هكذا تُدفن الطائرات المحطمة والقديمة بعد تنظيفها من البقايا البشرية!

265

200259602-001الحكمة – متابعة: لا يُمكن للطائرات أن تطير إلى الأبد، إذاً ماذا يحدث عندما تصبح قديمة للغاية على أن تُحلق في السماء؟

العديد من الطائرات تذهب في رحلة أخيرة إلى شركة متخصصة في تفكيك الطائرات مثل Air Salvage International، لكي تُفكَّك بعناية لأغراض إعادة التدوير أو النقل إلى مكب النفايات.

يقول مارك غريغوري، مؤسس شركة ASI ومديرها التنفيذي، للنسخة الأميركية لـ هافينغتون بوست “تكون الطائرات صالحة تماماً للطيران عندما تصل، وأحياناً تبدو وكأنها على وشك الإقلاع في رحلة أخرى وعلى متنها حشد من المسافرين في عطلة. يمكن للأمر أن يكون حزيناً جداً”.

توفر شركة ASI، الواقعة في وسط إنكلترا، “خدمة نهاية العمر” لعدد يتراوح بين 50 و60 طائرة في قاعدتها بمطار كوتسوولد كل عام، فيُفكك كل شيء، بدءاً من طائرة Cessna Citation إلى Learjet إلى طائرات إيرباص A320 وبوينغ 737 و747.

وقال غريغوري إن كل أجزاء الطائرة تقريباً يمكن إعادة تدويرها بطريقةٍ ما، خاصة الإطار المعدني.

يعتمد القدر الذي يُمكن إعادة تدويره على تصميم الطائرة وعمرها. بشكلٍ عام، يُمكن إنقاذ حوالي 95% من الطائرات الجديدة (خاصة ذات الجسم الضيق) من مكبّ النفايات. لكن النسبة تنخفض في الطائرات الأقدم.

اللوحات الجانبية البلاستيكية الداخلية وحاويات الحقائب يمكن أن تمثل مشكلة، خاصة في طائرات بوينغ 747 واسعة الجسم، بسبب حجمها. يُضيف غريغوري “نعمل مع الجامعات للخروج بطريقة أفضل، ولم يخرجوا بحلٍ بعد”.

لكنه استطرد قائلاً “الأمر يتطوّر، هناك العديد من الأشياء التي نفعلها الآن ولم نكن نفعلها في الماضي. على سبيل المثال، كل النوافذ الآن مصنوعة من زجاج الآكريليك Perspex، والذي يُمكن إعادة تدويره بالكامل”.

يقول غريغوري إن صناع الطائرات يتصدون الآن لقضية إعادة تدوير طائراتهم الجديدة أكثر من أي وقتٍ مضى.

أحياناً، تكشف الطائرات التي سيتم تفكيكها عن مفاجأت غير متوقعة.

بجانب العملات الملقاة والهواتف المحمولة الضائعة، وجد مفككو الشركة ذات مرة محفظة فقدها طيار منذ زمن طويل. يقول غريغوري، “لقد بقيت تحت مقعد قائد الطائرة لعامين ولم يتمكن أحد من إيجادها. تتبعناه إلى أستراليا وأعدناها إليه”.

يحاول مهندسو الشركة بلوغ أقصى عائدٍ مالي وبيئي من كل طائرة وكل شيء على متنها. أولاً، يستخرجون المحركات، والتي يمكن أن تتراوح قيمتها بين 2 و4 ملايين دولار، وأحياناً تمثّل من 80 إلى 85% من القيمة الإجمالية للطائرة. ثمّ يعيدون تأجيرها لشركات الطيران أو يفككونها للبيع كقطع غيار.

يقول غريغوري، “ثمّ نستخرج باقي الأشياء المهمة – كل معدات الطيران الإلكترونية، ومكيفات الهواء، والمكابح، ومضخات الوقود والمحولات”. أغلب هذه الأشياء ترجع إلى مورّدي صناعة الطيران.

تبيع الشركة بعض قطع الطائرات لمدارس الطيران الآخر لصناع الترفيه لاستخدامها في أفلام مثل World War Z، و Johnny English، وسلسلة أفلام باتمان وسلسلة حرب النجوم.

تريش شانون، مديرة المبيعات بالشركة، قالت لهافينغتون بوست، “استُخدمت مرافقنا كذلك لتصوير عدة إعلانات ومشروعات فنية، ومن ضمنها مشروع تصوير لراقصة باليه على جناح طائرة”.

كما باعت الشركة الجزء الخلفي من طائرة بوينغ 737 لمدينة الملاهي “ثورب بارك” بمقاطعة سَري بإنكلترا، كدعامة لإحدى أفعوانياتها.

يُمكن لمحبي الطيران كذلك شراء مقاعد من الطائرات المفككة مقابل 185 إلى 430 دولاراً، اعتماداً على نوع المقعد، سواءً في مقصورة

يُمكن لمحبي الطيران كذلك شراء مقاعد من الطائرات المفككة مقابل 185 إلى 430 دولاراً، اعتماداً على نوع المقعد، سواءً في مقصورة القيادة أو في أية درجة من الطائرة. تُعيد الشركة استخدام أي “فلّين” أو مخدات لم تُباع في إعادة تغليف أجهزة تحكم المقصورة وأجهزة أخرى لكي يصبح من الممكن شحنها. وأحياناً يشتري مصممو الأزياء مشبك أحزمة المقاعد.

