الحكمة – متابعة: تقصد البلاد كل عام وفي المواسم الأربعة طيورا مهاجرة، قادمة من بلدان مختلفة وتحصل الهجرة الجماعية لتك الطيور لأسباب متعددة، وتمتاز بألوانها البراقة واشكالها الغريبة احيانا، بهذه العبارات ابتدأ حديثه الصياد سعد فاضل متابعا:”نقصد انا واصدقائي كل عام الاهوار والمناطق الغربية، ونصطاد فيها ولكن نحاول قدر الامكان الابتعاد عن الطيور المهاجرة، ونكتفي بالنظر اليها والتقاط الصور لها حتى لانصيبها بالاذى، ولكن هناك من يقوم بالصيد الجائر ويؤذيها دون اخذ بعين الاعتبار انها طيور قادمة من بلدان مختلفة”.
ويقول ممثل جمعية الصيادين العراقية مازن حسين: ” ان اعضاء الجمعية والصيادين المحترفين ملتزمون بضوابط وشروط الصيد الصحيح، ففي موسم التكاثر لايقومون بالصيد حماية للطيور من الانقراض وبالنسبة لطائر الفلامنكو المهاجر الذي كثر الحديث عنه مؤخرا وعن صيده الجائر، فان الاعضاء والصيادين المحترفين لايقومون بالتعرض له لأن لحمه لايؤكل، ومن يقوم بصيد الفلامنكو يعرفون بالدواشة لاستخدامهم الشباك في الصيد، ويقومون بالتعرض لمختلف انواع الطيور لغرض المتاجرة بها، في حين ان حماية الطيور والحيوانات البرية واخبار السلطات المختصة عن محترفي الصيد الجائر الذين يشكلون خطرا عليه يهدد بانقراض وهدر الثروة الوطنية هو واجب على الجميع”.
موضحا: “يسهل التعرف على هذا النوع من الطيور لامتيازه بمنقار غريب معقوف من الوسط ، فضلا عن رقبته الطويلة جدا وساقيه الطويلتين وريشه الابيض المشوب باللون الاحمر القرمزي مع سواد القوادم والحوافي الخارجية، على ان هذا السواد لايبدو كثيرا من الخارج عندما يطوي جناحيه وتزداد الحمرة في غطائيات الجناح العليا والسفلى، والريش الابطي وتمتاز الانثى بصغر حجمها مقارنة مع الذكر، وحمرتها اضعف وفي الطيور اليافعة تكون ضعيفة وتجنح الى السمرة، تمتاز قزحيته بلونها الاصفر الليموني، ومنقاره الاحمر وطرفه النهائي اسود والجلد العاري المحيط بالعينين يكون احمر، كما ان القدم والساق ايضا حمراوان وفي اليافع المنقار والقدم بلون رمادي،
ويصل طوله الى 125سم والجناح 350-470مم والذنب 140-180مم
والمنقار 118-135مم، اما الرسغ
250-365مم”.
أسراب ضخمة
ويلفت مازن حسين الى: “من عادات هذه الطيور التجمع وتشكيل اسراب ضخمة اثناء الهجرة، والتغذية وهو يفضل المياه الضحلة وسواحل البحار والمستنقعات، ويتغذى على الحشرات المائية والقشريات الصغيرة والنواعم والاعشاب، وفي اثناء تفتيشه عن الغذاء يمد رقبته الى الاسفل ويبحث بمنقاره المعقوف بين الطين، وفي هذه الحالة تكون نهاية منقاره متجهة الى الخلف ويستطيع السباحة ايضا، فيبدو على سطح الماء كأنه فم بجعة برقبة ملتوية، ويتواجد في العراق بالمناطق الجنوبية والوسطى، اذ تكثر المستنقعات اكثر من المناطق الشمالية، وتشير التقارير العلمية الى تفريخه في اهوار منطقة الفاو ويحوي العش بيضة او بيضتين، كما تواجد ايضا في اهوار الكوت والبصرة ايضا، فضلا عن كركوك وبعقوبة، وهو يكثر في انحاء مختلفة من العالم عدا استراليا، والجزء الشمالي من المنطقة القطبية وفي الخريف والشتاء تتواجد في سواحل البحر الاحمر وايضا عدن وجدة”.
مافيا الطيور
وفقا لتقارير وجدت على شبكة الانترنت وايضا المقاطع التي التقطت في جزيرة قبرص بالبحر المتوسط يسقط في فصل الخريف وفقا لبعض التقديرات أكثر من 2.3 مليون طائر بري ضحية للصيد غير المشروع.
أي أنه عندما تعود الطيور المهاجرة إلى ألمانيا في الربيع، فإن عددها لا يكون قد تقلص بشكل طبيعي فقط، ولكن أيضا بسبب هذا النوع من الصيد، اذ أن صيد الطيور الصغيرة منتشر كثيرا في جميع منطقة البحر المتوسط، سواء في جنوب فرنسا أو في مالطا أو إيطاليا، أو قبرص ثالث أكبر جزيرة في البحر المتوسط، والتي تفضل الطيور المهاجرة الاستراحة فيها أثناء رحلة الهجرة الطويلة، وهو ما يتسبب في هلاك الكثير منها، لأن سكان قبرص يعتبرون لحم (طيور الكرم) طبقا شهيا، اذ هناك من سكان الجزيرة، من هو مستعد لدفع مبلغ 80 يورو مقابل تناول لحم أحدى هذه الطيور التي يبلغ وزن الواحد منها بضعة غرامات فقط، رغم أن القانون أصبح يحظر بيع لحوم هذه الطيور.
