المعاقون في العراق يصرخون : من ينتشلنا من الظلم والفقر والألم

254

 handicapped_iraqis_0612009

بعد ان كان في الصباح يتابع سير العمل في بغداد تجده في الظهيرة في احدى مناطق الديوانية لتغيب عليه شمس ذلك اليوم في البصرة ليسافر مساء الى اربيل التي لا يبيت فيها بل يتركها مغادرا الى السليمانية ومنها الى النجف الاشرف وهذا في يوم واحد ثم تعرض الى حادث ارهابي جعله يفقد احدى قدميه ليضاف الى مئات آلاف المعاقين برغم انه يقود سيارة رباعية الدفع ويرافقه عدد كبير من عناصر الامن ليوفروا له الحماية لكنهم فشلوا فالمؤامرة اكبر منهم جميعا.

استغرب عبد الرحمن الساعدي “موظف”من عدم ابداء اي من الحكومات التي اعقبت عام 2003 او الذين تصدوا للعملية السياسية اهتماما بواقع المعاقين لاسيما من تعرض منهم الى اعاقة افقدته احد اعضائه ولم يكلف اي منهم نفسه عناء المحاولة او السعي لإيجاد سبل وقوانين تكفل لهم حل ما يواجهونه من مشاكل وأعباء تثقل كاهلهم فاغلبهم ممن يعيلون عوائل واصبحوا بين ساعة واخرى معاقين يحتاجون الى من يعينهم لقضاء حاجاتهم اليومية.

وبين ان على جميع مؤسسات ودوائر الحكومة العمل بشكل جاد واتخاذ خطوات مناسبة من اجل حل مشاكل المعاقين,برغم اننا ومن خلال التعامل اليومي نعلم ان البلد يعاني بسبب الافتقار لوجود التنسيق بين الجهات الرسمية لفائدة هذه الشريحة ما ادى الى عدم وجود نتائج ملموسة على ارض الواقع. موضحاً ان ما قامت به هذه الوزارات لم يقتصر سوى على خطوات هزيلة لا ترقى الى مستوى الطموح اقتصرت على استقبال الشكاوى وعدم العمل او السعي او حتى محاولة ايجاد حلول مناسبة في اضعف الحالات.وأكد ان على وزارة التجارة ان تلتزم بتنفيذ ما جاء في قرار مجلس الوزراء رقم (10) لسنة 2012 الذي يسمح للمعاقين باستيراد سيارات محورة واعفائهم من ترقين قيد سيارة قديمة مقابل الحديثة وتهيئة اماكن وجناح خاص للمعاقين في المؤسسات الصحية وتوجيه وزارة الصحة بصرف العلاج للمعاق حسب حاجته الفعلية واستيراد الكراسي المتحركة ذات النوع الجيد مع مراعاة زيادة الأعداد وتسهيل الصرف وشمول العاملين بمعامل صناعة الأطراف بمخصصات الخطورة لتعرضهم لغازات سامة مع توجيه وزارة الشباب والرياضة بمنح اجازات للاندية المخصصة للمعاقين مع امكانية مفاتحة وزارة الإعمار والإسكان حول تخصيص نسبة من الطوابق الأرضية للمعاقين في المجمعات السكنية الجديدة إضافة الى توجيه باقي الوزرات بشأن الدعم الذي من الممكن تقديمه لشريحة المعاقين وان اختلفت درجة الاعاقة.

من جهته طالب نائل نصيف”صحفي”مجلس النواب والحكومة بإيلاء هذه الشريحة التي حرمت من ممارسة اعمالها بسبب سوء تصرفات السياسيين وعدم قدرتهم على حفظ الامن من خلال تشريع قانون لتأسيس هيئة وطنية خاصة للمعاقين للنهوض بواقعهم المزري ووضع خطة عمل بأبعاد إستراتيجية شاملة لإيجاد حلول لجميع مشاكلهم وهمومهم وتلبية جميع أحتياجتهم وتطلعاتهم وانهاء معاناتهم التي رافقتهم طوال السنوات الماضية عانوا خلالها من الاهمال الحكومي والتهميش السياسي.