تستحوذ شركة ASI على قرابة 14% من سوق تفكيك الطائرات العالمي. لكنها بدأت صغيرة.

غريغوري، الذي يبلغ عمره الآن 55 عاماً، كان مهندساً مرخصاً لشركة Dan-Air للطيران التي توقفت عن العمل. عندما فصلته الشركة قبل 20 عاماً، استخدم مكافأة نهاية الخدمة في شراء طائرة من نوع Hawker Siddeley HS 748 من الشركة. وقام بتفكيكها بالكامل بنفسه في المهبط، وخزن أجزائها في كوخ الحديقة قبل أن يبيعها.

قال غريغوري لهافينغتون بوست، “فكّرت، إن هذا شيء جيد لأفعله. إنني أستمتع جداً بفعله. لذا مضيت أقابل أشخاصاً آخرين يريدون أجزاء من الطائرات المركونة”.

ومن حسن حظه، أن الفترة التي بدأ فيها في تأسيس شركته تزامنت مع انتهاء الأعمار الافتراضية للجيل الأول من الطائرات من أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. ويعترف غريغوري بأنه ربما كان “في المكان المناسب في الوقت المناسب”.

استمرّ العمل بعدها، وبعد تفكيك أسطول من 11 طائرة هيرالد، طلبت شركة طيران كبرى من غريغوري تفكيك طائرة بوينغ 747.

انتقلت الشركة إلى موقعها الحالي في قاعدة الطيران الملكي البريطاني السابقة، في مطار كوتسوولد، على بعد 100 ميل غرب لندن، قبل حوالي 18 عاماً، وافتتحت حظيرتين حديثتين في 2011. يقول غريغوري، “الجو مثالي في هذه الأنحاء، إذ أنها بعيدة عن البحر. المطارات الساحلية رائعة للمسافرين، لكن الهواء المالح ليس جيداً لتخزين الطائرات”.

يظل تفكيك وتخزين الطائرات العمل الرئيسي للشركة. لكنها تنفّذ مشروعات خاصة أيضاً، مثل التفكيك الجزئي لطائرتي كونكورد وطائرة RAF Nimrod لكي يتم نقلها إلى المتاحف وإعادة بنائها من أجل عرضها.

كما عملت شركة ASI لصالح وزارة دفاع المملكة المتحدة والحكومة الأميركية، لكن تبقى التفاصيل الدقيقة حيال هذا التعاون سرية.

يتفرع غريغوري أيضاً أكثر في صيانة الطائرات، وتأجيرها والمتاجرة بأجزائها – كل هذا تحت مظلة شركة ASI.

وهناك أيضاً المهمة الشاقة والتي تتمثل في استعادة الطائرات التي تعرّضت لحادث. يذهب مهندسو الشركة لحساب شركة طيران أو تأمين لالتقاط ما تبقى من حطام الطائرة ونقلها إلى موقع آخر من أجل فحصها.

يقول غريغوري، “عادة ما نعتني بالطائرة حتى انتهاء القضية. أحياناً تظل مفتوحة لوقتٍ طويل جداً، لذا نُبقي على الحطام في المخزن. وما أن تُغلق القضية، إما أن ندمّر الطائرة بطلب من شركة التأمين، أو نضعها في مزادٍ للراغبين في الشراء”.

وقد عمِل مهندسو الشركة على حوادث طيران شهيرة، ومن ضمنها التحطّم المأساوي لطائرة خطوط الطيران الأفريقية في 2010 في ليبيا، وتحطّم طائرة خطوط الطيران البريطانية في 2008، عندما تحطمت طائرة بوينغ 777 بالقرب من الممر في مطار هيثرو بلندن.

يقول غريغوري، “أغلب حوادث الطيران التي نتعامل معها تكون من النوع غير المميت. فهي حوادث صغيرة، مثل أن تنفك عجلة من عجلات الطائرة وتسقط في العشب. نتعامل مع حوادث قاتلة كل فترة، لكن بعد أن يكون الرجال قد نظفوها من البقايا البشرية والأمتعة الشخصية”.

من بداياتها المتواضعة كبرت شركة ASI بشكلٍ هائل خلال العقدين الماضيين – وغريغوري حريص على استمرار الزخم. يريد أن تصير شركته “محطة وقوف واحدة” لصناعة الطيران، للعناية بالطائرات خلال دورة حياتها الكاملة.

يقول غريغوري، “أريد أن أعمل مع شركات تأجير الطائرات والبنوك لكي يستخدموا هذا المكان كمركز محوري عندما يتعاقدون على إيجار الطائرات. عندما يشتري البنك والشركة المستأجرة طائراتهم من المصنّع ثم يؤجرونها لشركة الطيران لعشرة أعوام، في نهاية العقد سيتوجب إعادة الطائرات إلى مكانٍ ما، أريد أن يكون هذا المكان هنا”.

يضيف غريغوري، “في الولايات المتحدة، هناك مثل هذه الأماكن. لكننا لا نمتلك أماكن ثابتة هنا. نود الاعتناء بالطائرات من المهد إلى اللحد”.

(وكالات)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*