بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي في طلاق تاريخي… وكامرون يستقيل

468

الحكمة – متابعة: صوت 51.9 في المائة من الناخبين البريطانيين أمس (الخميس) مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، مقابل 48.1 في المائة عبروا عن تأييدهم للبقاء فيه، بحسب النتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات اليوم (الجمعة)، فيما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون أنه سيستقيل من منصبه بحلول تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بعد نتائج الاستفتاء.

Dawn breaks over London as votes are counted for the EU referendum, Britain June 24, 2016. REUTERS/Toby Melville
Dawn breaks over London as votes are counted for the EU referendum, Britain June 24, 2016. REUTERS/Toby Melville

وصوت 17.4 مليون شخص مع الخروج من الاتحاد، مقابل 16.1 مليون مع البقاء فيه.

وقال كامرون للصحافيين أمام مقر إقامته في داونينغ ستريت “لا أعتقد أنه سيكون من الملائم لي أن أمسك بدفة قيادة البلاد إلى وجهتها المقبلة”.

ولم يدل كامرون الذي كان يحبس دموعه بتفاصيل عن جدول زمني للاستقالة، لكنه قال إنه يجب أن يكون هناك زعيم جديد بحلول موعد المؤتمر السنوي لحزب “المحافظين” في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

وأضاف “لم أتخذ هذا القرار بسهولة لكني أعتقد أن من صالح البلاد أن تحظى بفترة استقرار، وأن تحصل بعدها على القيادة الجديدة المطلوبة”، وتابع: “أعتقد أنه من الصواب أن يتخذ رئيس الوزراء الجديد القرار في شأن موعد تفعيل المادة 50 وبدء عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي”.

وقال زعيم حزب “الاستقلال البريطاني” (يوكيب) المناهض للاتحاد الأوروبي والمهاجرين نايغل فاراج، إنه بدأ “يحلم بمملكة متحدة مستقلة”، وقال لناشطين مؤيدين للخروج من الاتحاد في أحد مباني لندن “أجرؤ الآن أن أحلم بأن الفجر مقبل على مملكة متحدة مستقلة”.

وأضاف: “إذا تحققت التوقعات فسيكون الأشخاص الصادقون قد انتصروا، الأشخاص العاديون”. وتابع فاراج “فعلنا ذلك من أجل أوروبا بأكملها”. وأكد وسط حشد متحمس “لنتخلص من العلم (الأوروبي) ومن بروكسيل (المفوضية الأوروبية) ومن كل شيء فاشل ولنجعل من الـ 23 من حزيران (يونيو) يوم استقلالنا”.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لحملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ماثيو إليوت، إنه “توجد رغبة محدودة بين غالبية مشرعي حزب المحافظين لإقصاء رئيس الوزراء ديفيد كامرون الذي يجب عليه الآن أن يستعد للتفاوض حول خروج بريطانيا من الاتحاد”.

وأبلغ إليوت “رويترز” بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي: “يمكنني أن أرصد رغبة ضئيلة بين أعضاء البرلمان من المحافظين في أن يرحل رئيس الوزراء. الغالبية الكاسحة منهم يريدونه أن يبقى في موقعه وأن ينفذ قراره”.

وأضاف: “لا توجد حاجة لتنفيذ المادة 50 على الفور. في الواقع سيكون من الحماقة فعل ذلك. الشيء الأمثل هو دراسة تقييم الموقف بعناية وأن يتشاور رئيس الوزراء مع زملائه في مجلس الوزراء والبرلمان والدول الأخرى الأعضاء”.

ولم تخرج أي دولة عضو من الاتحاد وتقدم المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، التي تحدد كيفية خروج أي دولة من التكتل، تفاصيل ضئيلة.

وكان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أعلن أن كامرون سيبقى رئيساً للوزراء على رغم تخلي البريطانيين عنه بتصويتهم مع الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال هاموند لشبكة “سكاي نيوز”: “سيطبق قرار الشعب البريطاني. كان من الواضح أنه سيستمر وسيفعل ذلك”. وكان مساعد لرئيس الوزراء البريطاني قال في وقت سابق اليوم: “نحن في منطقة مجهولة” في أعقاب الاستفتاء على عضوية الاتحاد.

وفي رد فعل أولي، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إن “الأنباء من بريطانيا مقلقة… يبدو أنه يوم حزين لأوروبا والمملكة المتحدة”. بينما علق نائب المستشارة الألمانية معقباً على الاستفتاء البريطاني في تغريدة على “تويتر”: “اللعنة. يوم مشؤوم لأوروبا”.

