المرجعية من على منبر الجمعة تحمل الجميع مسؤولية بناء “مواطن صالح” وتضع حلولاً لتجنب “تفكك الأسر”

284

kareem-10--2-2017-03كربلاء – الحكمة: جدد ممثل المرجعية العليا، والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، الجمعة، دعوته إلى بناء “مواطن صالح” من خلال الاهتمام بكيان الأسرة.

وشدد سماحته في جانب من خطبته الأولى لصلاة يوم الجمعة من الصحن الحسيني الشريف على ضرورة أن تلتزم الأسر بالحقوق والواجبات تجاه أفرادها، مؤكداً على تنظيم الأدوار داخل الأسرة للوصول إلى الأهداف المرجوة.

وحذر الكربلائي من غياب مبدأ اعتماد الحقوق والواجبات داخل الأسر، لافتاً إلى أن انعدام مراعاة الحقوق والواجبات يؤدي إلى ازدياد حالات الطلاق وتفكك الأسر.

كما دعا سماحته الأسر إلى الحب والاحترام المتبادل فيما بينهم، مشدداً على أهمية أن يحترم الزوج حقوق زوجته وأن يحسن إليها، وأن تحترم الزوجة زوجها مهما علت مكانتها الاجتماعية.

وقال سماحته: “إن توهين الأزواج والانتقاص منهم يؤدي إلى تحطيم الكيان الأسري”.

وعزا ممثل المرجعية العليا انتشار النزاعات والخلافات والاقتتال إلى غياب مبدأ التسامح داخل الأسرة “وهو ما ينعكس على المجتمع”، على حد تأكيده.

إليكم النص الكامل للخطبة..

 الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 12/ جمادي الاول/ 1438هـ الموافق 10/ 2/ 2017م:

 نتعرض في هذه الخطبة في كيفية تنشئة الاسرة الصالحة الاسرة التي يمكن من خلالها ان نبني مواطناً صالحاً وفرداً صالحاً ومجتمعاً صالحاً، ما هي المبادئ والأسس العامة لتنشئة الاسرة الصالحة..

ايها الاخوة هذه المبادئ التي سنذكرها لا نعني بها الشباب والشابات فقط المقلبين على الزواج بل نعني بها الجميع شباباً ورجالا ً صغارً وكباراً الجميع معنيون بها لأنها هي المبادئ والاساس والاركان التي لو طُبقت لأمكن كل واحد منا ان يبني وينشيء اسرة صالحة ولكن المعني بها اكثر هم الشباب والشابات المقبلين على الزواج..

المبادئ والاسس العامة لنظام الاسرة هي خمسة:

المبدأ الأول: مبدأ الحقوق والواجبات.

المبدأ الثاني: مبدأ الحب والمودة والرحمة.

المبدأ الثالث: مبدأ التعاون والاحترام.

المبدأ الرابع: مبدأ القوامة.

المبدأ الخامس: مبدأ التسامح والعفو عن الاخطاء.

 المبدأ الأول: مبدأ الحقوق والواجبات:

لاحظوا ان كل فرد في المجتمع عليه دور وبقية الافراد عليهم ادوار حتى يمكن للمجتمع ان يصل الى هدفه هذه الادوار لابد من تنظيمها حتى يمكن ان نصل الى الهدف ومن دون تنظيم سيكون هناك فوضى وعدم معرفة كل انسان بما عليه من الحقوق والواجبات حتى يمكن ان يصل الى النتيجة، كذلك الاسرة هي كيان اجتماعي الزوج عليه دور والزوجة والاولاد عليهم ادوار لابد من تنظيم الادوار والعلاقة بينهم حتى يمكن ان نصل الى الهدف وهذا يعبّر عنه نظام الحقوق والواجبات.

لاحظوا كثيراً من الاحيان الزوج يطالب بحقوقه ولكن لا يعتني ولا يهتم بالواجبات التي عليه تجاه الزوجة، الزوجة تطالب بحقوقها دون ان تلتفت الى الواجبات التي عليها للزوج، الاب يطالب بحقوقه دون ان يلتفت الى الواجبات التي عليه لابناء، الابناء يطالبون بحقوقهم دون ان يلتفتوا الى الواجبات التي عليهم للاب والام والاسرة.

اي اسرة لا يمكن ان تعيش سعيدة متماسكة قوية تؤدي دورها في الحياة الا بهذا المبدأ من الحقوق والواجبات المتبادلة فلا حقوق بدون واجبات ولا واجبات من دون حقوق وهذا مبدأ مهم علينا ان نلتفت اليه.

الزوج اذا كان يريد حقوقاً من اولاده وزوجته عليه ان يؤدي الواجبات التي عليه والزوجة اذا ارادت الحقوق عليها ان تؤدي الحقوق والواجبات وكذلك الاولاد..

وقد وجد في كثير من الاحصائيات ان السبب في تعاسة بعض الاسر وحقوق الطلاق وتفكك الاسرة هو عدم رعاية هذا المبدأ لذلك هو الركيزة الاولى في صنع الاسرة الصالحة القادرة على ان تؤدي دورها هو ان الاحظ الحقوق والواجبات.

