أين تتشكل أندر قطع الماس في الأرض؟ باحثون يتمكنون من حل هذا اللغز..
497
شارك
الحكمة – متابعة: لا تتشكل جميع أنواع الماس بنفس الطريقة من حيث الحجم والقيمة، ويحاول العلماء الآن معرفة القوى المسببة لتشكل الماس الأكثر قيمة على كوكب الأرض.
فقد توصل تحليل جديد إلى أن أكبر وأثمن قطع الماس تتشكل داخل مجمعات معزولة من المعادن السائلة على عمق مئات الكيلومترات تحت سطح الأرض.
وقال إيفان سميث، وهو عالم جيولوجي متخصص بالماس من المعهد الأمريكي للأحجار الكريمة: “إن أثمن وأغلى الأحجار الكريمة تأتي صدفة من بعض القطع الأكثر قيمة علميا من الأرض”.
ومن المعروف أن تشكل الماس يكون في الأعماق تحت سطح الأرض حيث الحرارة المرتفعة والصخور الكثيفة، بين النواة والقشرة. ونحن نحصل على هذه الأحجار القيمة عندما تصل إلى السطح بعد حدوث الثورات البركانية.
ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، لأن الماس الكبير الحجم بشكل غير اعتيادي يظهر مختلفا جذريا عن كل ما عداه، حيث يختلف عن قطع الماس الأقل قيمة من حيث الهيكلية والمستوى الكيميائي.
المثال الأكثر شهرة على هذا الأمر هو ألماس كولينان “Cullinan diamond”، أكبر وأكثر قطع الماس التي وجدت من حيث الجودة منها في أي وقت مضى. وقبل أن يتم تقسيمها إلى قطع أصغر حجما كانت تزن نحو 621.35 غراما، وطولها 9.8 سم كما كانت نقية بشكل لا يصدق.
وقال أحد أفراد فريق البحث، وويي وانغ: “يتميز بعض أكبر وأثمن قطع الماس مثل ماس كولينان، بمجموعة متميزة من الخصائص الفيزيائية، ما أدى إلى اعتبارها مختلفة عن قطع الماس الأخرى الأكثر شيوعا. ومع ذلك يبقى اللغز قائما حول طبيعة تشكل هذه الماسات”.
وقرر الباحثون حل هذا اللغز من خلال الوصول إلى “النوع الثاني من الماس” “type II diamonds”، وهو أندر أشكال الماس على الأرض. وتتكون قطع الماس هذه من الكربون النقي تقريبا، وهذا يعني أنها تتميز بكونها نقية للغاية عادة بحيث تكاد لا توجد شوائب النيتروجين في الشبيكة البلورية.
وتشكل فئة الماس “IIa” من 1 إلى 2% من مجموع كل الماس الطبيعي، وتشكل الفئة “IIb” الخالية من الشوائب نحو 0.1% من كل الماس الطبيعي.
وقد جمع الباحثون 9 قطع مأخوذة من “النوع الثاني من الماس” وكانوا قادرين على تحليل الشوائب الدقيقة في التركيب البلوري من خلال طحنها. فوجدوا أن عددا قليلا من القطع تحوي حبيبات الـmajorite، وهو نوع من العقيق وُجد في الغلاف العلوي للأرض حيث يتشكل في ظل الضغوط العالية جدا.
ولم يكن الأمر مفاجئا جدا، فنحن نعلم أن تشكل الماس يتطلب ضغطا شديدا، ولكن وجد الباحثون بعد ذلك أن شوائب أخرى قد تشكلت من مزيج من الحديد والنيكل والكربون والكبريت، وهذا المزيج لم يُلاحظ سابقا في قطع الماس الشائعة.
وعثر الباحثون أيضا على آثار للميثان والهيدروجين متشكلة حول الشوائب، الأمر الذي لم يكن ليُلاحظ في السابق.
وبناء على هذه الإشارات الكيميائية، تمكن الباحثون من تحديد المدى في لب الأرض، ذاك الذي تتشكل فيه هذه الحجارة الكريمة، وما هي الظروف التي أدت إلى تحقيق هذه التراكيب غير العادية.
وتكمن الحقيقة في أن أحجار الماس هذه تشمل العقيق وهذا يعني أنها تتشكل على عمق 750 كم تحت سطح الأرض، ومما يثير الدهشة أكثر أن احتواء غاز الميثان للشوائب يعين على الحفاظ على عملية تشكل الماس، والأمر يتطلب التبلور داخل جيوب صغيرة معزولة من السائل المعدني داخل اللب الأرضي.
وأشار الباحث سميث إلى أن هنالك محيطا من المعدن السائل في أعماق لب “عباءة” الأرض ينقسم إلى جيوب معزولة، وليس هنالك الكثير من الحديد المعدني فقط، بل حوالي 1% من العباءة تحت سطح الأرض.
ويأمل الباحثون معرفة كمية المعدن السائل أو من أين يأتي، وذلك من خلال إجراء تحليلات أكثر عمقا لعينات الماس. وقد نُشر هذا البحث في مجلة العلوم “Science”.