واستغرب عدنان خلف المولى”متقاعد”من تنصل الكتل السياسية والسياسيين من وعودهم الانتخابية التي اعلنوا عنها سواء عبر وسائل الاعلام ام في الندوات والزيارات التي قاموا بها والتقوا فيها جمهور الناخبين في مختلف المناطق ومنها دعمهم للمعاقين وإيجاد حلول جذرية لمتطلباتهم والتحديات التي يواجهونها. وارد فان ان ما يواجهه المعاقون من معاناة يومية لا يمكن ان يلخص في كلمات او سطور او صرخات وان كانت مدوية عالية ان كان لا يوجد من يسمع هذه الكلمات او يقرأ السطور او يستجيب لاغاثة الصارخين فهم يواجهون تحديات كبيرة منها مشكلة الفقر والبطالة وغياب الرعاية اللازمة للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وطالب المولى الحكومة بضرورة الاسراع بالتوقيع والمصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق المعوقين وتشكيل هيئة وطنية للمعوقين وعدم ادخال المحاصصة في هذا الامر الذي يمس حياة هؤلاء.

وأكد على ضرورة وضع دراسات ومعايير علمية لتأهيل المعوقين وتشغيلهم وتجاوز التمييز للمعوقين بالتعليم والعمل والسكن واحترام الفوارق وقبول العوق على أنه جزء من التنوع البشري.

وطالب بإنشاء صندوق وطني لدعم المعاقين بان يخصص دخله من نسب معينة من واردات النفط والضرائب والسياحة الدينية وتبرع الميسورين،وتوفير أنواع التأهيل الذي يتناسب وطموح المعاقين والعمل على توفير وزيادة رواتبهم لتتلاءم مع الوضع ألمعاشي وتسد احتياجاتهم ومن يعيلون.

وأكد ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عند تخطيط المدن والشوارع العامة التسهيلات التي يجب تقديمها للمعاقين،وطالب بتطبيق المادة 32 من الدستور العراقي حول المعاقين والتي تنص على (ان ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتكفل تأهيلهم بغية دمجهم في المجتمع ويصدر ذلك بقانون) ويجب تفعيل هذه المادة على ارض الواقع لا ان تبقى حبر على ورق او حبيسة الكتب،ناهيك عن ضرورة ان يلتفت المسؤولون الى ضرورة إعفاء هؤلاء ممن دخلوا هذه الشريحة من دون سابق انذار من الرسوم الكمركية لجميع المواد التعليمية والطبية وان يكون هناك اهنمام حقيقي وجاد من قبل الجكزمة بمنظمات المجتمع المدني التي يقع عليها عبء حقيقي هو ان يكون لها دور جاد وكما موجود في البلدان المتطورة لكي تؤدي دورها في توفير ما تحتاجه هذه الشريحة التي تستحق كل الدعم والتقدير والاحترامناضافة الى التعمق في دراسة أوضاع المعاقين ومعرفة سبل توفير العيش الكريم لهم عن قرب ومعايشتهم على مدار الاربعة والعشرين ساعة في اليوم وتحقيق تكافؤ الفرص للمعاقين وعدم التميز بكل اشكاله وحماية حقوق المعاقين وذوي العاهات البدنية وتأمين رفاهتهم وإعادة تأهيلهم ومساعدتهم على إنماء قدراتهم ونموهم في مختلف ميادين النشاط وضرورة تيسير اندماجهم الى أقصى حد ممكن في الحياة.

وقال الخبير الاقتصادي عامر سعود ان هذه الشريحة يمكن ان تكون عنصر قوة للمجتمع والدولة فهم يكونون أكثر تركيزا على عملهم وهذا ما لا يمكن انكاره على مر العصور في اي دولة مهما كان مستوى تطورها العلمي.

وأشار الى انه بالرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة او قاعدة بيانات دقيقة وشاملة لعدد المعاقين وأنواع الإعاقة ونسبها وان كانت التقديرات الاولية تشير الى وجود ثلاثة ملايين معاق يتزايد عددهم بشكل يومي مع كل تفجير ارهابي في اي محافظة او منطقة تتعرض لتفجير بعبوة ناسفة او سيارة مفخخة ركنها من باع نفسه للشيطان في غفلة من عناصر الاجهزة الامنية او تواطؤ من ضعاف النفوس.

