اتفاق صندوق النقد اختبار للعراق
الحكمة – وكالات: وضع صندوق النقد الدولي برنامجاً هائلاً لإعادة صياغة اقتصاد العراق المتعثر.
وأصدر الصندوق يوم 14 تموز الحالي وثيقة مكونة من 34 صفحة تشكل أكثر المحاولات طموحا لإعادة صنع اقتصاد إحدى دول الشرق الأوسط. ترسم الوثيقة البرنامج الذي وافق العراق عليه لضمان قرض من الصندوق بقيمة 4،5 مليارات دولار بهدف سد الفجوة بإيرادات الحكومة الناجمة عن تراجع أسعار النفط.
وتحتوي الوثيقة أيضا على تطمينات طالب بها الدائنون الدوليون والذين سيكون عليهم توفير قروض اضافية قريبا. وتشمل هذه القروض مليار دولار كسندات حكومية تضمنها الولايات المتحدة ومليار دولار سندات يورو يتوقع اصدارها قبيل نهاية العام الحالي، ومليار دولار أخرى من البنك الدولي وأكثر من 3 مليارات دولار كقروض مشاريع.
يقول صندوق النقد: أن العراق بحاجة لاقتراض 56 مليار دولار حتى العام 2019، ويأتي هذا التقدير في قمة الديون الحالية للبلاد التي يذكر الصندوق انها بلغت 67 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، وتعادل نحو 45 بالمئة من الموازنة المتوقعة للعام الحالي.
الهدف الرئيس للاتفاق هو العجز المالي للحكومة، الذي ارتفع الى 14 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام الماضي. ومن المرجح زيادته أكثر خلال هذا العام، حيث أن أسعار النفط حتى الآن بلغ معدلها 75 بالمئة من مستواها للعام الماضي ككل.
وافقت بغداد على ضرورة خفض العجز الى 1 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2021، ويتحقق جزء من هذا الهدف عبر ارتفاع سعر النفط الذي من المتوقع وصوله مستوى 70 دولاراً للبرميل بنهاية العقد الحالي. لكن الجزء الأكبر من التسوية سيأتي عن طريق خفض النفقات والاصلاحات الحكومية.
ويشمل هذا بالنسبة للعام الحالي زيادة الضرائب وخفض رواتب الموظفين والمتقاعدين وتقليل إنفاق رأس المال والتخصيصات المالية لإقليم كردستان. ووعدت الحكومة بإنجاز 85 بالمئة من الانفاق الرئيس غير النفطي مرخص به في موازنة العام الحالي.
من المنتظر تقديم ضريبة القيمة المضافة والعمل لزيادة كفاءة 176 شركة حكومية خارج القطاع المالي توظف 550 ألف شخص، ويذكر الاتفاق مع صندوق النقد أن نصف هؤلاء فائضون عن الحاجة. يعد هذا البرنامج هائلا، ويزيد حجم التحديات التي يواجهها العراق بسبب العمليات العسكرية ضد «داعش» والتعامل مع أكثر من 4 ملايين نازح في المناطق الشمالية منذ حزيران 2014. وهرب نحو ربع مليون سوري الى العراق منذ اندلاع الحرب الأهلية هناك في 2011.
يقدم العالم مساعدة حقيقية الى بغداد لحماية الشعب العراقي من الارهاب والتهديدات الخارجية، لكنهم بحاجة للأمل على قدرتهم لتحقيق الازدهار كذلك. اذا حقق اتفاق صندوق النقد الدولي هذا الهدف فهو اتفاق ايجابي، لكن هناك تكاليف اقتصادية واجتماعية يجب سدادها قبل ذلك.
س م