{العرض الخاص».. الوجهة الأولى للمتبضع

338

الحكمة – متابعة: كثيرا ما اعتدنا على مشاهدة لافتة اعلانية مكتوب عليها خصم بنسبة معينة  او عرض خاص على بعض السلع و خاصة السلع الاستهلاكية ذات الصلاحية المحدودة، او السلع ذات الاستخدام في موسم معين، لكن في هذه الفترة بدأنا نشاهد هذه الامر يتوسع ويتعدى الى سلع غير محددة بموسم ولا مدة صلاحية، اذ شمل الاجهزة الكهربائية والاثاث المنزلي وحتى بعض انواع السيارات، وهذا ما جعل (ام احمد) تتصيد محال العروض الخاصة وتجعلها وجهتها الاولى عند التبضع.

وسيلة لمسايرة الظروف

وتتحدث المعلمة المتقاعدة ” سلامة احمد” عن سبب توجهها لمحال العروض الخاصة قائلة:

“ان انخفاض الرواتب وكثرة الاستقطاعات  فيه جعلا الراتب لا يسد الحاجة بل انه ينتهي لمجرد مرور اسبوعين على استلامه، ولهذا اصبحت بين الحين والاخر ابحث عن المحال التي تعلن عن عروض خاصة لكي احصل على ما اريده من السلع بسعر اقل من سعرها في فترة العرض الخاص”.وتقول وهي مستاءة من هذا الوضع”  على الرغم من ان هذه العروض تفيدنا في الحصول على سلع قد يصعب علينا الحصول عليها بحكم الضائقة المالية، الا انها لا تأتي الا بعد انتهاء الموسم المناسب لها خاصة عروض الملابس، ولهذا اضطر الى شراء هذه الملابس بعد انتهاء موسمها واحتفظ بها للموسم القادم، كون سعرها في موسمها يزيد عن سعر العرض بأربعة

 اضعاف “.

وتضيف احمد ” ان جشع التجار واصحاب المحال في استغلال المتبضع بأسعار عالية جدا ارهقا كاهلنا، ما جعلني والكثير من الناس ان نؤجل الحصول على ما نريد من السلع في غير وقت موسمها وبالخصوص العوائل الكبيرة التي تكون حاجتها تفوق امكانيتها”.

كثرة جهات الاستيراد

ويشير”علي العتابي” صاحب محل للمواد الغذائية الى:

” ان من اهم الدوافع التي تدفع السوق الى خفض اسعار بعض موادها ترجع الى كثرة جهات الاستيراد، والسوق اغرقت بمنتجات الشركات الايرانية والتركية والاردنية والكويتية وبعض شركات شمال العراق، التي ضاهت بشكل كبير المنتج المحلي وخاصة في منتجات الالبان، وهذا ما جعل الشركات و بحكم التنافس بينها الى ان تخفض من سعر منتجاتها”.

ويضيف” عن طبيعة التنافس بين الشركات قد تصل درجة التنافس بينهم الى ان يغيروا من سعر السلعة نفسها خلال اليوم الواحد، فنجد ان السلعة في الصباح يختلف عنه في المساء، ومن الاسباب الاخرى التي تدفع التاجر الى خفض السعر هي قلة مدة صلاحية المنتج وقد يصل سعر الخصم الى اكثر من 50بالمئة من القيمة الفعلية”.

تداعيات الانتشار

ويبين الخبير الاقتصادي في الجامعة العراقية الدكتور عبد الرحمن المشهداني:

” ان زيادة الاستيراد جاءت نتيجة عدم تفعيل القطاع الخاص، وعدم اعادة صياغة القوانين الاقتصادية بالشكل التي تنسجم مع الواقع الاقتصادي الذي ساعد وبشكل كبير الى ان يستحوذ المنتج المستورد على السلع المنتجة محليا، بالإضافة الى عدم دعم القطاع الصناعي وكذلك عدم دفع مستحقات الفلاحين والمقاولين”.

ويؤكد”ان الركود الاقتصادي في السوق العراقية يعد السبب الرئيس الذي يدفع التاجر الى عرض بعض السلع بخصم معين او(عرض خاص)، كما ان المحرك الرئيس للسوق هو رواتب الموظفين وقطاع الزراعة  والمقاولات عند وجودها، لكن كثرة الاستقطاع من رواتب الموظفين ، وما رافق هذا الموضوع من ارتفاع معدلات الاسعار في السوق العراقية، وكذلك تكدس البضائع في الموانئ العراقية بسبب رفع الضريبة الجمركية  التي تصل الى 40بالمئة “.

واضاف المشهداني” ان التزام التجار بتسديد ما عليهم من اجور، مع ارتفاع سعر السلعة، وانخفاض القدرة الشرائية ما يجعلهم مضطرين الى عرض السلعة الى خصم قد يصل الى 50بالمئة لكي يتفادى هذا الموضوع، وان لجوء التاجر لهذه الطريقة هو محاولة لاسترداد رأس المال، كما يسعى من خلال هذا الشيء الى السيطرة على السوق عندما ينزل من سعر السلعة بنسبة معينة”.

التطور السريع

يشير”اكرم ابراهيم ” صاحب محل للأجهزة الكهربائية الى:

” ان من النادر ان تكون هناك خصومات في اسعار الاجهزة الكهربائية كونها سلعة لا تتقيد في موسم معين، لكن لكثرة المناشئ التي تأتي منها وانفتاح السوق على مصراعيها لكل ما هو جديد ومتطور، كما ان وجود سلع بنفس المواصفات باختلاف المناشئ جعل هناك فرقا بأسعار نفس السلعة” .

