أبرز المبادئ التي تتبعها الشركات الناجحة لكسب ولاء عملائها

271

_94249664_thinkstockphotos-480331331الحكمة – متابعة: قبل حوالي عامين، عندما قررت شركة “بينك جيب تورز” الأمريكية للسياحة التوسع في الداخل والخارج، درست الشركة الأمور التي تمكنها من المنافسة، وفي أي الجوانب يمكنها أن تتطور.

وضعت الشركة نصب عينيها التوسع في كافة أرجاء الولايات المتحدة، والدخول إلى أسواق جديدة في الخارج أيضا. والمعروف أن هذه الشركة، التي تأسست قبل 57 عاما في أريزونا، تقدم جولات سياحية في سيارات جيب زهرية اللون في كل من لاس فيغاس، وغراند كانيون، وسيدونا.

ولهذا، أجرت إدارة الشركة استطلاعا للرأي لقياس مستوى تقييم الزبائن لها، والذي يمكن استنباطه من مدى ولائهم للشركة، ورضاهم عن خدماتها.

وقد توصلت الشركة إلى أنه ليس فقط لون سياراتها هو الذي مكنها من الحصول على 91 نقطة من مئة نقطة على “مقياس ولاء الزبائن” الذي تتبعه الشركة، لكن ذلك كان يعود أيضا للمرشدين السياحيين العاملين فيها.

وينبغي أن يحصل هؤلاء المرشدون على 150 ساعة تدريبية قبل الخروج في جولات سياحية مع العملاء، وكان لهذا الأمر بالتحديد أثر إيجابي واضح على أدائهم، وهو ما جعل الزبائن يشعرون بالرضا، وبالرغبة في العودة إلى الشركة مرة أخرى.

يقول تيم ميلر، المدير التنفيذي للشركة، عن المرشدين السياحيين في شركته: “إنهم ساحرون حقا”.

ويتميز بعض المرشدين بأنهم يتعاملون بلطف واضح مع زبائنهم، لدرجة أن الزبائن يرغبون في البقاء على اتصال معهم بعد انتهاء الرحلة، كما يقول ميلر الذي تولى مناصب تنفيذية في شركات سفر وسياحة أخرى قبل الالتحاق بشركة بينك جيب عام 2003.

ويضيف ميلر: “نحن نقدم هذ الخبرة بطرق مختلفة أكثر مما اعتاد عليه الناس في الماضي، وبإمكان الزبائن الشعور بذلك”.

وتستخدم الشركات في العادة الأرقام المتعلقة بحجم مبيعاتها، وغيرها من الأرقام لتقيس مستوى أدائها، أو تتبع نتائج أخرى مثل الكفاءة، لكي تقيس أداء موظفيها.

لكن عندما يتعلق الأمر ببناء الثقة بين الزبائن والعاملين أنفسهم، يتبين أن المعاملة الودية عامل أساسي في النجاح. لكن كيف يمكنك قياس شيء ما يبدو مجردا، خصوصا أن المعاملة الودية يمكن أن تبدو مختلفة حسب اختلاف الأشخاص؟

وأظهرت دراسة نشرت عام 2015 لرجال الأعمال من شركة “ديلويت للاستشارات” أن أكثر من نصف المشاركين الذين جرى استطلاع آرائهم شعروا أن معرفة المزيد عن تجربة مديرهم التنفيذي في إدارة العمل وفي الحياة بشكل عام لها أثر إيجابي على مشاعرهم تجاه المكان الذي يعملون فيه.

وأظهرت النتائج أن هناك حاجة لأن يُطلع المسؤولون الموظفين أكثر على قصصهم، وأخبارهم الشخصية، وعدم الاكتفاء بالحديث عن استراتيجية الشركة، خصوصا بالنسبة للشركات التي تسعى لتوظيف الكفاءات الشابة، كما يقول ماثيو كوهات، المؤلف المشارك لكتاب “المقنِعون”، والذي يستعرض العوامل التي تساعد الناس على التحلي بصفات مثل القدرة على الإقناع والتأثير.

