الحكمة – متابعة: تحقق أمس حلمٌ تصوره كثيرون بعيد المنال، وفتحٌ جديدٌ في عالم الطيران، بعودة الطائرة الشمسية «سولار إمبلس 2» إلى نقطة انطلاقها، بعد أن أنهت رحلة حول العالم، قطعت فيها أكثر من 40 ألف كيلومتر دون التزود بنقطة وقود واحدة، لتصنع مستقبلاً جديداً في هذا المجال، يعتمد على الطاقة النظيفة.
«سلام عليكم أبوظبي.. عدنا. تحقق حلمي الذي حلمت به منذ 15 عاماً، قطعنا أكثر من 40 ألف كيلومتر، ودرنا حول العالم لمدة 16 شهراً طيراناً، في 16 مدينة، بثماني دول، بأربع قارات، بطائرة (سولار إمبلس 2) الشمسية، دون التزود بنقطة وقود واحدة. اليوم نصنع مستقبلاً جديداً في أبوظبي، يعتمد على الطاقة النظيفة».
هكذا تحدث الطيار الطبيب السويسري، بيرتراند بيكارد، مؤسس وصاحب فكرة طائرة «سولار إمبلس 2» في مطار البطين الخاص في أبوظبي، بعد هبوطه من الطائرة «سولار إمبلس 2»، التي ظلت مغلقة عليه لمدة يومين و37 دقيقة طوال رحلتها الـ17 والأخيرة من القاهرة إلى أبوظبي.
هبطت الطائرة في تمام الساعة الرابعة وخمس دقائق، وسط حضور أكثر من 250 إعلامياً في كبريات المحطات الفضائية ووكالات الأنباء والصحف العالمية، واستقبال رسمي وشعبي كبير.
وبعد انتهاء مراسم الاستقبال، بدأت فعاليات المؤتمر بفيلم تناول قصة الطائرة، وكيف تم اختراعها، وتأسيس المشروع الذي تبناه ثلاثة أشخاص، منهم طبيب وملاح جوي ورجل أعمال. واستعرض الفيلم المحطات البارزة في رحلة الطائرة، بدءاً من أبوظبي وإلى حين عودتها أمس.
وقال وزير دولة ورئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، الدكتور سلطان أحمد الجابر، إن «يوم 26 يوليو 2016 سيظل يوماً تاريخياً في تاريخ البشرية، ..، كما أن أهمية هذا اليوم تتعاظم لصناعة الطيران في العالم».
ووجه حديثه لقائدي الطائرة، قائلاً: «لقد ألهمتم العالم بروح الريّادة التي لديكم، ونقلتم هذه التكنولوجيا إلى مستويات متقدمة، وساهمتم في اكتشاف آفاق جديدة، والأهم من ذلك أنكم قد استحوذتم على اهتمام العالم، وساهمتم في نشر رسالة مهمة، رسالة المستقبل المستدام الذي سيزدهر بفضل التكنولوجيا النظيفة».
وأضاف الجابر: «عندما بدأت (سولار إمبلس 2) رحلتها من أبوظبي، تساءل الكثير هل من الممكن أن تحقق هذه الطائرة النجاح في جولتها حول العالم باستخدام الطاقة الشمسية فقط؟ واليوم، أثبتت (سولار إمبلس 2) قدرتها على ذلك، وأنه لا وجود للمستحيل، وأن الابتكار لا حدود له».
أشاد أمير موناكو، ألبير الثاني، بعبقرية وإبداع مشروع «سولار إمبلس 2»، الذي أسهم في نشر الوعي حول إمكانات الطاقة النظيفة، والدور المهم الذي لعبته إمارة أبوظبي. وقال «أنا سعيد جداً بوجودي في أبوظبي التي دعمت مشروع الطائرة، وبلا شك فإن هذا المشروع كان مغامرة، وتخوفنا منه كثيراً، لكنه حقق اليوم النجاح الكامل، واستطاعت طائرة (سولار إمبلس 2) أن تنشر رسالة الأمل إلى الناس في كل أرجاء العالم، وستسهم في دفع وتيرة الابتكار في القطاع، وتطوير الطاقة المتجددة، والتقنيات النظيفة، وتطبيقها على أرض الواقع».
وأضاف «لقد أسَرَت الصور الرائعة للطائرة مخيلة الملايين من الناس حول العالم، خصوصاً وهي تحلّق فوق معالم عالمية معروفة، مثل تمثال الحرية في نيويورك، وأهرامات مصر، وإن الإنجاز الذي حققته الطائرة ليس في المسافة التي قطعتها حول العالم، بل في الترويج للطاقة النظيفة، وبلا شك فإن التكنولوجيا الجديدة في مجال الطاقة المتجددة ستغير العالم كثيراً خلال السنوات المقبلة، وإنني سأروي لأولادي هذا الإنجاز الذي دعمته وشجعته، وأنا مستمر في دعم الطائرة، وعلينا أن نواصل المسيرة، ولا نكتفي بالأحلام فقط، بل نتمكن من تغيير المستقبل، وهذا في أيدينا».
وألقت نائبة رئيس الاتحاد السويسري، دوريس ليوتار، كلمة، ذكرت فيها أن هبوط الطائرة في مطار البطين يوم مميز في تاريخ البشرية، وقد دخلت الطائرة وأبوظبي التاريخ من أوسع أبوابه، وأن النجاح الذي حققته الطائرة يشكل بارقة أمل للعالم، الذي عاش خلال الأسابيع الماضية حالات يأس.
وأكدت على أن «الشجاعة والابتكار والمعرفة هي الكلمات التي سيتردد صداها إلى الأبد في سويسرا هذا العام، فعقب احتفالنا بتدشين نفق جوتهارد، أطول وأعمق نفق في العالم، أثبتت (سولار إمبلس 2) للعالم أنه من خلال الاستثمار في التعليم والطاقات المستدامة، يمكن أن تصبح كل أحلامنا حقيقة، وقد تبين هذا بوضوح من خلال الدور الفعال الذي لعبته الجامعات السويسرية في هذه المغامرة، ومن أبرزها مدرسة البوليتكنيك الفيدرالية في لوزان».