شركات تسعى لإعادة شحن هاتفك لاسلكيا عبر قميصك “الذكي”
364
شارك
الحكمة – متابعة: توقف عن ارتداء الجوارب، والأحذية، والقمصان “الغبية”، فالملابس “الذكية” تستعد لتحل محلها.
في عام 1919، أحدث فيليبو توماسو، مؤسس الحركة المستقبلية الإيطالية، ضجة عندما ارتدى ربطة عنق كانت عبارة عن مصباح كهربائي كان قد صنعه بنفسه. وكان قد صممها لكي يومض المصباح إذا أراد التأكيد على كلمات أو عبارات معينة في خطاباته.
وبعد حوالي قرن فقط، قطعت التكنولوجيا القابلة للارتداء شوطا طويلا مقارنة بتجربة توماسو تلك، وبلغت هذه التكنولوجيا الحديثة مرحلة إنتاج القمصان البيو مترية، والوشم الرقمي.
ولا تزال تلك الوسائل التكنولوجية تتطور منتقلة من الأدوات إلى أزياء مميزة، وإلى إمكانية تحقيق مستقبل يمكن فيه دمج التكنولوجيا بسهولة بملابسنا وحياتنا.
على سبيل المثال، هناك قميص يتحكم في درجة الحرارة، أو يتغير شكله ليكون مناسبا لك. وهناك قميص يمكنه أن يزودك بالطاقة، ولك أن تتخيل أنك لن تحتاج بعد الآن لشحن هاتفك الخلوي باستخدام الأسلاك، بل سيكون ذلك من خلال هذا القميص.
وتقول أماندا باركس، الخبيرة في مجال تكنولوجيا الأزياء في نيويورك، إن من المتوقع أن تصبح التكنولوجيا القابلة للارتداء “أقل أهمية من مجرد الناحية العملية، وأكثر أهمية من حيث الملاءمة والتجربة الشخصية”.
لكن الوصول إلى ذلك يتطلب التعاون والتكامل بين عالمين يبدوان متباينين، وهما الأزياء والتكنولوجيا.
وتقول باركس: “إن ذلك لا يعني أنه يتعين على كل شخص أن يصبح مهندسا كهربائيا، ومصمم أزياء. بل يتعلق الأمر أكثر بالقدرة على معرفة كل طرف لغة الآخر لفهم كيف تجري العمليات ولفهم الحدود والقيود المتعلقة بكل طرف”.
وقد شرع المجالان في التصادم فعليا في بعض الأشكال المثيرة وغير المتوقعة، وخاصة مع ظهور منتجات لا تناسب بالضرورة التعريف النموذجي للتكنولوجيا القابلة للارتداء.
وتعمل شركة “ثيسس كوتور” التي تأسست حديثا ومقرها لوس أنجليس على إعادة اختراع الكعب العالي الرفيع للأحذية النسائية لجعله أكثر راحة باستخدام المواد البلاستيكية من المكونات البالستية والبولي يوريثين المعدل بالحرارة.
ويجري ذلك من خلال مساعدة فريق متنوع يضم عالم صواريخ، ورائد فضاء، وجراح عظام، وصانع أحذية إيطالي محترف، ومصمم أحذية، بالإضافة إلى الباحثة أماندا باركس.
وتقود دولي سينغ ذلك الفريق، وهي مؤسسة شركة “ثيسس كوتور”، والرئيسة السابقة للمواهب في شركة “سبيس إكس”.
تقول باركس:” إن مجرد إدارة النقاش كان بمثابة تحد للشركة في الاجتماعات الأولى التي عقدناها. فأنت تترجم حديث التكنولوجيا إلى حديث أزياء، وتحاول التعرف على أولويات الناس ونهجهم وطريقة عملهم وطريقة تفكيرهم”.
وتدير باركس، التي تحمل شهادة دكتوراه في وسائل الإعلام الملموسة وشهادة بكالوريوس في تاريخ الفن، الجانب البحثي والتطويري في شركة “مانيوفاكتشر نيويورك”، وهي شركة متخصصة في الأزياء.
وتعد شركة “ثيسس كوتور” واحدة من الشركات التابعة لشركة “مانيوفكتشر”. وتقول باركس:” إن ما نحاول فعله هو دمج المجتمعين لخلق نظام بيئي يجمع بين ماركات الأزياء، والمصممين الناشئين، والأزياء التكنولوجية الحديثة”.
ولا يزال المشروع في مراحله المبكرة. بيد أن التكنولوجيا القابلة للارتداء لا يزال أمامها طريق طويل، حسب قول باركس التي أوضحت بالإشارة إلى الأيام الأولى للإنترنت قائلة: “عندما أنشئت شبكة الإنترنت، كان ينظر إليها على أنها أداة اتصال، ولوحة إعلانات في الأساس.”