ويقول كريس مالون، من شركة “فيدلوم بارتنرز” للاستشارات، والمعنية بمتابعة مدى ولاء الزبائن للشركات: “المعاملة الودية هي العامل الحقيقي الذي يميز بين الناس الذين نثق فيهم، ونمنحهم ولاءنا. لكنها لا تظهر في سجلات المعاملات المالية والرسمية”.

بناء الثقة

فكرة “المعاملة الودية” غالبا ما يُساء فهمها، كما يقول مالون الذي يشارك أيضا في إدارة شركة “كي إن بي” للإتصالات.

ويقول إن المعاملة الودية ليست الابتسام أكثر، أو الموافقة على كل الأمور فحسب. لكن إظهار الود والدفء في العلاقة مع الزبائن يعني أنك قادر على أن تظهر لهم أنك تشاركهم أهدافهم وقيمهم.

وقد توصلت دراسة صدرت عن جامعة برينستون الأمريكية أن الناس يطلقون حكما سريعا على الآخرين بناء على خلفياتهم وتجاربهم هم.

وهذه الأحكام مهمة لأنها تكشف عما إذا كنت أكثر ميلا للثقة في شخص ما أو أنك تنظر إلى نواياه على أنها سيئة أو حسنة فقط، كما تقول سوزان تي فيسك، أستاذة علم النفس في الجامعة. ولم تشارك فيسك في تلك الدراسة لكنها تبحث في مجال الميول والعلاقات الشخصية.

وعندما ينظر إليك الزبائن أو زملاء العمل على أنك شخص ودود، فهم في الواقع يشعرون أنك إلى جانبهم.

ويميل الناس في العادة إلى الثقة في أقرانهم في نفس المجموعة، كما تقول فيسك.

فعلى سبيل المثال، ربما ينظر شخص إلى شخص ما من مجموعة عرقية معينة على أنه إنسان ودود، ومتعاون، وأهل للثقة، وهو ما يرجح الرغبة في العمل مع ذلك الشخص.

ويقول كوهات: “تبدو المعاملة الودية مختلفة وفقا لاختلاف الأماكن. فهناك نوع من المعاملة الودية بين الجنود في الجيش، وهناك نوع منها في رياض الأطفال.”

وبينما تعتبر المهارات المميزة والكفاءة أمورا جوهرية، فإن إظهار الود هو ما يميز أفضل ما لدى فريق العمل من سلوك وأداء. وتعزيز الود ربما يكون مفتاحا في يد الشركات لبناء الثقة بين موظفيها.

وأضاف كوهات: “إذا كان كل شخص يتميز بكفاءة عالية، ولكنه أناني ولا يفيد الآخرين، فهذا أمر لا تترتب عليه أية فائدة عملية”.

يقول مالون: “الآن، ومع وسائل الإعلام الاجتماعي، يلاحظ الزبائن طبيعة المعاملة المقدمة إليهم، وتنتشر انطباعاتهم عن معاملة الشركات لزبائنها بسرعة أكبر، وعلى نطاق أوسع.”

قياس طريقة المعاملة

يعد قياس الود الذي يظهره العاملون تجاه الزبائن أمرا في غاية الصعوبة، لأنه ليس أمرا ذاتيا، وغالبا ما يصعب الحديث عنه. فأنت لا تستطيع أن تسأل زملاءك ما إذا كانوا يعتبرونك ودودا معهم. وبحسب مالون: “ليس الود من الأمور التي تتعرض لها في العادة أثناء حديثك مع الآخرين”.

لهذا السبب، تستخدم المؤسسات أسلوب التقييم المجهول للموظف، ليس من رؤسائه فقط، ولكن أيضا من زملائه، ومرؤوسيه.