من جهته، قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، إن “بريطانيا اختارت أن يكون لها مسار خاص بها، وسيكون مساراً صعباً جداً”. وأضاف أنه يتوقع أن تبدأ المفاوضات سريعاً حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال مسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أحيط علماً بنتيجة الاستفتاء، والتي جاءت لصالح “الخروج”، ويعتزم أن يتحدث إلى كامرون خلال الساعات الـ 24 المقبلة.

وأضاف المسؤول قائلاً في بيان مقتضب “الرئيس أحيط علماً بالنتائج الواردة من استفتاء المملكة المتحدة وسيواصل فريق معاونيه إطلاعه على أحدث المستجدات”، وقال إن البيت الأبيض سيصدر المزيد من التعقيب “في أقرب وقت مناسب”.

في المقابل، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آرولت في تغريدة على موقع “تويتر”، إن فرنسا تشعر بالأسف لتصويت البريطانيين مع خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبي، ودعا أوروبا إلى “التحرك” من أجل “استعادة ثقة الشعوب”.

وقال آرولت في أول رد فعل فرنسي على الاستفتاء البريطاني، إن “أوروبا مستمرة لكن عليها التحرك واستعادة ثقة الشعوب. إنه أمر ملح”. وأضاف أنه “حزين من أجل المملكة المتحدة”.

من جهته، أكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في بروكسيل اليوم، أن الاتحاد الأوروبي “مصمم على الحفاظ على وحدة أعضائه الـ 27” بعد قرار بريطانيا التاريخي الخروج من الكتلة.

وقال توسك في كلمة مقتضبة “إنها لحظة تاريخية لكن من المؤكد أنها ليست لردود الفعل الهستيرية”.

من جهته، دعا رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل اليوم، إلى اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي لإعادة تأكيد التزامهم حيال الاتحاد، بينما اعتبرت رئيسة وزراء النرويج أن التكتل يجب أن يقر بأن الكثير من المواطنين في بريطانيا والاتحاد غير راضين عن الاتجاه الذي تسلكه القارة.

وقال ميشيل في تغريدة على “تويتر”: “أدعو إلى اجتماع في تموز (يوليو) لإعادة تأكيد التزامنا. علينا أن نحدد أولوياتنا ونرسم مستقبلاً جديداً لأوروبا”.

في حين قالت رئيسة وزراء النرويج إرنا سولبرغ لـ “هيئة الإذاعة والتلفزيون الوطنية” بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا من الاتحاد، “أعتقد أنهم سيستمعون إلى الإشارة التي أرسلها الناخبون البريطانيون والكثير من الناخبين الآخرين في أرجاء أوروبا ممن يشعرون أن الاتحاد الأوروبي لا يوفر حلولاً جيدة بما فيه الكفاية لتحديات الساعة”.

وعلى العكس من جيرانها السويد والدنمارك وفنلندا لم تنضم النرويج إلى الاتحاد الأوروبي، لكنها تقيم علاقات وثيقة للغاية معه وتبنت نظمه المتعلقة بالتجارة الحرة وغيرها من التشريعات الأساسية.

إلى ذلك، قال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان اليوم، إن تأييد البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي يظهر أن على بروكسيل أن تستمع لصوت الشعوب وتقدم حلولاً ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة.

وقال أوربان للإذاعة العامة إن مسألة الهجرة لعبت دوراً أساسياً في النقاش البريطاني قبل الاستفتاء الذي أجري أمس. وأضاف: “على بروكسيل أن تستمع لصوت الشعوب. هذا هو أهم درس يمكن استخلاصه من هذا القرار”.

وتابع قائلاً إن الشعب البريطاني لم يكن راضياً عن سياسات الاتحاد الأوروبي إزاء أزمة الهجرة. وأردف “لماذا توجد المجر داخل الاتحاد الأوروبي؟ توجد المجر داخل الاتحاد الأوروبي لأننا مؤمنون بوجود أوروبا قوية”.

وأضاف: “لكن أوروبا لن تكون قوية إلا إذا تمكنت من تقديم حلول لقضايا رئيسة مثل الهجرة ما يقوي أوروبا نفسها ولا يضعفها. والاتحاد الأوروبي أخفق في تقديم هذه الحلول”.

وفي شأن متصل، طالب النائب الهولندي اليميني المتطرف غيرت فيلدرز بإجراء استفتاء حول إمكان خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي. وقال فيلدروز في بيان “يحق للهولنديين إجراء استفتاء أيضاً. حزب الحرية يطالب أيضاً باستفتاء حول خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي”.

