإسلامية، ثم أن هذا اليوم هو يوم عيد ليس فقط للأمة الإسلامية ولكن للبشرية جمعاء فبعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عمت بركتها الكائنات، فهذا اليوم يحمل ذكرى رسالة خالدة ذكرى ولادة النور والرحمة…

تاريخ البعثة وكيفية نزول القرآن

والمروي عن أهل البيت (عليهم السلام) ـ وأهل البيت أدرى بما فيه وأقرب إلى معرفة شؤون النبي (صلّى الله عليه وآله) الخاصة ـ : أن بعثة النبي (صلّى الله عليه وآله) كانت في السابع والعشرين من شهر رجب. وهذا هو المشهور بل ادعى المجلسي، الإجماع عليه عند الشيعة، وروي عن غيرهم أيضاً.

وقيل: إنه (صلّى الله عليه وآله) بعث في شهر رمضان المبارك، واختلفوا في أي يوم منه، وقيل في شهر ربيع الأول، واختلف أيضاً في أي يوم منه.

فلقد اتفق علماء الشيعة على القول بأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بُعِث بالرسالة في السابع والعشرين من شهر رجب، وأن نزول الوحي عليه قد بدأ من ذلك اليوم نفسِه.

بينما اشتهر عند علماء السُنّة أن رسول الإسلام قد اُوتي هذا المقام العظيم في شهر رمضان المبارك.

ولعل هذا عائد للاختلاف في فهم الآيات الدالة على نزول القرآن في ليلة القدر والروايات عند المذاهب الإسلامية ومن أراد التفصيل فليراجع الكتب المختصة. وخلاصة القول: إنه لا مانع من أن يكون (صلّى الله عليه وآله) قد بعث وصار نبياً في شهر رجب، كما أخبر به أهل البيت (عليهم السلام) وهيئ ليتلقى الوحي القرآني: (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً)، ثم بدأ نزول القرآن عليه تدريجياً في شهر رمضان المبارك.

بدء الوحي وأول ما أنزل

لقد كان بدء الوحي في غار حراء، وهو جبل على ثلاثة أميال من مكة ويقال: هو جبل فاران، الذي ورد ذكره في التوراة إلا أن الظاهر هو أن فاران اسم لجبال مكة، كما صرح به ياقوت الحموي، حسبما تقدم، لا لخصوص حراء.

وكان (صلّى الله عليه وآله) يتعبد في حراء هذا، على النحو الذي ثبتت له مشروعيته، وكان قبل ذلك يتعبد فيه عبد المطلب.

وأول ما نزل عليه (صلّى الله عليه وآله) هو قوله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق).

وهذا هو المروي عن أهل البيت (عليهم السلام). وروي أيضاً عن غيرهم بكثرة، كما ورد عن المسعودي قال: فأنزل عليه بمكة من القرآن اثنان وثمانون سورة ونزل تمام بعضها في المدينة وأول ما نزل عليه من القرآن (اقرأ باسم ربك الذي خلق).

ويذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) البعثة بقوله: (بعثه بالنور المضيء والبرهان الجلي والمنهاج البادي والكتاب الهادي، أسرته خير أسرة وشجرته خير شجرة أغصانها معتدلة وثمارها متهدلة).

قال المسعودي: (بعث الله نبيه (صلّى الله عليه وآله) رحمة للعالمين ومبشراً للناس أجمعين وقربه بالآيات والبراهين النيرات وأتى بالقرآن المعجز فتحدى به قوماً وهم الغاية في الفصاحة والنهاية في البلاغة وأولوا العلم باللغة والمعرفة بأنواع الكلام من الرسائل والخطب … والسجع والمقفى والمنثور والمنظوم والأشعار في المكارم وفي الحب والرمز والتحضيض والإغراء والوعد والوعيد والمدح والتهجين فقرع به أسماعهم وأعجم به أذهانهم وقبح به أفعالهم وذم به آراءهم وسفّه به أحلامهم وأزال به دياناتهم وأبطل به سنتهم، ثم أخبر عن عجزهم مع تظاهرهم (لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) مع كونه عربياً مبيناً.

وقفة مع هذه الذكرى الخالدة والمباركة:

إن هذه الذكرى العطرة تستوجب منا الوقوف بتأمل عند محطات من سيرته صلى الله عليه وآله في الدعوة إلى الإسلام وتوحيد الله تعالى، لنتأسى بها في جميع مراحل حياتنا خصوصاً مرحلتنا الراهنة المعبأة بالتيارات المنحرفة – ونستوحي منها الكثير من الدروس النافعة… ومنها:

1 – استذكار صمود الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصبره ورفضه لأي مساومة على حساب المبادئ.

2 – التضحية في سبيل المبدأ والحق، وتحمل المشاق من أجل إعلاء كلمة الله تعالى والدعوة إليه.

3 – التحلي بالخلق الرفيع الذي كان من السمات البارزة عليه صلى الله عليه وآله في دعوته الشريفة، وما تميزت به حياته الرسالية من الحكمة والموعظة الحسنة.

4 – الجانب العبادي الذي تميزت به سيرته صلى الله عليه وآله.

5 – من كلماته (صلى الله عليه وآله) المأثورة:

عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لأنبئكم بالمؤمن؟ من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، ألا أنبئكم بالمسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر سيئاته).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*