مدارس بلا كتب وطلبة يلجؤون إلى الإنترنت

400

6الحكمة – متابعة: وسط الزحام على المكتبات في شارع المتنبي يقف أمير نجم باحثا عن كتب منهجية لابنته التي لم توفرها المدرسة ليتفاجأ بوجود جميع الكتب ولكل المراحل، بضمنها المناهج التي تم تغييرها!!، متسائلا: كيف وصلت هذه الكتب الى الاسواق ولم تصل الى مخازن المدارس؟ أين مجانية التعليم التي تتحدث عنها الوزارة؟، فها نحن قد جهزنا الملابس والدفاتر والقرطاسية ونلبي جميع طلبات المدرسة ولم تصل حتى الآن الكتب والقرطاسية التي وعدت بها الوزارة وهي أصلا من ضمن واجباتها.  ويضيف: «حتى بعد أن رضخنا للأمر الواقع بشراء المناهج من السوق نتفاجأ أن بيعها يتم بالخفاء بعد وصول أنباء عن جمع الكتب من المكتبات من قبل الوزارة اثر احتجاج الطلبة وأولياء الأمور على بيعها في الأسواق وعدم وصولها الى الطلبة في المدارس، ليصل سعر الكتاب الواحد الى 15 ألف دينار».

 ويتابع: «الكثير قبلنا ممن جاؤوا لشراء المناهج تراجعوا متحسرين بعد أن تفاجؤوا بالأسعار، فلا يملكون ما يكفي من الأموال لتوفير الكتب لأولادهم» مبينا: «لم نعترض على قرار الوزارة الذي اتبعته منذ العام الماضي باعتماد 50 بالمئة من الكتب ذات الطبعة الجديدة والقسم الآخر تعتمد به على ما متوفر في مخازن المدرسة من الكتب القديمة، لكن المشكلة انه حتى هذه النسبة لم يحصل عليها أولادنا».

 ويرى حسين قاسم – صاحب مكتبة وكان يعمل في السابق طباعا في إحدى المطابع- أن الوضع الاقتصادي للبلد يفرض علينا أن نحتفظ بأموالنا داخل البلد، فكان الأجدى بوزارة التربية أن تتعاقد مع مطابع عراقية لطبع المناهج لا أن تلجأ الى مطابع خارجية لم تفِ بعقودها معهم وتسلمهم المناهج في الوقت المحدد، فالتكاليف التي تدفع في فرق العملة والنقل تستفيد منها الوزارة.

تغيير مناهج

وأبدت رسل طلال – وهي أم لتلميذين- استياءها من وزارة التربية التي تلقي اللوم على نقص ميزانيتها وبالوقت نفسه تقوم بتغيير المناهج سنويا والذي يتطلب طبع أخرى جديدة، كان الأجدى أن تلتزم بالمناهج التي غيرتها لأكثر من مرة وتطبع وفق الحاجة.

 وتضيف: طالبت بعض المعلمات بشراء الكتب لاكمال المنهج، علما أن المدرسة لم توفر قرطاسية فتكفل أولياء الأمور بتوفير الدفاتر والأقلام وما شابه، في حين أن الدول التي تحترم أبناءها تحرص حكوماتها على توفير كل الخدمات الصغيرة والكبيرة، وتخطط  للعام الدراسي الجديد بعد انتهاء امتحانات العام الماضي، فتجرد أعدادهم واحتياجاتهم والمدارس المطلوب بناءها او ترميمها، و تهيئ المناهج الدراسية وكتبها المطلوبة وفق كل مادة وبكمية كافية وتزيد بأعدادها.

 أما المعلمة سوسن عبد الامير فتقول: لم نشهد حالا أسوأ مما نمر به هذا العام، فبعد أن كنا نوزع الكتب بين الطلبة قبل بدء العام الدراسي في السنوات الماضية ونبدأ بالدراسة منذ اليوم الاول، ها نحن حتى اليوم نضطر ان نكتب المادة على السبورة وينقلها الطلبة في الدفتر ليدرسوا، وهذا يشكل عبئا على المعلم والطالب، نتمنى من الوزارة أن تتخذ جميع التدابير لحل هذه الأزمة، فقد بدأنا بامتحانات الشهر الأول ولم تكتمل الكتب وهذا مصير طلبة!

الانترنت بديلا

ارتسمت ملامح الحزن على وجه الطالبة مينة أسعد في الصف الأول متوسط وأنا أسألها عن الكتب التي تسلمتها من المدرسة، فقالت: «كنت سعيدة للغاية وأنا أنتظر بدء العام الدراسي الجديد فقد انتقلت الى المرحلة المتوسطة، ولكن تفاجأت  بالكتب التي قاموا بتسليمها لي، فهي ممزقة تماما وتالفة ولا تصلح للدراسة وينقص منها الكثير من المواضيع، حيث اضطررت اليوم أن استعير الكتب من صديقاتي في المنطقة وقمت بتصوير المواضيع في جهاز (الموبايل) كي أتمكن من تحضيرها ليوم غـــد، لأنها طلبت مني كواجب بيتي وهي غير موجودة بكتبي، وهناك أخريات من زميلاتي اضطررن أن يعتمدن تنزيل المواد الدراسية من الانترنت لدراستها، وحصصنا من الكتب تباع في شارع المتنبي».