وبين” ان هذا التطور السريع الحاصل في الصناعات الكهربائية واقبال المتبضع على كل ما هو جديد ومتطور اضطرانا الى ان نعرض بعض الاجهزة الكهربائية بتخفيض بسيط بغية عدم تركها دون فائدة في المخزن، لكن في الغالب يكون التخفيض الحاصل في هذه السلع بسيطا جدا لا تتجاوز نسبة التخفيض 10بالمئة من سعر السلعة المعلن سابقا”.

عزوف المواطن

يتحدث صلاح العبيدي صاحب معرض للأثاث المنزلي عن الاسباب التي تدفعه الى عرض السلعة بخصم معين فيقول:

” ان عرض بعض قطع الاثاث المنزلي بخصم معين يكون نتيجة انخفاض القدرة الشرائية وعزوف المواطن عن شراء هذه السلع التي يظنها مكملة وليست اساسية التي ترجع اسبابها الى الانخفاض الحاصل في رواتب الموظفين، التي تعد الفئة الرئيسة التي نعتمد عليها في ترويج بضاعتنا، هذا ما يدفعنا في الغالب الى عرض السلع لتخفيض سعرها بغية استهواء المتبضع للشراء، وان اغراق السوق بسلع احدث تستهوي المشتري باقل كلفة واجمل منظر وموديل وخاصة الاثاث التركي والماليزي الذي يكون ذا شكل اجمل يعد واحدا من هذه الاسباب”.

الافرازات النفسية

ويوضح استاذ علم النفس في جامعة بغداد الدكتور ياسين حميد:

“ان الانسان بطبيعته محب للبحث عن كل ما هو قادرعلى مساعدته في تسيير امور معيشته، كما ان ظروف المعيشية الصعبة قد زرعت  في نفسه اقتناء كل ما هو قادر على اشباع احتياجاته حتى ولو كانت تلك الحاجة تسد رغبته بعد فترة بعيدة من وقتها، لذا نجد بان اغلب الناس قد اعتادوا على اقتناء السلع ذات العروض الخاصة بدافع شراء مواد اقل رخصا وذلك لتوفير بعض الاموال التي تفيد في شراء اشياء

 اخرى.

وهذا ما يمكنه من سد حاجاته، وان لما للفرد من غريزة حب امتلاك كل ما هو موجود بسعر ميسور والتي يحاول اشباعها بشتى الطرق، وهذا ما يجعله يبحث عن كل ما هو منخفض التكلفة لكي يوازي بذلك الميزانية المتوفرة لدية ويشبع كل ما يحتاجه بما يوفره سعر

الخصم له”.

ويضيف ” ان هذا الشيء  يؤدي الى اشباع الجانب النفسي لكلا الجانبين بما يؤديه من تلبية لمتطلباتهم، فنجد بان صاحب العمل(السوق) قد حصل على ما يريده من الربح وهو بذلك المستفيد الاول وكذلك المستهلك الذي هدفه الحصول على ما يشبع رمقه باقل كلفة” .

فئات المجتمع

ترى الباحثة الاجتماعية نريمان حسين:

” بان المجتمعات اصبحت تعاني من صعوبات كثيرة خاصة في فترات الازمات الاقتصادية التي ترهق كاهل الفرد والمجتمع اقتصاديا، وتجعل منه مجتمعا مربكا يحاول الحصول على ما يسد حاجته بما هو متيسر لديه من المال ليتماشى مع ما تتطلب الحياة المعيشية، كما ان ظهور خصومات على العديد من السلع والخدمات قد ساعد وبشكل كبير المجتمع للحصول على اغلب ما يريده المنزل من حاجات وبسعر اقل، كما انها اصبحت الوجهة الاولى التي يتوجه لها المجتمع عند الذهاب لشراء حاجاته وبالخصوص فئات المجتمع المتوسطة والفقيرة التي تعد الفئة الاكثر في مجتمعنا في ظل انخفاض الرواتب والبطالة، اضافة الى الاموال المستنزفة في الحرب على الارهاب،  ولهذا نجد بان اكثر المواطنين اصبحوا يبحثون عن المحال التي تعلن خصومات على بعض سلعها، وخاصة محال المواد الغذائية التي اصبحت تحدد يوما او يومين  من الاسبوع للعروض

 الخاصة”.

وتوضح ” على الرغم من معرفة المجتمع بان هذه الخصومات تكون على السلع التي قد اقترب وقت انتهاء صلاحيتها وكذلك السلع التى اوشك موسمها على الانتهاء لكنهم يقدمون عليها، اما لسد حاجة آنية او الاحتفاظ بها للموسم القادم، وذلك ليساروا بها الحاجة و ليتساووا مع ما هو موجود في المجتمع في ظل ظروف هذا الواقع المملوء بالعثرات والعراقيل وجشع التجار الذين يحاربون المستهلك في ضغط الاسعار العالية التي يفرضونها على السلعة في موسمها او السلعة ذات الفترة الزمنية الطويلة التي قد تتجاوز 3 – 4 اضعاف سعرها الحقيقي وكذلك سعر السلعة في فترة الخصم”.

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*