وأضافت: “لم نكن نتصور أبدا في البداية ما الذي كان سيفعله الناس المبدعون من كافة الأطياف بها، وما المنعطف الذي ستتخذه. ولكننا كنا نعلم أن لها قدرات هائلة”.
وبالمثل، يقول خبراء الأجهزة القابلة للارتداء إن لها إمكانات هائلة. والعديد من الشركات يقفز إلى هذا المجال في الوقت الراهن.
ومن المتوقع أن تصل شحنات الأجهزة القابلة للارتداء حول العالم- بكافة أشكالها من أساور اللياقة البدنية إلى ساعات البلوتوث، إلى الخواتم التي يمكن تشغيل بعض التطبيقات من خلالها- إلى 110 مليون قطعة مع نهاية هذا العام، و237.1 مليون في عام 2020، حسب تقرير صادر عن شركة أبحاث تكنولوجيا المعلومات “آي دي سي”.
وبالنسبة لباركس، فإن تلك الأدوات هي مجرد نقطة انطلاق للأجهزة القابلة للارتداء. وستظهر تلك الأجهزة الحقيقية فقط مع التحول إلى الملابس الناعمة الملمس التي يمكن لها أن تسمح للتكنولوجيا أن يتم ارتداؤها مثل الملابس العادية والمواد الذكية والمنسوجات.
وقالت باركس: “عندما نفكر في تصاميم يمكنها التفاعل لدى ارتدائها حول الجسم، فإننا نفكر في الجسم كله. وهناك الكثير من المقاييس المختلفة التي يمكن استخدامها، وهي ليست لقياس عدد الخطوات والحصول على معدل نبض القلب وحسب”.
وبالطبع فإن معدل نبض القلب هو موضع إثارة في الوقت الراهن. فعلى سبيل المثال، يرصد قميص “البولو تك” الذكي، من إنتاج شركة رالف لورن، معدل نبض قلب من يرتديه، وعمق تنفسه، وتوازنه، إضافة إلى عمل أعضاء حيوية أخرى في جسده، ثم يغذي تلك المعلومات لهاتف آي فون أو ساعة أبل الذكية. ويبلغ سعر ذلك القميص الذكي 295 دولار أميركي.
“إننا ننتقل إلى مكان سيتم فيه تصنيف أي شيء تشتريه لارتدائه إلى قسمين: ذكي وغبي”، حسب قول ديفيد نورتون، مؤلف كتاب “السياق الرقمي 2.0: سبعة دروس في استراتيجية الأعمال، وسلوك المستهلك وإنترنت الأشياء”.
ويوضح نورتون:” بينما لا يزال هناك سوق للجوارب والأحذية والقمصان الغبية، فإن الماركات التجارية التي تتبنى الذكاء ستكون قادرة على تمييز نفسها وتطلب فرق القيمة وتؤثر على حياة الناس بطرق لم يكن ممكنا تصورها من قبل”.
مستقبل متعدد التخصصات
ويحتاج أولئك الذين يعملون في هذا المجال لأن يكونوا قادرين على العمل في تخصصات مختلفة.
يقول تود هاربل، مدير شركة إنتل للاستطلاع واستراتيجية الابتكار للأجهزة الحديثة: “يحتاج الناس الذين يعملون في هذا المجال إلى مهارات متنوعة، بما فيها خلفية في أجهزة الحاسب، وتصنيع الملابس، ومتطلبات وقدرات فنية أخرى، إضافة إلى فهم العملاء، وكيفية تجاوز عروض الفن والتكنولوجيا لخلق أشياء يمكن للمستهلكين الاستمتاع بها يوميا”.
ويضف هاربل أن ذلك يعني أيضا تطوير ودمج البرمجيات والأجهزة في أنماط وشكل الملابس الحديثة.
وبالنسبة لخبراء التكنولوجيا فإن أيام بقاء الشخص وحيدا في المختبر أو برفقة آخرين بنفس العقلية لابتكار أساسيات الأجهزة قد تقترب من نهايتها.
ففي معهد الأزياء للتكنولوجيا في نيويورك لا توجد دورات في مجال التكنولوجيا القابلة للارتداء بعد. وبدلا من ذلك، تتخذ الكلية نهجا أكثر تكاملية، وفقا لجوان أربكل، عميدة كلية الفن والتصميم في معهد الأزياء للتكنولوجيا. وتضيف أربكل:”هذه سمة العالم الذي يعيش فيه الطلبة”.