الحكمة – متابعة: وجهت منظمة العفو الدولية اتهامات لحكومة المجر بشأن إساءة معاملة طالبي اللجوء الذين يتعرضون هناك لسوء المعاملة بشكل منتظم. ويُذكر أن المجر ترفض استقبال لاجئين إليها خصوصا المسلمين منهم وتفضل استقبال الأثرياء فقط.
يشعر الأجنبي الذي يحاول هذه الأيام الانتقال على متن سيارة أجرة من مطار بودابست إلى وسط المدينة بأجواء غير مرحبة به: على جانب الطريق هناك ملصقات كبيرة تخبره عن مواقف رفض اللاجئين في البلاد. المجر نظمت يوم الأحد المنصرم استفتاء شعبيا بهدف رفض الخطة الأوروبية لتوزيع عبء اللاجئين بين الدول الأوروبية، إلا أن هذا الاستفتاء بات لاغيا، حيث لم تتوفر فيه نسبة المشاركة الأدنى بخمسين في المائة. الملصقات المعادية للاجئين تعكس أيضا الأجواء التي تروج لها حكومة رئيس الوزراء فيكتور أوربان والتي تريد فقط استقبال أجانب أثرياء بقدرة شرائية قوية، كما يظهر في إعلان موقع إلكتروني للحكومة مفاده أن المصاريف المطلوبة تتعلق بتأشيرة طويلة الأمد، تمكن من السفر في كافة منطقة شينغن الأوروبية.
رخصة الإقامة مقابل قرض حكومي
بعد وصولهم إلى بودابست يتم إرسال الأجانب المعنيين برخصة الإقامة في المجر إلى أحد المكاتب الحكومية الستة للحصول على قرض حكومي. فالزبون يدفع ـ بما فيها رسوم الوساطة ـ نحو 360.000 يورو كقرض حكومي بقيمة 300.000 يورو لمدة خمس سنوات. وبعد انتهاء هذه المدة يحصل الزبون من جديد على القيمة الكاملة لذلك القرض. إنها أرخص تكلفة لاقتناء رخصة إقامة أوروبية في المجر. وقد سُجل حتى الآن إقبال عائلات من مصر والجزائر وإيران والأردن وتركيا على هذا “العرض”.
تجارة مربحة
يشهد برنامج القروض الحكومية إقبالا متزايدا. فوزير الداخلية المجري ساندور بينتر ـ الذي أمر بتشييد أسلاك حدودية مع صربيا وسلوفينيا لمنع مرور اللاجئين ـ أوضح مؤخرا أن 18.000 شخص حصلوا على رخصة إقامة من خلال هذا البرنامج القائم منذ 2013 والذي جلب للدولة 1.1 مليار يورو. الصفقة مربحة ولا شك. فقط في آب أغسطس 2016 وحده تم صرف 798 قرضا حكوميا، غالبية المستفيدين من الصين.
وسبق أن أثير اسم راحل بنت رئيس الوزراء المجري عند الحديث عن برنامج القروض الحكومية هذه. ويبدو أن راحل التقت مع القنصل الشرفي للمجر في البحرين، حيث إن الموقع الالكتروني لبرنامج القروض مسجل باسم هذا القنصل. وذكر أحد المواقع الإخبارية الالكترونية أن الاجتماع الذي شارك فيه أيضا وزير بحريني تناول “كيفية التعاون الثنائي واستفادة اقتصادي البلدين منه”. وعندما نُشر هذا الخبر قالت راحل أوربان إن إقامتها في البحرين كانت بهدف سياحي، معتبرة أن كل الادعاءات الأخرى هي أكاذيب فقط “.
“مواقف مزدوجة”
“الغني جيد، والفقير سيء”، هكذا تلخص مارتا باردافي الناشطة في قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان من لجنة هلسنكي المجرية الوضع السائد في المجر بشأن المهاجرين. “بل أكثر من ذلك، فالفقراء يجب التعامل معهم بشكل مؤلم جدا. وقد أمكن ملاحظة ازدواجية كبيرة في المواقف، لاسيما أثناء حملة الاستفتاء، كما قالت باردافي التي اعتبرت أن “المسلمين يتم تقديمهم كإرهابيين مفترضين وغير قادرين على أي اندماج”.
هذه التناقضات ليست جديدة على رئيس الوزراء فيكتور أوربان نفسه. فخلال اشتداد أزمة اللاجئين برز في صورة معينة عندما صرح أن المجريين “لهم الحق في اختيار من يريدون العيش معهم”. ومن جانب آخر جاءت تصريحاته جد إيجابية عن الإسلام عندما أوضح أمام وفد مصرفيين عرب أن الإسلام له “بنيان روحي وفكري عظيم”، مضيفا أن الناس المنحدرين من بلدان إسلامية لا يشكلون “تهديدا، بل ممثلين لثقافة عالية”.
مافيا الجوازات
القروض الحكومية ليست هي الوسيلة السريعة الوحيدة للإقامة في المجر، بل إن بيع جوازات سفر مجرية لمواطنين من بلدان مجاورة عرف أيضا انتعاشا في السابق. فموقع “إنديكس” الإخباري كشف عن “مافيا جوازات” حقيقية. وهناك موظفون ومحامون فاسدون يتجرون بجوازات سفر مجرية من خلال ببيعها للروس وللأوكرانيين مقابل 10.000 يورو للجواز الواحد. واعترف أحد الموظفين بأنه أصدر جواز سفر بدون اجتياز الاختبار اللغوي لطالبه مقابل الحصول على 1000 يورو. وقد اشتكى أحد الصحفيين المجريين من أن جواز السفر المجري يفقد باستمرار من قيمته، لأنه بوسع كل من يملك مالا كافيا أن يقتنيه. وهذه الشكوى تتطابق مع ما قاله أحد المروجين لبرنامج القروض الحكومية لأحد المشترين: “إذا كان لديك ما يكفي من المال، فأنت شخص مهم”.