لكن كوهات يقول إنه بإمكان الشركات أن تكون أكثر إبداعا في كيفية تشجيع المعاملة الودية، بمكافأة الموظفين الذين يساعدون أقسامهم ودوائرهم على النجاح بدلا من مجرد زيادة أعدادهم.

وأضاف: “الكثير من الفرق الرياضية تثني على اللاعب الذي يقوم بالمساعدة أو تمرير الكرة لزملائه. ويمكن للشركات الكبيرة أن تصبح مبدعة في طريقة قياس الكيفية التي تقدم بها المساعدة للناس، بدلا من الاكتفاء فقط بإحراز الأهداف”.

كذلك من الصعب على الشركات أن تقيس الطريقة التي ينظر بها الزبائن إليها بمجرد النظر إلى الأرقام فقط. فبدلا من ذلك، بإمكان الشركات استخدام استطلاعات الرأي التي تقوم بها مؤسسات مستقلة للوقوف على الرأي الصحيح والصادق للزبائن.

وقدمت شركة فيدلوم، التي يعمل بها مالون، مساعدة مهمة لشركة كندية تعمل في مجال تجهيز المكاتب، من خلال إجراء دراسة مسحية على رأي الزبائن فيها.

وشملت الدراسة آلاف الزبائن للحصول على صورة شاملة عن مستوى الخدمات، بما في ذلك 15 نقطة تتعلق بالكفاءة والمعاملة الودية، مثل أن يُطلب منهم الإجابة عما إذا كانت الشركة “تعمل بصدق لتحقيق أفضل مصلحة لك”، وما إذا كان موظفوها “يتعاملون معك بود”.

في بداية الأمر، أظهرت الدراسة أن زبائن هذه الشركة الكندية شعروا بأنها لم تأخذ في الاعتبار مصالحهم وأولوياتهم، ولم تكن منصفة بما يكفي، أو تحترم رغباتهم.

واستجابة لنتائج هذه الدراسة، قامت الشركة بدعوة الزبائن لحل مشاكلهم العالقة، مع وعد بالرد خلال 72 ساعة على استفساراتهم. ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة رضا الزبائن عن أداء تلك الشركة بصورة كبيرة.

ولا ينبغي التقليل من أهمية ذلك الشعور بالود عندما يتعلق الأمر بتحسين وتطوير العمل.

وفي الفترة ما بين عامي 2014 و 2016، أجرت شركة فيدلوم دراسة مسحية على 27 ألف من زبائن محلات “غراند آند توي”، وتوصلت إلى أن إدراك الزبائن للمعاملة الودية التي يتلقونها كان سببا في زيادة رغبتهم بنحو 41 في المئة في تفضيل هذه الشركة على غيرها من الشركات، كما يقول مالون.

كما أجرت فيدلوم أيضا استطلاعا للرأي شمل نحو ألف من زبائن شركة “بينك جيب” في يوليو/تموز 2016، وهنا أيضا لاحظت الشركة أن إدراك الزبائن المشاركين في الاستطلاع للمعاملة الودية التي يتلقونها كان سببا في زيادة التوصيات الإيجابية التي يقدمونها لمعارفهم بنسبة 42 في المئة، والتي تنصحهم بالتعامل مع الشركة والثقة فيها.

وبعد معرفة شركة “بينك جيب” أن الود والدفء الشخصي لمرشديها وحسن علاقاتهم مع الزبائن من الأمور التي تجعل الشركة ناجحة على المستوى الإقليمي، شرعت الشركة في تطوير وترقية برامج التدريب والتوظيف لديها.

وترغب الشركة في التأكد من أن الزبائن يواصلون الشعور بذات العاطفة من المرشدين، في الوقت الذي تعكف فيه على التوسع في مواقع إضافية.

ويقول ميلر: “في الوقت الذي تعامل فيه زبائنك كقطع الحديد الصماء، ثم تتوقع منهم أن يأتوا إليك مرة بعد مرة، فلا شك أنك غارق في مشكلة حقيقية”.

بي بي سي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*