الغابات الاستوائية الجافة “عرضة للخطر”
الحكمة – متابعة: حذر باحثون من أن الغابات الاستوائية الجافة من بين المعالم الطبيعية المعرضة للتهديد على الأرض، لكنها بالرغم من ذلك تعاني تجاهلا من العلماء ونشطاء البيئة.
وأفادت الدراسة بأنه بالرغم من أن الغابات الاستوائية الجافة هي موطن لأنواع كثيرة من الأحياء لا توجد في أماكن أخرى من العالم، فإن عددا قليلا من هذه الغابات فقط يحظى بالحماية.
ويمثل مدى هذه المناطق البيولوجية المهمة 10 في المئة فقط من امتدادها التاريخي، إذ أن التربة الخصبة للمناطق الإحيائية تجعلها مكانا مثالية لزراعة المحاصيل النقدية.
ونُشرت نتائج الدراسة في دورية “ساينس” العلمية.
وهذه المعالم الطبيعية، التي تتميز بتربتها الخصبة ومناخها الملائم، جرى استغلالها من قبل الحضارات المتقدمة ما قبل كولومبوس، مثل حضارة الأنكا. ووفرت هذه الغابات أراض ثمينة قابلة للزراعة وكانت مصدرا لمحاصيل غذائية مهمة مثل الذرة والطماطم والفاصوليا والفول السوداني.
وقال معدو الدراسة إن “الغابة الاستوائية الجديدة الموسمية الجافة (أمريكا الجنوبية والوسطى) هي منطقة إحيائية (وهي منطقة طبيعية شاسعة من النباتات والحيوانات) وتتمتع بتوزيع واسع ومجزأ وتوجد من المكسيك إلى الأرجنتين وفي جميع أنحاء منطقة البحر الكاريبي”.
وعرّف فريق “شبكة دراسة نباتات الغابات الموسمية الجافة لمنطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي (DryFlor)، ومقره في الحديقة النباتية الملكية في ادنبره باسكتلندا، الغابة الجافة بأنها تحتوي على مظلة مغلقة “لتمييزها عن غابات السافانا المفتوحة والغنية بالعشب”.
ومن خلال الاستعانة بأكثر من 1600 قائمة من أنواع الأحياء وجدت في هذه المناطق، أشار العلماء إلى أن هذه المعالم الطبيعية تحتوي على “6958 نوعا مذهلا من نباتات الغابات”، العديد منها لا يوجد في أماكن أخرى من العالم.
وبالرغم من الأهمية الحيوية والجينية لهذه الأنواع، فإن معظم الغابات الجافة لم تحظ بالحماية.
ورأى العلماء أنه “في ظل أنماط المناخ التي من المحتمل أكثر دفئا في المناطق الاستوائية، فإن الحفاظ على أنواع الغابات الجافة الفريدة والتي يمكنها التكيف مع الحرارة والجفاف يجب أن تحظى بأولوية عالمية”.

وأوضح توبي بيننغتون، رئيس وحدة التنوع الاستوائي في الحديقة النباتية الملكية في ادنبره باسكتلندا، والذي شارك في إعداد الدراسة أنه جرى تجاهل الغابات الجافة في أغلب الأحيان لصالح الغابات المطيرة الأكثر جذبا.
وقال لبي بي سي: “إذا ذهبت إلى هذه المنطقة الصغيرة للغابة المطيرة، فإن هناك تنوعا مذهلا وهذه (المناطق) تتمتع بامتداد طبيعي كبير ربما لا يوجد في الغابات الجافة”.
وأضاف: “منذ فترة طويلة جدا حينما توجه أول المكتشفين البيولوجيين للمنطقة، كان هناك اهتمام بهذه المنطقة والمناطق الإحيائية الأكثر جفافا والتي كادت أن تُصبح في طي النسيان”.
وتابع: “أعتقد أن الغابات الاستوائية الجافة عانت أيضا لأنها كانت مُدمرة بالفعل، على الأقل في مناطق بأمريكا اللاتينية ما قبل الفتح. وهذه هي المناطق التي بدأت فيها حضارة (ما قبل كولومبوس)”.
ولعبت الظروف والمعالم الطبيعية التي وفرتها الغابات المطيرة الجديدة في أمريكا اللاتينية والوسطى دورا حيويا في ظهور العديد من الحضارات ما قبل كولومبوس، ويمكن مقارنتها بشكل مباشر بالهلال الخصب في منطقة الشرق الأوسط، والتي يُعرف بأنه مهد الحضارة.
وساعدت الأرض الخصبة وتدجين أنواع من محاصيل الأغذية البرية للقبائل البدوية، والتي كانت تضطر سابقا لمتابعة المواسم ومحاصيلها، في الاستقرار فيها وتأسيس أول البلدات والمدن.
وحدد البروفيسور بيننغتون عاملا آخر ساهم على الأرجح في عدم توفير الحماية الكافية لهذه الغابات، وهو التجزئة.
وقال: “إنها ليست مثل (غابات) الأمازون الموجودة في كتلة واحدة ضخمة، (لكن) الغابات الجافة منتشرة من المكسيك على طول الطريق جنوبا حتى الأرجنتين، لكن لديها اسم مختلف عن الاسم المعروفة به في الأرجنتين أو البرازيل، ولذا تكون هناك مشكلة بالفعل إذا كان البعض لا يدرك بالفعل أن بلاده تضم جزءا من هذا النظام القاري، وهذا يعني أن كل التركيز كان على المستوى الوطني”.
وأوضح: “جزء مما كنا نحاول فعله (من خلال شبكة Dry Flor) هو أن نمنح (هذه الغابات) تركيزا على المستوى القاري. وهذا الأمر مهم جدا لأن حينها على سبيل المثال يدرك صانع القرار في بيرو أن لديه معلما طبيعيا (الغابات الجافة) يتمتع باهتمام عالمي أكثر من مجرد النظر إليها من وجهة نظر وطنية”.
وأعرب عن أمله في أن تساعد نتائج الدراسة التي نُشرت في دورية “ساينس” في زيادة الوعي بشأن المعضلة التي تواجه الغابات الجافة بين الأوساط العلمية والسياسية.