وأضاف إذا ما أخذنا تقديرات الأمم المتحدة التي تفيد ان 10% من السكان في جميع دول العالم معاقين يشكل سكان دول العالم الثالث ما نسبته 80-90% وهم في سن العمل ويعانون من البطالة وهنا وباستنتاج حسابي تقريبي فان 10% من العراقيين في الاقل هم من ذوي الاحتياجات الخاصة اما اعداد العاطلين عن العمل والأطفال الذين لا يرتادون المدارس او تسربوا منها اكثر من هذه النسبة بكثير ومن يعيشون تحت خط الفقر المدقع برغم ان الموازنة العامة اصبحت انفجارية. وبحسبة بسيطة وواقعية نجد أن عدد المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة في العراق اكبر مما معلن عنه من قبل الحكومة لعدة أسباب منها الحروب واستعمال الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية واليورانيوم المنضب والقنابل العنقودية والانفلاقية والفسفور الأبيض والنابالم ،يضاف إليها الظروف المأساوية التي تعرض لها العراق بعد عام 2003 من معاناة وتحديات كبيرة من مخلفات الحروب والألغام والتلوث البيئي والمائي والزراعي والمفخخات والعبوات الناسفة وضحايا العمليات الإرهابية وضحايا الصراع الطائفي والوضع الامني غير المستقر إضافة للعوامل الأخرى الجينية والخلقية والصحية وهذا يضع رؤساء الكتل السياسية والاحزاب المتنفذة امام مسؤوليات كبيرة تجاه هذه الشريحة من خلال العمل على استكمال لتشريعات القانونية اللازمة التي تتوائم مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة مثل قانون ذوي الإعاقة الذي على لجان العمل والشؤون الاجتماعية وحقوق الإنسان النيابية مناقشة ودفع القانون على ان تعمل جميع اللجان المعنية الأخرى ومنها التربية والتعليم العالي والخدمات والصحة والنقل مع الحكومة من خلال الوزارات المعنية والحكومات المحلية لوضع خطة عمل تطبيقية ذات أبعاد إستراتيجية شاملة لإيجاد حلول لمشاكل هذه الشريحة وهمومها وحاجياتها وتطلعاتها للبدء بانهاء معاناة افرادها من اهمال وتهميش وغياب المشاريع.

وشدد على ضرورة إشراك المعوقين في وضع الخطط التنموية والبرامج التطويرية وان تأخذ اللجنة المالية بعين الاعتبار الأموال اللازمة لتأمين الاحتياجات والمستلزمات الخاصة لتأهيل وتمكين هذه الشريحة في الموازنة العامة. ودعا اللجنة الصحية البرلمانية الى دفع الحكومة لتخصيصات لبناء مراكز ومستشفيات خاصة على غرار موستوصف ابن القف في جانب الرصافة واستيراد أطراف صناعية حديثة الصنع من مناشئ عالمية رصينة وكراسي متحركة ومساند حديدية وبقية المستلزمات الطبية الضرورية لهذه الشريحة ليواكبوا الحياة اسوة بالاصحاء.

وشدد على ضرورة العمل على تغيير نظرة المجتمع والسياسيين والمشرعين ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية للمعاقين وهذا

ويقول احمد صيون “وصي على معاق” الدستور العراقي لم يغفل شريحة المعاقين وجاء ذكرهم في المادة(32)ما نصه” ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتكفل بتأهيلهم بغية دمجهم في المجتمع”وهذا النص متفق تماما مع القانون العالمي لحقوق المعاقين ولكن لم نجد إي تغيير في حالة المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة مثلا الراتب الذي يحصل عليه المعاق من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (100)ألف دينار كل شهرين وهو مبلغ قليل جدا لا يكفي أجور نقل ومراجعات,اما الكراسي المتحركة التي يحصل عليها اي من المعاقين من وزارة الصحة فعددها قليل جدا والإطراف ذات نوعيات رديئة الصنع,اضافة الى ان ما يتسلمونه من علاج سويسري فهناك من يبيعه بسبب ارتفاع ثمنه ويسلمون المعاقين علاج من مناشيء رديئة وهذا احد صور واساليب الفساد المالي في الوزارة .

