لماذا تُسبب السكريات زيادة الوزن؟.. هكذا تُخلص جسمك من أثرها السيئ
297
شارك
الحكمة – متابعة: نسمع طوال الوقت الإحصاءات التي تربط زيادة الوزن أو السمنة بتناول السكريات، سواء لدى البالغين أو الأطفال.
ولكن، هل كل السكريات خطيرة؟ أو هل هناك وسيلة لجعل تناول السكريات آمناً؟
ويجيب روبرت لستغ، أستاذ طب الأطفال، شعبة الغدد الصماء بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو الأميركية، عن كل هذه التساؤلات.
اللبتين (هرمون الشبع)
السبب في كون السكريات ضارة جداً أو حتى سامة لأجسامنا مقترن دائماً بتأثيرها على هرمونَي اللبتين (هرمون الشبع) والأنسولين.
ويقول لستغ للنسخة الأسترالية لهاف بوست: “اللبتين هو أحد الهرمونات التي تُفرزها الخلايا الدهنية استجابةً لاستهلاك الطاقة”.
يسري اللبتين في مجرى الدم، وينتقل إلى أعضاء مختلفة في الجسم ليعطي إشارة بأن هناك ما يكفي من الطاقة للمشاركة في عمليات الأيض (التمثيل الضوئي)، التي تتطلب قدراً كبيراً من الطاقة، ويمكن القول إنَّ هرمون اللبتين هو الذي يضمن عدم شعورنا بالجوع.
على سبيل المثال، التغيرات الجسدية مثل البلوغ، والحمل عند النساء، وبناء عظام قوية هي عمليات جسدية باهظة الثمن، فيما يتعلَّق بالطاقة المطلوبة لإتمامها، وهرمون اللبتين هو المسؤول عنها جميعاً.
وفكرة عمل هرمون اللبتين بسيطة: إذا زادت نسبته قلَّت الشهية، وهو ما يعني أنَّ له أهمية كبيرة في السيطرة على مقدار ما تأكله.
ويقول لستغ: “عندما تصل إشارة اللبتين إلى العقل يقول: لست جوعاناً، لا أحتاج إلى تناول الكثير من الطعام، ويكون لجسدك حينها القدرة على بناء العظام وتقوية جهاز المناعة وممارسة الجنس والإنجاب”.
ويضيف: “وحينما لا تصل إشارة اللبتين إلى المخ فإنه يقول: (أنا جوعان، أحتاج إلى خفض نفَقاتي وزيادة تناول الطعام للحصول على الطاقة وإفراز هرمون اللبتين)”.
وينظم اللبتين بالأساس عملية الأيض ومعدل تفتيت الدهون، كما تؤدي ارتفاع نسبة اللبتين إلى زيادة معدل عملية الأيض البشري، وانخفاض نسبته إبطاء العملية.
إنه يشبه المنظم الحراري الذي يقوم بقراءة درجات الحرارة لأي آلة في المنزل، إذا كانت باردة جداً يقوم بزيادة الحرارة، وإن كانت ساخنة بما يكفي يطفئها.
إذاً ما علاقة هرمون اللبتين بالسكريات والأنسولين؟
إنَّ له علاقة وثيقة؛ إذ إنَّ ما نتناوله من سكريات قد يؤثر سلباً على نسبة اللبتين وبالتالي على مستويات التمثيل الغذائي والشهية.
ويوضح لستغ: “إن هذا يدعى مقاومة اللبتين، حين تفرز كميات كبيرة من اللبتين ولكن دون استجابة من المخ”.
ويضيف: “قد يحدث ذلك إما لأن المُستقبِل يشهد تغيُّراً جينياً مفاجئاً، أو أن هناك شيئاً ما في اتجاه تحرك اللبتين نحو المستقبلات تجعل شيء ما لا يعمل بالطريقة الصحيحة، وهذا ما يعاني منه أغلب مرضى السمنة المفرطة”.
ويتابع: “فماذا علينا أن فعل؟ ما تعلمناه من أبحاثنا أن هرمون الإنسولين يمنع إفراز اللبتين”.
الإنسولين (الهرمون المسؤول عن تحويل الطعام إلى جلوكوز)
يعمل الإنسولين على عدم إفراز اللبتين، وذلك لأن الأول يعطي إشارة للخلايا الدهنية بتخزين الطاقة (وبالتالي زيادة الوزن).
ويقول لستغ: “يحول الإنسولين الطاقة التي تتناولها سواء من سكريات أو غيرها إلى دهون، الخلايا الدهنية تُحول تلك الطاقة إلى دهون وأحماض دهنية ودهون ثلاثية، وبعد ذلك تفرز الخلايا الدهنية اللبتين”.
ولكن قد تؤدي زيادة نسبة الأنسولين إلى عدم قيام هرمون اللبتين بوظيفته في الحفاظ على شعورنا بالشبع.
السؤال هنا: ماذا جعل الإنسولين بهذا الشكل؟ لماذا نسبة الإنسولين لدى الجميع الآن أعلى بمعدل ضعفين أو أربعة أضعاف عما كانت عليه قبل 40 عاماً؟ تلك هي المشكلة.
