الصيد الجائر .. إبادة للأسماك والطيور النادرة

241

22-3886الحكمة – متابعة: استمراره ينتج كارثة اقتصادية وبيئية

في سبعينيات القرن الماضي عندما كانت أسرتي تسكن في كوخ من القصب في هور ( ال جويبر ) الواقع في تخوم سوق الشيوخ، أتذكر جيدا كيف أنب رجال العشيرة احد ابنائهم ( غازي ال خثيث ) عندما اصطاد عبثا ( نعجة الماء ) البجعة لكونها لا تؤكل، فكانت بالنسبة لنا جميعا عبرة منعتنا من التعرض الى أسراب هذه الطيور التي بطبيعتها تحب الاقتراب من الانسان لشعورها بالامان

كما اتذكر جيدا كيف كانوا يصطادون الاسماك التي تكفي قوتهم ولا يكثرون خصوصا وانهم انذاك يمتنعون عن بيع السمك وطيور الماء لاسباب الوجاهة، غير ان الذي نراه الان من صيد جائر فتك بالطيور والاسماك يجعلنا امام كارثة اقتصادية وبيئية حقيقية يتوجب التحذير منها

 الدواب في خطر

في هور الدلمج وعن الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها الطيور المهاجرة والاسماك بسبب غياب الرقابة وجشع البعض من الصيادين الذين يمارسون الصيد الجائر قال احد سكان الهورعلي

حسين البديري:

{ نحن نسكن في هور الدلمج من عقود بعيدة ونرى في الهور البيئة الحاضنة لنا والتي لا يمكن لنا استبدالها باي بيئة اخرى، فهنا ولدنا وهنا نموت كما هو حال الاباء والاجداد}، مضيفا ان {الانتهاكات التي يتعرض لها هور الدلمج لاتقع بالقرب من المناطق القريبة من سكانه، انما يمارس الصيادون الغرباء مختلف انواع الصيد غير الشرعي او الصيد الجائر في اعماق الهور لاننا نطاردهم خشية على حيواناتنا من التعرض للتسمم، خصوصا ان البعض يستخدم سموما فتاكة تقتل أغلب الحيوانات المائية وبعضها يفتك بالبرية ايضا، بل ان البعض من الصيادين يستخدمون المتفجرات لصيد الاسماك بطرق بشعة بل ان دوابنا عرضة للخطر بسبب المتفجرات التي لا تنفجر في حينها فتبقى تحت الماء، وهو ما جعلنا ومنذ سنوات تارة نطاردهم في الهور وتارة اخرى نتوجه الى حل المشكلة عشائريا، غير ان كل الحلول مؤقتة} .

   مافيات متنفذة

ان العديد من الناس يجدون في الاصطياد هواية لا مهنة لهم انما هي متعة تشبه متعة السياحة والسفر والاطلاع على جمال الطبيعة وممارسة الهواية يقول الصياد المجاز كريم الجابري:

“ان اغلب الصيادين الذين تراهم على مشارف الهور لا علاقة لهم بالصيد الجائر لكونهم هواة يأتون مع اشراقة الشمس ويذهبون مع غروبها}، موضحا {ان الذين يمارسون الصيد الجائر هم صيادون غرباء يأتون من مختلف المحافظات ولديهم امكانية كبيرة للبقاء اسابيع في اعماق الهور، حيث توزع الادوار بين مجموعة للصيد واخرى للبيع وثالثة للحراسة}، مشيرا الى ان {البعض لا يصطاد غير الطيور النادرة وبطرق مبتكرة تمكنهم من بيعها باثمان باهظة، وقد يتم تصديرها خارج العراق، بل ان بعض حالات البيع تتم باستخدام الانترنت للتنسيق مع المشتري، خصوصا الخليجي ويحدد الثمن قبل البدء بعملية البيع المباشر} .

حماية مع ايقاف التنفيذ

وعن السبل الكفيلة بحماية الثروة السمكية والطيور النادرة في المسطحات المائية من الابادة الجماعية يقول الخبير الاقتصادي جاسم محمد:

{ ان حماية الثروات الطبيعية في الاهوار والمسطحات المائية لا تحتاج الى قرارات للاستهلاك الاعلامي، فحسب بل تحتاج الى وضع خطة موسعة وتنفذ تحت اشراف ومتابعة ذوي الاختصاص}.

