خطيب جمعة كربلاء: لا يحصل الفقراء وغير المنتمين لأحزاب السلطة على حقوقهم إلا بالرشوة والانتماء السياسي
الحكمة – متابعات: كشفت المرجعية الدينية العليا عمن بيدهم تطبيق القانون ومن يجلس منهم في مواقع القضاء والسلطة والحكم ، من مراعاة للسارق ـــ اذا كان من طبقتهم وله موقع اجتماعي او ديني او عشائري او اقتصادي او سياسي او له سطوة حزب او جماعة مسلحة ـــ وجعله فوق القانون ! في وقت لا يراعون فيه الضعيف ولا يخشونه لعدم امتلاكه أية سطوة ، وبالتالي فأنهم يطبقون عليه القانون ويعاقبونه.
كما طالبت المرجعية الدينية العليا من خلال ممثلها وإمام جمعتها في كربلاء المقدسة بأن لا يُمّيز في مورد الأحكام القضائية بين من هو حزبي عمن هو غير حزبي ، ولا منتميا لجماعة مسلحة عمن غير منتم إليها ، ولا محسوباً على تيار او حزب سياسي عمن غير محسوب عليهما ، لأن الأصل في ذلك قرآنيا بخصوص ضرورة إنزال العدل حتى بحق الأقربين (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ )) .
وطالب إمام جمعة كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي أقيمت بإمامته في الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة 22 ذي القعدة 1437هـ الموافق 26 آب 2016 م ، طالب بضرورة أن نعيش ” المبدأ الاسلامي القانوني القاضي بتطبيق العدل مع الجميع ” معتبرا ذلك ” حماية للمجتمع والدولة معاً ” .
وأستنكر سماحته ما يصنعه الكثيرون منا بمطالبتهم بالعدل من الآخرين ولعن الظالمين ؛ إلا أنهم لا يعدلون مع الآخرين من أبناء مجتمعهم ولا مع زوجاتهم وأولادهم ” معتبرا أن هؤلاء الناس الأشد خطرا ، ومنهم الحكام ، في عدم عدلهم مع رعيتهم ” بعد أو وظّف المأثور العصموي عن صادق اهل البيت عليه السلام حين قال لبعض أصحابه : ” واعدلوا فأنكم تعيبون على قوم لا يعدلون ” ، ليدعم حديثه بعد ذلك بما قاله أمير المؤمنين عليه السلام : ” والله لو ان الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ” ؛ كمعيار مهم في ” أن الحق والعدل يجب ان لا يفرق فيه بين الناس ولا يميز حتى أبناء الحاكم والمنسوبين اليه بل هم أولى من غيرهم بتطبيق القانون عليهم ” .
وفي محور أخر ـــ غير القضاء ـــ أشار الكربلائي الى أن المفروض ان يؤدي الحاكمون حقوق المحكومين ” دون أي مقابل ” كون ذلك من واجباتهم ، الا أن الحاصل هو أن اصحاب الحقوق يضطرون لدفع الرشاوى في سبيل تحصيل حقوقهم او أنهم يضطرون لمجاراة الحاكم في سياسته كخدمته أو الانتماء لحزبه وجماعته كي يتمكنوا من تحصيل حقوقهم .
وقد اعتبر إمام جمعة كربلاء المقدسة أن شواهد زمننا هذا كثيرة بخصوص ذلك ؛ حتى أن الأمر بات ” ثابتا ” فيمن يريد ان يحصل على تعيين في الدوائر الحكومية من خلال دفعه للمال رغم أن ذلك حقا له بموجب القانون ، إلا أنه ” لا يجد بداً من ان يدفع مبلغاً بمئات الآلاف او بالملايين حتى يتعين ” ، حيث اعتبر ذلك ” أنموذج من منع الحاكم الناس حقوقهم فيضطرون الى شرائها بالرشا ” .
وقال الكربلائي ـــ بتعجب وامتعاض ـــ : ” أي فساد هذا ؟ ان يشترى الحق بالمال رغم أنه حق فرضه القانون ” ، حتى أصبح طريق الحصول على الحق بالرشوة او الانتماء السياسي هو الطريق الذي لا محيد عنه بالنسبة للفقراء والبسطاء من الناس الذين لا ينتمون لخط أحزاب السلطة وأصحابها ؛ وليسوا من المقربين لهم سياسيا او عشائريا او مناطقيا او غير ذلك .
وفي إشارة منه لما شهدته المحاكم العراقية مؤخرا من تباين وتناقض ومحاباة في أحكامها القضائية حسب مستوى المُحاكَم ، قال الشيخ الكربلائي: ” نلاحظ في أيامنا هذه ؛ استشراءً للفساد ، فضلا عن تواطؤ على غض النظر والسكوت عما يمارسه ” اصحاب الجاه والسلطة ” من سرقة ، في وقت نرى فيه إنزال العقوبات الشديدة على صغار السّراق والمختلسين وترك الكبار منهم يسرحون وينهبون كيفما يحلو لهم ” ، معتبرا ان ما يبيد الأمم ويدثرها ويجعل المجتمعات تفقد قوامها وتوازنها و يفشي الجريمة فيها وينتهك القانون ويشيع الفوضى والاضطراب والدمار هو تفرّقتها في تطبيق القانون بين الناس من خلال جعل ” الشريف ” والرفيع فوق القانون وباقي الناس تحت طائلته ! في وقت يستلزم أن يكون الأصل فيه هو تحقيق العدالة بين الناس حتى يأخذ كل ذي حق حقه ويعاقب الشخص الذي ينحرف عن خط العدل ويتخلف عن القانون مهما كان موقعه وصفته في المجتمع.
(المصدر: العتبة الحسينية المقدسة)