ووفقاً للستغ، فإن مقاومة اللبتين ليست المشكلة، فما السبب في مقاومة اللبتين؟ هنا يأتي دور السكر في المسألة.
السكريات (الجلوكوز والفركتوز)
تحتوي جميع الأطعمة المحببة لنا مثل البسكويت، والكعك بأنواعه، والفطائر، والمصاصات، والشوكولاته على السكريات.
يقول لستغ: “تتكون السكريات من جزيئين، أحدهما يسمى الجلوكوز والآخر يسمى الفركتوز”.
وعندما تستهلك الجلوكوز (على سبيل المثال بتناول شريحة من الخبز الأبيض)، فإن 20% فقط من هذا الجلوكوز يستقر في الكبد، وتوزع النسبة الباقية على باقي الأعضاء، إذ إنَّ جميع خلايا الجسم يمكنها أن تنتفع من الجلوكوز في الحصول على الطاقة.
أما المشكلة الأساسية فتكمن في المزج بين الجلوكوز والفركتوز، يقول لستغ: “الفركتوز ليس كالجلوكوز، الفركتوز لذيذ المذاق وهو السبب في حب وتلهف السكريات، أما الجلوكوز فليس كذلك”.
ويضيف: “الكبد هو العضو الوحيد في الجسد الذي بإمكانه التعامل مع الفركتوز، إذ لا تستطيع باقي الأعضاء إجراء عملية الأيض معه، فعندما تستهلك السكريات فإن 20% فقط من الجلوكوز تسير إلى الكبد، أما الفركتوز فيستقر بكامل نسبته”.
ويتابع: “إذا طغت قدرة الكبد على أيض الفركتوز، والذي يحدث بسهولة نسبياً، فإن هذا الفركتوز الإضافي يتحول إلى دهون بالكبد وتعرف هذه العملية باسم تشحم الكبد (أي تحول السكريات إلى دهون)”.
ووفقاً للستغ، يقوم الكبد إما بإطلاق هذه الدهون خلال مجرى الدم وهو ما يزيد نسبة الدهون الثلاثية (أحد العوامل الخطرة لأمراض القلب والسمنة)، أو أن الكبد لن يحرر هذه الدهون وبالتالي ستبقى به لتترسب.
الخلاصة:
حينها تعاني من مرض الكبد الدهني، وستكون غدة البنكرياس مطالبة بإفراز المزيد من الإنسولين حتى يستطيع الكبد القيام بوظائفه، الآن لديك نسبة عالية من الأنسولين في كل مكان، وبالتالي ستكتسب المزيد من الوزن وسيعمل الإنسولين على عدم وصول إشارة اللبتين إلى المخ، وهو ما سيجعلك جائعاً. إنَّها حلقة مفزعة من الهزال والمرض”.
هل هناك حل لأزمة الإنسولين؟
الألياف.. الوسيلة لجعل السكريات آمنة
ثمَّة نوعان من الألياف: الألياف القابلة للذوبان والألياف غير القابلة للذوبان، الألياف القابلة للذوبان مثل البكتين (أحد أنواع السكريات) الموجودة في المربى، أما الألياف غير القابلة للذوبان مثل سكر السليلوز، الجسم بحاجة إلى النوعين، والفاكهة لديها الاثنان.
ويشرح لستغ: “عند تناول قطعة من الفاكهة تكون قد حصلت على النوعين، وتشكل الألياف غير القابلة للذوبان شبكة أو نافذة داخل الأمعاء، ثم تسد الألياف القابلة للذوبان ثقوب هذه الشبكة”.
وينتهي بك الأمر إلى مادة هلامية بيضاء اللون تعمل كغطاء داخل الأمعاء وتمثل حاجزاً لمنع الامتصاص السريع للسكريات، فتقوم بالامتصاص ببطء وهو ما يحمي الكبد ويقيه من مرض الكبد الدهني.
وأوضح لستغ: “هذا ما يجعل الألياف مفيدة: فحينما نأكل الألياف، فإنها تُغذي بكتيريا الأمعاء، فنحن لا نمتصها من أجل استخدامنا أو تخزيننا الخاص”.
بالإضافة إلى ذلك، وبسبب عدم الامتصاص السريع للألياف، فإن ما أكلته يذهب بعيداً عن الأمعاء، وهناك بكتيريا الميكروبيوم المفيدة للجسم والتي توجد بالجزء الثاني من الأمعاء وليس الأول، وهذه البكتريا يجب أن تأكل لتعيش.
وتزداد نسبة البكتريا في الجسم بتناول الطعام المحتوي على الألياف، مما يعطي الفرصة لنمو البكتيريا المفيدة للجسم، وهو ما يعني أن البكتيريا تقوم بتفتيت الطاقة بدلاً من امتصاصها.
لذلك حتى وإن أكلتها ولم تستفد منها، فإن البكتريا فعلت ذلك وهذا جيد.