أربعة أطفال قتل داعش والدهم واثنين من إخوتهم والفقر قتل أختهم والجوع يتهددهم وأمهم

360

432النجف الأشرف – الحكمة: أربعة أطفال رسم الحزن على وجوههم وشماً لا يمكن محوه، وكتب على جبينهم اليتم وفقد الإخوة، وفرض عليهم أن يروا موت والدهم وإخوتهم نصب أعينهم. فرض عليهم أن يروا مشاهد الرعب ويعيشونها لحظة بلحظة، ففي يوم 20/7/2014 دخلت عليهم عصابات داعش كما الأشباح في قصص الأطفال أخذوا يختطفون الفتيات من بين أهليهم وما أقساه من مشهدٍ على ذوي الغيرة والشهامة!! وأخذوا يقتلون الرجال مما دعا هذه العائلة المتكونة من سيدة حبلى وستة من أبنائها وزوجها الضعيف على حد قول السيدة ” و. أ ” التي لم تتوقف عن البكاء طيلة حديثها عن واقعة الهروب الى حمل أنفسهم والهرب من مدينة الموصل في ذلك اليوم العصيب وبعد رحلة الهرب التي استمرت أسبوعا والتي لم يعرفوا خلالها طعم الأمان صادفتهم دوريَّةً كانوا يظنون انها للجيش العراقي إلا انها كانت لرجال يرتدون اللباس “القندهاري” الذي أصبح ملازمة من ملازمات الجهل والتخلف والتعصب والوحشية باسم الاسلام، ويحملون الأسلحة ولهم من اللحى ما يصل حدَّ بطونهم، وبدأوا يصرخون بوجوههم وينعتونهم “بالرافضة”.

تقول السيدة “و.أ” :”استولت هذه العصابة من قطاع الطرق على ولدي مصطفى وأخذت تنهال عليه بالضرب بأعقاب البنادق والاسلحة ما جعله يستغيث بي وأنا لا حول لي ولا قوة ولكم ان تتصورا أماً عاجزة عن حماية ابنها ، وأنا أرى انهم قد هشموا رأسه من فرط ضربهم له بالأسلحة ، وأما ولدي مراد فقد خضبوا الأرض بدمائه وأدموه حد الموت أمام ناظري وناظر أبيه وزوجه ؟؟  وأما زوجي فقد كان رجلاً نحيلاً، أشبعوه صفعاً على وجهه ومن ثم قتلوه ، لم أجد ما أدفع به عن ولدي وزوجي إلا الصراخ لكنهم لم يدعوني أطفئ جمر اللوعة بالنحيب والصراخ على ما كنت قد رأيته من وحشية الانسان على أخيه الانسان، وكاد قلبي يقف لحظتها.. ماذا عساي أن أفعل ؟؟ حائرة ما بين القتلى من عائلتي وما بين من نجا منهم من قبضة الموت ؟؟ هربت برفقة أطفالي الأربعة المتبقين وأنا أجرُّ بأذيالي وأطفالي الأربعة وخامسهم في بطني لينتهي الكابوس بخسارتي لولدي وزوجي وليبدأ كابوس آخر ما أظنه سوف ينتهي يوماً !!

لجأت الى مدينة النجف الأشرف وتشردت بما لا يمكن لبشر أن يتحمله من تشرد.. تضورت وأطفالي جوعاً وولدت لي طفلة مصابة بعجزٍ في قلبها ربما كان من الأحرى أن يصاب قلبي أنا بالعجز عوضاً عنها !! ولأنني لا أجد ما أطعم به أولادي فلم أستطع علاجها وقد توفيت بعد سنة ونصف سنة كانت شاقةً جداً عليّ وانتهت مرحلة من حياتي خسرت فيها جزءاً من روحي وبدني ..

أما عمار ذو الستة أعوام بعينيه المتحفزتين. عند سؤاله عن أي شيء يريد فهو وعلى الرغم من جوعه ونومه على الحصيرة البالية التي وجدوها مرمية في الشارع وعلى الرغم من قلقه خلال هذا النوم لأنه وجد ذات يوم عقربا أسود كبيرا بالقرب منه عندما استيقظ وعلى الرغم من ملابسه البالية التي بالكاد تستر جسده النحيل كما لو ان نقار الخشب قد استمتع كثيراً بتثقيبها إلا أنه لا ينفك عن ذكر أبيه ويردد يومياً هذا السؤال الذي يدمرني ويصدع جبهتي :” أين ذهب أبي وإخوتي؟؟؟؟؟”إخوتي إخوتي..

وأما قاسم ذو التسعة أعوام ترك المدرسة وصار يخرج من الصباح الباكر ولا يعود إلا عندما يرخي الليل سدوله جالباً معه ثلاثة آلاف دينار علَّها تنفع والدته وإخوته فهو رجل البيت الآن!!!

ومهدي ذو السبعة أعوام وكأن للدنيا معه ثأرٌ فهي لم تكتف بأخذ والده وإخوته ولم تكتف بتشريده وتجويعه بل تعدت الحدود ليتعرض لحادث سيارة خلع له كتفه وجرح رأسه وهو وعلى الرغم من تجبير كتفه لأربع مرات إلا أنها لم تشف لحد الآن .

سندس ذات الأربعة عشرة عاما .. شاهدت ما جعلها تشيب قبل المشيب وهي في غيبوبة عن الدنيا ولا تعرف معنى لحياتها بعد هذه المصيبة التي ألمت بعائلتها ولا تعرف متى تصحو منها.

تعيش هذه العائلة في بيت مجرد من كل شيء في منطقة (أبو صخير) جنوب النجف الأشرف تدفع لمالكه مائة وخمسين ألف دينار شهرياً تجمعها مما تجود به بعض أكف الخير عليها ومن كد ولدها الذي تخلى عن طفولته وحلم الدراسة، لا يسليهم في هذا المنزل المتداعي إلا الجرذان والأفاعي والعقارب لدرجة ان والدتهم تسهر ليلها تضيء حولهم بهاتفها لئلا يلسعهم شيء.

حملت هذه السيدة نفسها وجاءت تستغيث بمؤسسة اليتيم الخيرية التي شملتها ببرنامج الرواتب الشهرية والسلة الغذائية وكسوة الأيتام، والمؤسسة بدورها تناشد المؤمنين لأن يتعاضدوا لجبر ما كسرته الأيام في حياة هذه الأرملة التي تضع انسانيتنا جميعاً على المحك وتنتظر منا أن نشعر بما تعانيه . إنها عائلة تدَّعي العيش لكنها تعيش الموت !!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*