الحكمة – متابعة: الماء ضروري لاستدامة الحياة، وتعد الموارد المائية من الركائز الاساسية وأحد اهم المتطلبات لادامة الحياة الانسانية، ولا يمكن تواصل الحياة من دون المياه كما تلعب المياه دورا رئيسا بعمليات التنمية ومنها التنمية الزراعية وبها يتحقق الامن الغذائي الذي يعد جزءا لا يتجزأ من الامن المائي، وعليه فان الاهتمام بالموارد المائية يعد امرا حيويا لتغطية الاحتياجات الانسانية من مياه الشرب والزراعة والصناعة والسياحة.
اسباب الأزمة
وبحسب خبراء ودراسات اجريت حول ازمة المياه توصلوا الى انها نتجت في العراق لاسباب خارجية واخرى داخلية، وقد تمثلت الاسباب الخارجية بـ(التغير المناخي والاحتباس الحراري الذي ادى الى انخفاض الامطار، فضلا عن ان منابع نهري دجلة والفرات ليست من العراق وانما من دول مجاورة له، فضلا غن التوتر السياسي وغياب القانون الدولي).
اما الاسباب الداخلية فقد تمثلت بـ(قلة السدود والبحيرات الخازنة للمياه على الانهر السطحية في العراق، وعدم كري النباتات من ضفاف الانهار، وعدم تبطين السواقي، غياب او ضعف الارشاد المائي، وعدم استعمال طرائق الري الحديثة، بالاضافة الى انخفاض كلفة المياه، وزيادة عدد السكان).
اكتفاء بغداد
بين مدير ماء بغداد في امانة بغداد عمار موسى كاظم :
“ان بغداد اليوم وصلت الى الاكتفاء بعد افتتاح مشروع ماء الرصافة، اذ وصل الانتاج الى الطاقات القصوى، لكن هناك مناطق مازالت تعاني من شحته نتيجة لتجاوزهم” مشيرا الى “ان مشكلتنا ليست مع المناطق الرسمية التي تحمل محلة وزقاق ودار بل تتركز في مناطق الاطراف والمناطق الزراعية التي تحولت الى سكنية بدون موافقات رسمية، وان هذه المناطق تجاوزت على الخطوط الناقلة ومدت انابيب كيفما تشاء وبدأت تأخذ كميات من المياه لم تكن مقررة لها، وهي بتصاميم الدائرة غير مشمولة بحصة الماء الصافي”.
وفيما يتعلق بسد “اليسو” التركي وتأثيره في الحصص المائية العراقية، قال كاظم:
” ان مسؤولية ماء بغداد تتمثل في انتاج الماء الصافي داخل العاصمة بغداد، اما فيما يتعلق بالحصص المائية لنهر دجلة فهي مهمة وزارة الموارد المائية، وانني عضو باللجنة العليا للفيضانات التي يرأسها وزير الموارد المائية، وعليه فهناك تنسيق مع الجانب التركي بخصوص الحفاظ على كميات المياه الواردة الى دجلة، فضلا عن ذلك هناك خزين في سدي الموصل وسامراء”.
واسترسل” ان الوزارة وضعت برنامجا متكاملا لتأمين الحد الادنى من الحصص المائية التي تؤمن تشغيل مشاريعنا بالطاقات القصوى خلال موسم الصيف، فضلا عن توفير حصص مائية للمحافظات الجنوبية عن طريق توفير كميات منه، فمن المعروف ان الماء الوارد للنهر ليس فقط لاغراض مشاريع التصفية للشرب، فيذهب جزء منه للمشاريع المختلفة وللزراعة وغيرها،وان سد “اليسو” في حال قام الجانب التركي بملئه سيؤثر في كميات المياه الواردة الى العراق، لكن المبشر بالخير ان وزارة الموارد بذلت جهودا كبيرة للتخفيف من حدة ذلك التأثير”.