مشيرا الى ان مجلس محافظة الديوانية كان قد اصدر قرارا بحماية نحو 5 آلاف دونم من هور الدلمج، وهيئة الاستثمار اعلنت عن طرح فرص استثمارية في الهور، ودائرة البيئة أعلنت انها تقوم بزيارات مستمرة الى هور الدلمج لغرض حمايته من الانتهاكات التي يتعرض لها، غير ان كل هذا لم يترجم الى افعال ذات مردود ايجابي بدلالات عديدة من اهمها ان التنوع الاحيائي في هور الدلمج مازال يتعرض للانتهاك، واننا لم نر احدا من هؤلاء الصيادين الجائرين قدم الى القضاء ولم نلمس مشروعا استثماريا نفذ او اي وعد تحقق} .

آثار تحت الماء

ان الاهمية الاثرية والطبيعية والبيئية والاقتصادية لهورالدلمج يختصرها مدير البيئة في محافظة الديوانية المهندس حيدرعناج

 اذ يقول :

{هور الدلمج الذي يعد من المسطحات المائية الكبيرة في العراق يعتبر من أبرز المعالم الطبيعية في أطراف منطقة الفرات الاوسط لاحتوائه على الكثير من الفوائد الاقتصادية والبيئية والاثرية، حيث ان مياه هور الدلمج تغطي العديد من الكنوز الاثرية التي تعود لعصور مختلفة، مضيفا ان الهور الذي تسكنه نحو 3 آلاف أسرة يعد محطة لاغلب الطيور النادرة التي تتخذ منه محطة استراحة ومرتعا لها على مدى اشهر فصل الشتاء، فضلا عن احتوائه على كنوز اثرية لعصور ضاربة في القدم مازالت غير منقبة خصوصا وانه بمحاذاة مدينة نيبور الاثرية}، لافتا الى {ان هور الدلمج يستخدم كخزان مائي كبير له قيمته الثمينة في مجال الري والزراعة فضلا عن تنوعه الاحيائي

وغير ذلك} .

طائر الفلامنغو في خطر

ويضيف مدير البيئة في محافظة الديوانية: {ان قوافل النشطاء في مجال حماية البيئة وبالخصوص منظمة الواحة الخضراء مازالت مستمرة بتحقيق زيارات الى المسطحات المائية بالتنسيق مع دائرة البيئة للتعريف بأهمية منع الصيد الجائر، والحاجة الى حمايته والابلاغ عن الصيادين الذين ينتهكون اصول الصيد، والتعريف بالطيور المهددة بالانقراض والتي يجب عدم اصطيادها مثل طائر الفلامنغو (النحام) والحباري، وشرح الاتفاقيات الدولية التي أصبح العراق جزءا منها، غير ان الجهود مازالت أقل من المستوى المطلوب في حال نريد تحقيق الحماية الفعلية لهور الدلمج}، مبينا ان {قوافل دائرة البيئة ونشطاء حماية البيئة زودوا الصيادين واصحاب محال بيع الطيور بقوائم لاسماء وصور الطيورالمهددة بالانقراض لمنع اصطيادها وبيعها، الا ان الاغراءات المالية التي تقدم لهؤلاء الصيادين تجعل اغلبهم لا يلتزم بالتوجيهات} .

مشاريع استثمارية مقترحة

وعن المشاريع الاستثمارية التي من الممكن ان تنفذ في هور الدلمج وتعود بفوائد اقتصادية يقول الاعلامي سامي الصالحي : {ان العديد من المشاريع الاستثمارية من الممكن تنفيذها في هور الدلمج وفي مجالات مختلفة، موضحا ان من ابرزها، مشاريع لتربية الجاموس والابقار وبحيرات اسماك وانشاء معامل لانتاج الاعلاف والالبان، فضلا عن مشاريع سياحية في مجال القرى السياحية وحدائق الحيوان والفندقة والكازينوهات ومطاعم شواء السمك وغيرها}، مضيفا {ان منطقة هور الدلمج ومحيطها تعد مساحات مؤهلة تماما للاستثمار لوجود الارض الخضراء المحيطة بالمسطح المائي الثري بموارده الطبيعية، فضلا عن موقعه الجغرافي الملائم الذي يجعله قريبا من محافظات الفرات الاوسط والجنوب} .

الديوانية / عباس رضا الموسوي

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*