تجارة المنازل في بغداد تشهد ركودًا غير مسبوق
يؤكد موظفون وتجار في سوق العقار العراقي، أنَّ حالة ركود غير مسبوقة تسود أعمال بيع وشراء المنازل والمساكن، منذ تدهور الوضع الأمني في الشهرين الماضيين في العاصمة بغداد .
فيما أكد مواطنون أنّهم لا يشترون أو يستأجرون في مناطق مختلطة طائفياً، بسبب مخاوف من عودة أجواء حربِ عامي 2006 و2007.
ويقول سماسرة، كانوا حتى العام 2007 عاطلين عن العمل من جراء أعمال القتل الطائفي، إنَّ “أسعار العقارات في بعض مناطق بغداد تضاعفت بعد العام 2009، والكثير من الممتلكات تباع أو تؤجر بمجرد أن تعرض في السوق”.
وقال عادل البغدادي، صاحب مكتب دلالية في منطقة المنصور، إنَّ “هناك ركوداً كبيراً في سوق العقارات مع انخفاض طفيف في الاسعار”.
وأكد البغدادي، ، أنَّ “رؤوس الأموال والقروض الحكوميّة الاسكانيّة مثل قروض المائة راتب أو قروض الاسكان الأخرى هي المحرك الرئيس لسوق العقار في العراق”، مشيراً إلى أنَّ “قروض الحكومة توقفت بعد توزيعها على عددٍ محدود من الموظفين، لتعلن بعد ذلك وزارة المالية إخلاءِ صناديق الإقراض من الاموال”.
وأضاف “سفّرت رؤوس أموال إلى الخارج، لا سيما إلى عمان ودبي وبيروت بعد سوء الأوضاع الامنيّة، أخيراً”.
ومنذ إطلاق حكومة نوري المالكي برنامج المصالحة الوطنية، حثّت الملايين من العراقيين على العودة إلى ديارهم، بل أنّها في بعض الأحيان تقوم برعاية رحلات لإعادتهم بعد تراجع العنف إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات خلال الشهور الماضيّة.
لكن، ملف الإسكان كان ولا يزال معضلةً كبيرةً، خصوصاً لضحايا التهجير والعنف الطائفيين.
وأوضح البغدادي أنَّ “صاحب رأس المال يقوم ببيع أراضٍ لشراء عمارات سكنيّة، يكون حجمها ومساحتها متوقفاً على القدرة الشرائيّة، فيما هناك مستثمرون يشترون منازل سكنية لتأجيرها للشركات الاجنبيّة”.
وتابع “لكن الشركات الأجنبية قلصت حضورها في العراق وما عادت بحاجة إلى منازل سكنية أو مساحات شاسعة لمخازنها ومكائنها وعمالها، واقتصرت على مكاتب استيراد وتصدير، وهذا أسهم في عزوف المستثمر المحلي من الاستمرار بشراء العقار”.
وأضاف البغدادي أنَّ “أسعار المنازل تختلف بحسب البناء والمنطقة والخدمات المحاطة بالمنطقة، لكن الاسعار القياسية بالنسبة للمنازل في شارع 14 رمضان كانت تصل إلى 2500 دولار للمتر الواحد، في حين تصل العروض خلال الشهرين الماضيين إلى 2100 دولار، ولا يوجد طلب عليها”.
ويقول رجال أعمال وسماسرة أنَّ “سعر المتر المربع من البناء في بغداد، في العام 2009، وصل إلى نحو 1000 دولار”.
وزاد البغدادي “هناك عرض كبير وطلب قليل في السوق، وهذا يؤدي إلى انخفاض أسعار سوق العقار بشكلٍ كبير”.
إلى ذلك، قال عمران ياسر، الذي اشترى منزلاً في اربيل، عاصمة اقليم كردستان، ، إنّه “من الصعب أنَّ يسكن السُنّي في منطقة شيعيّة، أو أن يسكن الشيعي في منطقة سُنّية، حتى لو كان الوضع الأمني مستقراً، فإن أبناءَ الطائفتين دخلوا في عزلةٍ تأثر بها سوق العقار، في داخل بغداد”.
وتابع “البغداديون يؤجرون المنازل بمواصفات طائفية.
ولكن السماسرة يقولون إنَّ “الدوافع وراء العديد من صفقات العقارات تلقي بظلالها على جهود المصالحة بين الشيعة العرب والسنة الذين تعد رغبتهم في العيش في جيوب طائفية منعزلة دافعا قويا وراء انتعاش سوق العقارات”. بدوره، قال حيدر عبيد، الموظف في دائرة التسجيل العقاري (الطابو) في البياع، ، إنَّ “سوق العقار يمر بحالة ركود عجيبة، تذكّر بسنوات العنف الطائفي، ولم تحدث منذ سقوط النظام في 2003″.
وأضاف عبيد أنَّه “في سنوات 2003 وحتى 2006 كانت هناك حركة جيدة في سوف العقار بسبب دخول شركات أجنبية وافتتاح وسائل إعلام وشركات ومحال تجارية، فضلا عن بيع العديد من الموطنين دورهم سواء لشراء دور اخرى في بغداد أو لسفرهم خارج العراق، أو استثمارها في دول الجوار”.
وتابع عبيد “في عام 2007 إلى 2012 كان هناك تحسن معيشي أسهم في تحريك سوق العقار، إضافة إلى دخول مستثمرين ورؤوس اموال عراقية واجنبية”.
واكد عبيد أنَّ “دائرة العقاري كانت تروج ما لا يقل عن 70 معاملة يومياً، والان لا تكاد تصل إلى نحو 12 معاملة في اليوم، حتى أن ذلك اثر على عمل المعقبين والدلالين وغيرهم ممن يشتغلون في سوق العقار”.
إلى ذلك، أكد مازن العبودي، الخبير في سوق العقار والاسكان، أن “أسباباً كثيرةً أدت إلى ركود سوق العقار، أهمها الوضع الامني الذي يدفع بشكل متسارع باتجاه هجرة الاموال خارج العراق، إلى جانب أن المؤسسة الحكومية لم تبادر إلى انشاء المجمعات السكنية منذ العام 2003″، مشيراً إلى أنَّ “وجود المشاريع الاسكانية في العراق ضروري لخلق نوع من التوازن في الاسعار”.
وأضاف العبودي أنَّ “سوق العقار لم يتحسن ولن يصل إلى الاسعار الحقيقية التي يستحقها العقارات في العراق اذا لم يدخل الاستثمار بشكل رئيس في قطاع الاسكان سواء كان خاصا ام عاما”. وأوضح العبودي أن “حاجة العراق تصل إلى 3.5 مليون وحدة سكنية، ما يعني أن حجم العمل الذي شهده العراق منذ 2003 حتى الان لا يشكل سوى 1 بالألف من الحاجة الفعلية”. وشدد العبودي على أنَّ “مشكلة السكن لن تحل، ولن تستقر اسعار سوق العقار، وحالة الركود ستستمر في حال ظلّت احالة الأمنية المتردية على وضعها الراهن .
أخبار العراق