ودعا كاظم المواطنين الى:
” ضرورة ترشيد استهلاك المياه، اذ وصلت حصة الفرد اكثر من 400 لتر في اليوم في حين ان البلدان المجاورة قد لاتصلهم ربع هذه الحصة ولايشتكون من ازمة مياه الشرب، وهذا الموضوع يعتمد على ثقافة ووعي المواطن، وان الدائرة بدأت بتنميتها في المجتمع بالتعاون مع منظمات وهناك تجاوب”.
تطمينات تركيا
من جانبه ابدى وزير الموارد المائية الدكتور حسن الجنابي قلقه من المبالغة باستغلال المياه من قبل دول الجوار، بحسب قوله” نحن بلد مصب واجراءات دول الجوار تنعكس مباشرة علينا، لكن في زيارتنا الاخيرة الى الجارة تركيا حصلنا على تطمينات نعتقد انها صادقة بعدم الاضرار بالعراق بعد استكمال سد “اليسو” الذي يجري انشاؤه الان على نهر دجلة”.
خطر {اليسو}
واشار سفير منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة في العراق فاضل الزعبي الى:
” ان المياه من اهم المواضيع التي تؤرق بال السياسيين وصناع القرار، فضلا عن المنظمات العاملة في هذا المجال، خاصة مع التغيرات المناخية في الوقت الحاضر والتي ادت الى ندرة هطول الامطار وارتفاع درجات الحرارة، عدا مايعانيه العراق اصلا من قلة المياه السطحية الواردة اليه من الدول المجاورة”.
ويضيف الزعبي” نحن قلقون جدا بما ينتظر العراق في تشرين الاول المقبل، اذ ستبدأ تركيا بتعبئة سدودها بالمياه وسينحدر الوارد الى العراق من 200 متر مكعب في الثانية والتي هي بالكاد تكفي الى 70 مترا مكعبا، وهذه ازمة حقيقية، واننا على دراية ان صناع القرار في العراق، لاسيما وزير الموارد المائية الدكتور حسن الجنابي مهتم بشكل كبير بمتابعة القضية للبحث عن حلول مع الجانب
التركي”.
ادارة جيدة
مدير التخطيط الزراعي في وزارة التخطيط والتعاون الانمائي الدكتور محمد جواد الخطاب يوضح:
” ان للمياه تأثيرا كبيرا على موضوع الامن الغذائي، اذ ان 84 ـ 86 بالمئة من المياه تذهب للقطاع الزراعي وهو الرافد الاساس لتحقيق الامن الغذائي،وفي حقيقة الامر ان المياه تتأثر بدول الجوار، ولذلك فالعراق بدأ بالدخول في اتفاقات مع دول
الجوار لتأمين حصصه المائية، مؤكدا اذا ماتم انشاء بعض السدود كسد “اليسو” في تركيا فانه سيسهم بعجز كبير في حصتنا المائية، وان العراق بحاجة الى ادارة جيدة للمياه، فهي المسؤولة عن تحقيق الامن الغذائي، والعراق اكتفى من السدود والخزانات الكبيرة، واتجه الى حصاد المياه بالسدود الصغيرة وهي ترفد مناطق كبيرة تحقق لها انتاجا زراعيا وفيرا”.
حلول داخلية
ويرى الخبير الزراعي الدكتور عادل محمد :
“اننا نحتاج الى حلول تبدأ من داخل البلد تتمثل في بناء السدود والبحيرات الخازنة للمياه وعدم ترك المياه تذهب بدون استغلالها، فضلا عن كري الانهار بصورة مستمرة من اجل منع نمو النباتات التي تستهلك المياه بشرابها وتبطين السواقي من اجل تقليل الهدر المائي الناتج عن عملية النتح ومنع نمو الادغال التي تمنع انسيابية المياه، وبناء على ماتقدم يكون لنا موقف قوي في المحافل الدولية عند عرض قضيتنا، اذ سيرى المحكمون بأننا نعمل لتحسين الري والزراعة وفي الوقت نفسه نريد حقوقنا المائية”.