وقال فيلدرز “نريد أن نكون مسؤولين عن بلدنا وعن عملتنا وعن حدودنا بالسياسة الخاصة بنا للهجرة”، مضيفاً “إذا أصبحت رئيساً للوزراء فسيكون هناك استفتاء في هولندا”.

وأشار حزب “الحرية” في بيانه إلى استطلاع أخير للرأي أجراه التلفزيون الحكومي الهولندي يفيد أن غالبية الهولنديين يرغبون في إجراء استفتاء وأن “مزيداً من الهولنديين يفضلون الخروج من الاتحاد الأوروبي على البقاء فيه”.

وفي فرنسا، دعا حزب “الجبهة الوطنية اليميني” اليوم، إلى إجراء استفتاء على عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي بعدما صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد المؤلف من 28 دولة.

وقال نائب رئيس الحزب فلوريان فيليبو في تغريدة على “تويتر”: “حرية الشعوب تفوز دوماً في النهاية! برافو للمملكة المتحدة… الدور علينا الآن”. ودأب حزب “الجبهة الوطنية” على الدعوة إلى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وحقق نتائج جيدة في انتخابات أجريت أخيراً.

من جهتها، طالبت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبن اليوم، باستفتاء حول خروج من الاتحاد الأوروبي في فرنسا وفي دول الاتحاد.

وكتبت زعيمة “الجبهة الوطنية” في تغريدة على حسابها في “تويتر”: “انتصار الحرية! كما أطالب منذ سنوات، يجب الآن إجراء الاستفتاء نفسه في فرنسا والدول الأخرى في الاتحاد”.

في المقابل، دعا حزب “الشين فين” الواجهة السياسية لـ “الجيش الجمهوري الإرلندي” صباح اليوم (الجمعة)، إلى استفتاء حول إرلندا موحدة بعد تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، بحسب تقديرات وسائل الإعلام.

وأكد الحزب الجمهوري أن الاستفتاء حول الاتحاد الأوروبي “له عواقب هائلة على طبيعة الدولة البريطانية”، بينما صوتت إرلندا الشمالية وويلز واسكتلندا على بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد.

وأعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستارغن اليوم، أن اسكتلندا “ترى مستقبلها داخل الاتحاد الأوروبي” بعد تصويت البريطانيين المؤيد للخروج من الاتحاد.

وقالت ستارغن زعيمة “الحزب القومي الاسكتلندي”: “بانتظار النتيجة النهائية، يدل التصويت هنا (في اسكتلندا) على أن الاسكتلنديين يرون مستقبلهم داخل الاتحاد الأوروبي”.

وفي انعكاسات عملية التصويت على الشأن الاقتصادي، سجل سعر الجنيه الإسترليني تراجعاً جديداً في أسواق آسيا اليوم إلى 1.33 للدولار الواحد، وخسر بذلك أكثر من عشرة في المئة من قيمته خلال النهار مع تقدم معسكر مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء في المملكة المتحدة.

وأعلن البنك المركزي البريطاني اليوم، أنه مستعد للتحرك لضمان الاستقرار النقدي والمالي للمملكة المتحدة، ويراقب عن كثب تطور الوضع بعد قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال بنك إنكلترا إنه “سيتخذ كل الإجراءات اللازمة” لتحمل مسؤولياته وضمان الاستقرار النقدي والمالي للمملكة المتحدة، مؤكداً أنه درس مسبقاً حلولاً إنقاذية عميقة وسيعمل بشكل وثيق مع وزارة الخزانة البريطانية والمصارف المركزية الكبرى الأخرى.

وحوالى الساعة 3:45 بتوقيت غرينيتش، تراجع سعر العملة البريطانية إلى 1.3305 للدولار. وكان الجنيه سجل قبيل ذلك أدنى مستوى له منذ العام 1985، بحسب أرقام وكالة الأنباء المالية “بلومبرغ”.

من جهته، قال رئيس اتحاد المصدرين في ألمانيا إن نتيجة الاستفتاء البريطاني “كارثية لبريطانيا وأوروبا وألمانيا، وخصوصاً الاقتصاد الألماني”.

وسجلت أسهم الشركات الكبرى في بورصة طوكيو تراجعاً تجاوز نسبته 8 في المئة اليوم، ودعا وزير المال الياباني تارو آسو إلى مؤتمر صحافي عاجل مع ارتفاع سعر الين أيضاً. وبلغ سعر الدولار منتصف النهار (بالتوقيت المحلي) 99.04 ين، وهو رقم لم يسجل منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2013.

(لندن، طوكيو، واشنطن، دبي – رويترز، أ ف ب، “الحياة”)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*