يؤكد حماة الطيور أن هناك أكثر من 150 نوعا من الطيور تعاني من الصيد المحظور، منها 78 طائرا مسجلا على قائمة الاتحاد الأوروبي للأنواع المهددة.
من هذه الطيور التي تعرض في عدد من مطاعم قبرص طائر العندليب، و طائر أبو قلنسوة، و الوروار الأوروبي، و أبو الحناء الأوروبي، وطائر الشفشافة، والسمنة المغردة،ورغم أن لحوم هذه الطيور لا تقدم بشكل معلن ضمن قائمة الطعام، إلا أنها (تحت المنضدة).
ويدل ذلك وحده على أن هناك ما يمكن تسميته بمافيا الطيور في قبرص حسبما أوضح تاسوس شياليس، منسق منظمة حياة الطيور القبرصية في الحملة القومية لمكافحة الصيد المحظور للطيور مضيفا: “أصبح صيد هذه الطيور عاملا اقتصاديا، وهي جريمة منظمة، لذلك فمن الصعب جدا مواجهة هذا الصيد، يبلغ حجم مبيعات هؤلاء الصيادين الذين يعملون في تجارة الطيور المحظورة نحو 15 مليون يورو سنويا، ومن البديهي أن هذه المبيعات لا تتم بشكل رسمي”.
الوقاية من الأمراض
يرى الوكيل الفني لوزارة الزراعة الدكتور مهدي القيسي ان: “الطيور المهاجرة التي تجد في العراق كل عام ملاذا لها، تعاني احيانا من الامراض المختلفة خصوصا انفلونزا الطيور، وهي بذلك تشكل خطرا يهدد الثروة الحيوانية وعلى وجه الخصوص الدواجن، لذلك تقوم البيطرة كل عام بحملة لوقاية الدواجن، فضلا عن ابعاد حقول الدواجن عن اماكن تواجد تلك الطيورالتي تكثر في الاهوار ولهذا السبب لاتوجد حقول دواجن في تلك المناطق، حتى لاتكون الثروة الحيوانية عرضة لخطر الامراض والنفوق، ومن الجدير بالذكر ان حقول الدواجن تنتشر في محافظات بغداد وبابل والكوت، وهي مشيدة وفق ضوابط وشروط معينة، وتراقب بشكل مستمر من قبل وزارة الزراعة ودائرة البيطرة ففي حال اختلاطها بالطيور المهاجرة، فهي قد تنقل المرض لها بسرعة، لذلك فالرقابة مستمرة على الدواجن حماية للثروة الحيوانية الوطنية من المخاطر”.
انعاش الأهوار
تقصد الطيور المهاجرة الاهوار كل عام ولم تسجل اي حالة مرضية في نظيراتها المستوطنة او السكان، هذا ما أكده رئيس لجنة البيئة والمياه وانعاش الاهوار فرات التميمي: “ان فرضية نقل الطيور المهاجرة للامراض سواء للطيور الموجودة او السكان المحليين، او للمسطحات المائية التي تقصدها تلك الطيور غير موجودة ولم تحدث اي حالات تؤثر في الاستثمار في الاهوار، لذلك تم التصويت على قرار يقتضي بمنع الصيد الجائر دعما للاستثمار، علما ان الاهوار عانت من مشاكل صعبة وتجاوزات كثيرة من قبل الحكومات السابقة، على الرغم من ان هناك حالات صيد جائر بالسموم والكهرباء، وفي المقابل وهناك مساع لتطوير الاهوار وانعاشها لذلك رصد لها 88مليار دينار واذا استغلت بطريقة صحيحة، فانها ستوفر فرص عمل وتطوير البنى التحتية ولكن انعاش الاهوار يحتاج الى وقفة جادة من قبل جميع الجهات ذات العلاقة”.
تنوع احيائي
لقد عاد التنوع الاحيائي من جديد الى الاهوار، ما ادى الى زيادة اقبال الطيور المهاجرة على الاهوار العراقية، هذا ما اشار اليه مدير اعلام وزارة البيئة امير علي الحسون : “بدأت تقصد الاهوار والمسطحات المائية طيور مهاجرة من مختلف بلدان العالم، وفي مواسم الربيع والخريف والشتاء والصيف، ولان الاهوار العراقية بعد ان انضمت الى قائمة التراث العالمي اصبحت محط انظار وزيارة الوفود السياحية، من مختلف انحاء العالم، لذلك تولت البيئة ادارة ملف الاهوار واهتمت بكل مايمت لها بصلة، ومن بينها الطيور المهاجرة والمستوطنة ايضا، وبدأت باتخاذ تدابير وقائية منها منع الصيد الجائر، ورفعت دعوات جزائية ضد اولئك الصيادين وهم ليسوا من سكنة الاهوار، بل من خارجها ولاتعاني فقط الطيور من الصيد الجائر، بل طال حتى الاسماك برمي المواد الكيمياوية والسامة لها لاصطيادها”.