 وعلى عكس ما يحصل في المكتبات التي اغتنمت فرصة شح الكتب المنهجية وباتت تبيعها في السوق السوداء جشعا وطمعا في كسب المال هناك مكتبات تبنت استنساخ الكتب وبيعها بأسعار رمزية حرصا منها على مستقبل الطلبة ودعما منها للعوائل التي لا تتمكن من تحمل تكاليف فوق طاقتها، وهذا مايعمل به أحمد رافد صاحب مكتبة في منطقة الإعلام.

 فيما تكدست في مكتبة محمد خليل في منطقة العامرية الكتب المنهجية لجميع المراحل ويقصدها أولياء الأمور لتوفيرها لأولادهم، وهم مخيرون إن كانوا يريدونها (ملونة او أسود وأبيض) فالأولى بسعر 7 آلاف دينار، والثانية بـ 3500 دينار.

تخصيصات مالية

مدير العلاقات والإعلام في وزارة التربية ابراهيم سبتي بين: أن الوزارة عممت الى جميع مديرياتها في بغداد والمحافظات باستمرار تجهيزها بالكتب المنهجية لحين اكتمال النقص الحاصل، مشيرا الى ان الوزارة تمر بظرف خارج عن إرادتها نتيجة لقلة التخصيصات المالية الخاصة بطبع المناهج، والتي حالت دون طبع الكميات الكافية لسد حاجة المدارس من الكتب بطبعتها الحديثة.

ويضيف سبتي: أن مخازن الوزارة تجهز يوميا أكثر من 30 إدارة مدرسة بالكتب، مؤكدا استمرار عملية التجهيز مع استكمال باقي المستلزمات الدراسية ومراعاة ما تم تغييره من المناهج الدراسية والعناوين الجديدة للعام الحالي.

 وقد أبدت الوزارة استغرابها من بعض الأطراف التي حملتها مسؤولية الوضع الاقتصادي الذي يعيشه العراق اليوم، والذي انعكست آثاره على جميع القطاعات، واضاف سبتي ان قرار تخفيض موازنة طباعة الكتب الى النصف شارك الجميع باتخاذه ضمن مجلس الوزراء، وبعدها داخل مجلس النواب، مبينا بأن هذا القرار، فضلا عن عدم تمويل الوزارة من قبل وزارة المالية لسداد ديون العام الماضي لقطاع المطابع يعد السبب الرئيس في تأخر إنجاز هذا الملف في الوقت المناسب.

 وتبذل الوزارة حاليا أقصى طاقاتها بتسخير جميع إمكانياتها لعلاج الأزمة الحاصلة، وهو ما يستلزم مساندة ودعم جميع الأطراف بدلا من الركون لسياسة إثارة الرأي العام ضدها، وقد طالبت الوزارة مجلس النواب بإصلاح الوضع ورفع سقف التخصيص في أثناء مناقشته للموازنة الحالية حتى لا تتكرر المشكلة في العام

المقبل.

 ويتابع سبتي: أن الوزارة رحبت بمبادرة إحدى (الحسينيات) لطبع الكتب فيها ومساندة الوزارة في توفير الكتب المنهجية للطلبة الذين لم يحصلوا عليها، مشيرا الى ضرورة أن يكون هناك تنسيق مع الوزارة لضمان عدم تحريف المطبوعات، لافتا الى أن الوزارة وبالتعاون مع الجهات المعنية أغلقت 10 مطابع كانت تطبع المنهج دون تنسيق مع الوزارة مع الكشف عن تحريف في بعضه.

 وقد نفى نائب رئيس ديوان الوقف الشيعي علي الخطيب عن إمكانية طبع الكتب المنهجية في الحسينيات، مؤكدا أن ما أعلن عنه هو حالة فردية وبجهود ذاتية مشكورين عليها، فهي في النهاية تصب في خدمة العراق وأهله.

 دعم مالي

فيما دعت عضو لجنة التربية النيابية النائبة انتصار الغريباوي مجلس الوزراء لاستخدام ميزانية الطوارئ في سد نقص وزارة التربية وتلافي الأزمة وردود أفعال الطلبة وأولياء أمورهم، نتيجة تلكؤ الوزارة في توزيع الكتب بينهم، والذي يعود لقلة التخصيصات المالية وبدوره انعكس على توفير المستلزمات المدرسية، لافتة الى أن الوزارة تمتلك 50 بالمئة كخزين من الكتب تعتمد عليه.  واسترسلت الغريباوي: التربية تحتاج الى دعم وزارة المالية كونها أكبر وزارة في العراق، عن طريق تقديم بعض التسهيلات المالية لإنجاز المهام الملقاة عليها في ظل هذه

 الظروف.

 وفي سياق متصل توصل عضو اللجنة المالية النيابية النائب هيثم الجبوري الى حل أزمة توفير الكتب المدرسية للطلبة والذي لم يثر انتباه أحد، والمتمثل باستقطاع رواتب النواب والوزراء والدرجات الخاصة لشهر واحد وتحويل مبالغها لطباعة الكتب المنهجية لعدم وجود مبالغ مخصصة لطباعة هذه الكتب، مؤكدا أن اقتراحه جاء بناء على العذر الذي قدمه وزير التربية بعدم وجود تخصيصات

مالية.

(الصباح)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*