النتائج

ومن اجل إيجاد حلول اجتماعية وصحية لزرع بذور الحياة عند المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة لابد من تحقيق عدة امور منها على سبيل الذكر :

*على وزارة الصحة ان تفتح مراكز تأهيل نفسي وصحي لهذه الشريحة لأن الألم النفسي أشد قسوة من الالم الصحي وتوفير عدد كاف من الكراسي المتحركة والإطراف وتوفير الأدوية اللازمة.

*على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية زيادة رواتب المشمولين بالرعاية بما يتناسب مع متطلبات توفير الحياة لكل مواطن مصاب بعوق نتيجة مرض أو عمل ارهابي.

* على وزارة الرياضة والشباب أنشاء نوادي لأقامة دورات رياضية للشطرنج والمبارزة والكرة الطائرة في وزارة الرياضة والشباب وإنشاء ملاعب خاصة بالمعوقين من أجل رفع المستوى الرياضي للمعاقين وتقديم جوائز رمزية ونقدية هدفها تقديم العون والمساهمة في تخفيف الآلام .

*فتح دورات محو الأمية لوجود نسبة كبيرة منهم لم يذهب إلى المدرسة بسبب العوز المادي وفتح مدارس ومعاهد خاصة بالمعاقين يتناسب بنائها مع حالتهم الصحية.

*تشكيل هيئة مستقلة غير مشمولة بالمحاصصة تهتم بشؤون المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

* المعاقين ومشاكلهم تندرج ضمن الحقوق والأسس الإنسانية وهي من القضايا المهمة التي تشغل الرأي العام والمنظمات الانسانية بحيث ان المناداة بحقوقهم أصبحت على النطاق الإقليمي والدولي ضرورة ملحة .

* تأسيس تجمع من منظمات المجتمع المدني العاملة وذات العلاقة للنظر في حقوق المعاقين وتفعيل المادة 32 من الدستور من خلال الضغط باتجاه السلطة التشريعية لتشريع القوانين .

* مطالبة الجهات المعنية بتطبيق مواد قانون الرعاية الاجتماعية رقم(126) لسنة 1980 النافذ بخصوص المعاقين ومراكز رعاية وتأهيل المعاقين بمتابعة جادة من قبل ذوي المختصين .

*من ملاحظة الواقع الميداني للمعاقين فان هناك اعمال تشغيل لا تحتاج الى سن قوانين مثل المكاتب ،والمصانع ،ممارسة الاعمال اليدوية يمكن تشغيلهم ضمن هذه الاعمال مع العلم لا يوجد نص في قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 يعارض ذلك .

* تخصيص مبلغ من الموازنة العامة للمعاقين حصرا وفي توظيفهم في المؤسسات كلا حسب قابليته واختصاصه وبموجب مجلس اعلي يؤلف لهذه الغرض

* العراق فيه ألغام بمعدل 25 مليون لغم على الحدود ومن جميع الجهات وفي القرى والارياف المحاذية للحدود أدت إلى أعاقة كثيرين .

بقي ان نقول اخيرا ان للمعاق الحق في التمتع برعاية خاصة اجتماعية وصحية وهذا يحتم ضرورة اندماجه ومشاركته في المجتمع وهذا لا يتحقق الا من خلال سن قانون توظيف المعاقين وذوي الاحتياجات في المؤسسات الرسمية والخاصة ضمن النسبة المقدمة في القانون والبالغة 4% من عمل الموظفين اضافة الى ضمان التعليم والتدريب بما يساعدهم على التمتع بحياة كريمة على نطاق القوانين العادية المنظمة لشؤون المجتمع سواء كانت في النصوص العامة او القوانين الخاصة بالمعاقين لكن المثير للأسى والحزن ان العراق وبالرغم من اقراره بحق المعاقين وضرورة رعايتهم الا انه لم يصدر قانون خاص بهم لان الضمانات القانونية لم تنفذ على ارض الواقع لذلك فهي لا تعد ضمانة كافية كما انها لا تحقق شمولية واستجابة المجتمع واعترافه بقضية الإعاقة ورفع مستوى الوعي المجتمعي بهم والاطلاع على احوالهم بغية مناشدة ذويهم ليعملوا على رفع معنوياتهم وابداء الاهتمام الذي يستحقونه.

بغداد/تحسين صبار/ واع

 العنوان من وضع (الحكمة)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*