لذلك منكم ان تراجعوا الحقوق بعضها واجب واجب شرعي وبعضها مستحب لاحظوا في كتاب الرسالة العملية في المنهاج يُذكر في باب النكاح مسألة الحقوق الزوجية، حقوق للزوج على الزوجة واجبة وبعضها مستحبة، حقوق للزوجة على الزوج بعضها واجب وبعضها مستحب، الإخلال في هذا المبدأ هو الاساس في ان يشيع جو التفكك الاسري وعدم قدرة الاسرة على ان تؤدي دورها..لذلك على الواحد منكم ربما اخواني يوم القيامة يُسائل كما يُسائل عن الصلاة والصوم يُسائل هذا الحق لزوجته لماذا لم تؤده وهو واجب عليك.. ايتها الزوجة هذا الحق الواجب لزوجك عليك لماذا لم تؤدي هذا الحق؟

لذلك علينا جميعاً اخواني خصوصاً المقبلين على الزواج فكثير من المشاكل نجدها خصوصاً عند المقبلين على الزواج كثيراً من المشاكل التي نجدها عند المقبلين على الزواج  بعد شهر او شهرين او اكثر تنشأ بسبب عدم معرفة كل من الزوجين لحقوق الاخر عليه والواجبات التي عليه للاخر.. لذلك لابد ان نلاحظ هذا الامر والالتزام من الطرفين.

 المبدأ الثاني: مبدأ الحب والمودة والرحمة:

تلاحظون الانسان حينما قبل الزواج وبعد الزواج ما هي مشاعره تجاه ما قدّره الله تعالى من شريكة له في الحياة تجد ينبعث الحب والمودة تجاه شريكة حياته من اين جاء هذا؟ جاء من الله تعالى من ايات الله تعالى ان اودع في قلب الرجل المودة والرحمة وفي قلب المرأة التي قدّر الله تعالى ان يكون هذا الرجل شريك لها اودع لها ايضاً المودة والرحمة قال تعالى: (وَمِن آياتهِ أن خَلَقَ لَكُم مِن أنفسِكُم أزواجاً لِتسكنُوا إليهَا وجَعَلَ بينكم مودَّة ورَحمة ً).

اذن اين تكمن المشكلة فيما بعد: تتحول هذه المودة والحب والرحمة يتحول ربما الى مشاعر من البغضاء والحقد والكراهية التي تسبب كثير من المشاكل، لذلك اخواني للحفاظ على هذه العلاقة التي اودعها الله تبارك وتعالى وهي سبب مهم لسعادة الاسرة واستقرارها وتماسكها نلاحظ هذه الامور:

ايها الشاب ايها الرجل وحتى كبير السن هذه زوجتك مصدر السكينة والاطمئنان النفسي لك زوجتك هي التي تصونك من الحرام وهي التي تحمل اسرارك وهي التي تشاركك هموم الحياة ومصاعبها هي الوعاء الذي يحمل اولادك الى الحياة ويمثل امتداداً لك في هذه الحياة.. كل هذه العوامل من اجلها تستحق المرأة الزوجة ان تحمل لها مشاعر الحب والمودة والرحمة وتعيش معها معبراً عن هذه المشاعر.

الزوجة كذلك هذا الرجل شريكك في الحياة هو الذي يصونك عن الحرام هو الذي يوفر لك هذه الاجواء التي تكتمل من خلالها الاسرة لذلك عليك ان تتحملي هذا الزوج وتحملي له مشاعر المودة والرحمة والحب لكي تستطيع الاسرة ان تعيش في هذه الاجواء من الانسجام وكذلك تنتقل هذه المشاعر الى الاولاد والاولاد يعيشوا فيما بينهم مشاعر الحب والمودة والرحمة وهذه المشاعر تنتقل بينهم الى افراد المجتمع..

ان كان الجو الشائع في افراد الاسرة بغضاء وحقد وكراهية ومشاكل تنتقل من الاولاد الى علاقة مع المجتمع.. لذلك لابد ان يحافظ الزوج والزوجة على هذه المشاعر طوال فترة الحياة لكي يتمكنوا من اداء هذه المهام..

 المبدأ الثالث: مبدأ التعاون والاحترام:

البعض مع الاسف الشديد يستهين بدور المرأة ومكانتها في الحياة لا يعاملها المعاملة التي تستحقها على ضوء دورها في حياته وفي حياة اولاده ومجتمعه، لابد ان تقوم الاسرة على مبدأ التعاون ايضاً خطاب للمرأة لابد ان تتعامل مع الرجل بالاحترام والتقدير والاجلال امام اولادها وامام المجتمع قد احياناً الرجل لا يتمكن ان يوفّر متطلبات الحياة التي تريدها المرأة وهذا لا يمثل مبرراً ان لا تحترم المرأة زوجها احياناً قد يكون للمرأة موقع اجتماعي اعلى من موقع الرجل الاجتماعي قد يكون لها وظيفة وعمل اكثر تقديراً في المجتمع من وظيفة وعمل الرجل وبالتالي لا يكون لها منها الاحترام للرجل هذا خطأ كبير تاثيراته السلبية على الاسرة، احياناً الرجل قد لا يتمكن من توفير النفقة المطلوبة فالمرأة تأتي وتعاونه وتشاركه في تحمّل اعباء الحياة هذه المسألة مهمة لذلك اخواني اوصيكم رجالا ً ونساءاً احرصوا في داخل البيت فيما بينكم الزوج مع زوجته مهما بلغتم من العمر علمّوا الشباب واولادكم وبناتكم على ان الزوج يحترم زوجته والزوجة تحترم زوجها مهما كان موقع الزوج فأحياناً موقع الزوج ادنى اجتماعياً من موقع الزوجة اما لمال او وظيفة او لشأن اجتماعي لا يكون هناك احترام من الزوجة لزوجها احد العوامل المهدمة للاسرة هو عدم الاحترام بين الزوجين لذلك احرصوا شباباً وشيباً رجالا ً ونساءاً ان يكون هناك احتراماً متبادلا ً بينكما، ايها الزوج احذر ان تنتقص من قدر زوجتك ايتها الزوجة مهما كان لك شأن دينياً اجتماعياً وظيفياً او غير ذلك احذري ان تنتقصي من قدر زوجك فان هذا احد الاسباب المحطمة للكيان الاسري.

 المبدأ الرابع: مبدأ القوامة:

الله تعالى جعل للرجل قِوامة على النساء الرجال، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُون عَلَى النِّساءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُم على بعضٍ وَبِمَا أنفقوا من أموالهِمْ) – النساء 34-.

هذا أمر طبيعي لابد منه في الحياة البعض من النساء لا يعطين هذا المبدأ قيمته واعتباره والعمل بمقتضياته، الان تلاحظون في الحياة في المدرسة لابد ان يكون مدير وفي الدائرة لابد ان يكون مدير والامة لابد ان يكون لها قائد ورئيس.. في كل مكان لابد ان يكون هناك قائد ومدير يدير شؤون هذه المجموعة ويوجهها الى هدفها وخيرها وصلاحها.. الاسرة كذلك لابد ان يكون لها ربان ومدير ورب اسرة يقودها ويوجهها الى ما فيه خيرها وصلاحها ولابد من التزام ورعاية هذا المبدأ وهذا الحق ولكن في نفس الوقت على ان يكون الرجل متعسفاً في استعمال هذا الحق..

الله تعالى اعطى هذا المبدأ والقيادة للرجل ولكن لا يكون ظالماً ومتعسفاً في استعمال هذا الحق فاحياناً تجد الرجل يمنع زوجته من زيارة اهلها او اقاربها او عيادة مرضاهم او القيام ببعض الشؤون المتعلقة بها.. تعسّف في استعمال هذا الحق لابد من ان يراعى العدل والانصاف في استعمال هذا الحق.

 المبدأ الخامس: مبدأ التسامح والعفو عن الاخطاء:

كثير الان من النزاعات والاقتتال احياناً وسفك دماء بريئة وكثير من المشاكل والازمات بسبب ابتعادنا عن الالتزام بهذا المبدأ الذي دعا اليه القران الكريم والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة الاطهار لابد ان نعمل على ترسيخ هذا المبدأ في حياتنا الاجتماعية فيما بيننا وكذلك في داخل الاسرة..

الزوج تصدر منه زلاّت واخطاء فالرجل يخرج يكافح ويجاهد للحصول على لقمة العيش وما تحتاجه الاسرة يصدر منه بعض الزلاّت الزوجة عليها ان تسامحه على ما يصدر منه في لحظات غضب وانفعال كذلك الزوج مع زوجته ينبغي ان يعاملها بمثل هذه المعاملة..

نلاحظ احياناً ان بعض الاسباب التي تؤدي الى الطلاق وتفكك الاسرة خطأ بسيط يصدر من الزوج او الزوجة يضخّم ويكبّر هذا الخطأ ويترتب عليه اثار من النزاع والخصومات والمشاكل يؤدي الى الطلاق وتفكك الاسرة لذلك علينا ان نعتمد هذا المبدأ العظيم الذي يمثل من خير اخلاق الدنيا والاخرة ان نتسامح فيما بيننا ويعفو بعضنا عن بعض اذا صدر من الزوج شيء تجاه زوجته او بالعكس لابد ان يكون هذا المبدأ من المبادئ الاساسية في حياتنا لكي نحافظ على الاسرة وبالتالي يمكن ان نؤدي هذا الدور في حياتنا الاجتماعية..

انما نستمر في ذكر هذه المبادئ وذكر هذه المحاور لأهمية الاسرة في حياة المجتمع ولما بينّاه سابقاً من انه حالات الطلاق وصلت الى نسبة كبيرة تهدد المجتمع ولابد من وضع هذه المبادئ والعلاج لكي نستطيع ان نحافظ على الاسرة وتماسكها معنى ذلك ان نحافظ على المجتمع وتماسكه خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها.

 موقع العتبة الحسينية المقدسة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*