هل الماء له طعم نستطيع تذوقه؟.. دراسة جديدة تكشف ذلك
420
شارك
الحكمة – متابعة: هل الماء يملك طعماً أو هو مجرد ناقل للنكهة؟، سؤالٍ دائماً ما حير العلماء، حيث قال جزء منهم أن طعم الماء له علاقة بلعاب الإنسان والأطعمة التي تناولها قبل شربه للماء، بينما أفاد الآخرون أن للماء طعماً خاصاً يمكن للإنسان الشعور به عبر الدماغ.
وبخصوص هذا الموضوع، أثبتت دراسة حديثة أجراها باحثون من معهد كاليفورنيا للتقنية أننا لا نشعر بطعم المياه فحسب، بل يحدث ذلك الشعور في مكان غير مُتوقع، بحسب موقع New Atlas الأميركي.
والجدير بالذكر أن جهاز التذوق يكون نوعاً من الجزيئات الكيميائية التي تحفز الخلايا الحسية في براعم التذوق، التي تساعد بدورها على اكتشاف الأذواق الخمس الأساسية في اللسان ألا وهي الحلو، والحامض، والمر، والمالح، والأومامي (الطعم اللذيذ وغير اللاذع).
فعلى سبيل المثال، عندما نتناول الأطعمة التي تحتوي على مكونات مثل الجبن أو الطماطم (البندورة)، فإن مادة الغلوتامات التي تحتويها تثير مستقبل الذوق الذي يعرف باسم أومامي. هل الماء له مستقبل سادس خاص به؟
هل الماء له مستقبل سادس خاص به؟
في هذا السياق، يوضّح عالم الأعصاب ومؤلف هذه الدراسة، يوكي أوكا، أنه “يمكن للسان الكشف عن مختلف العناصر الغذائية الرئيسية، وهو ما يسمى الذوق، ويشمل ذلك الصوديوم، والسكر، والأحماض الأمينية، من خلال حاسة التذوق”.
لكن تظل كيفية شعورنا بمذاق الماء في الفم أمراً غير معروف. وبما أن هناك عدة أنواع من الحشرات تُعرف بقدرتها على تذوق الماء، فكنا نتصور أن الثدييات تمتلك أيضا نفس نظام التذوق الذي يمكنها من الشعور بطعم المياه.
ونظراً لأن خلايا التذوق هي مسؤولة عن تمرير المعلومات التي تصلها إلى الدماغ، قرّر أوكا رفقة فريقه اختبار هذه الفرضية من خلال البحث عن خلايا الشعور بالمياه التي توجد في ألسنة الفئران.
وفي إطار هذه التجربة، عرضوا على القوارض مذاقات مختلفة، بما في ذلك المياه، وقاموا بتسجيل النتائج. كان من المتوقّع حدوث ردود على الأذواق الأساسية الخمسة، لكن الغريب في الأمر كيف استطاعت الأعصاب المسؤولة عن حاسة التذوق استشعار الماء النقي، مما يعني أن بعضها قادر على كشف مذاق الماء.
ولمعرفة أي من جزء من الأعصاب مسؤول عن الشعور بمذاق الماء، أوقف الباحثون عمل خلايا مستقبلات الذوق الفردية، فوجدوا أن المياه تؤثر فعلا على خلايا طعم الحامض لدى الفئران. وفقا لما قاله أوكا، عندما تمّ إيقاف عمل هذه الأعصاب، ووقع منع الاستجابة للمياه تماما، مما يوحي بأن هذه الخلايا لها علاقة بالكشف عن طعم المياه.
ولمواصلة دراسة الدور الذي تلعبه الخلايا الحامضة في الكشف عن المياه، أجرى الفريق اختبارا باستخدام علم الوراثة الضوئية، وهي تقنية بيولوجية تنطوي على استخدام الضوء للسيطرة على الوظائف الخلوية. في هذه الحالة، قاموا بتربية الفئران المعدلة جينيا، التي تملك بروتينات حساسة للضوء في خلايا مستقبلات طعم الحامض، وهذا يعني أنها سوف تُحفز عندما تقع تعريضها للضوء.
علاوة على ذلك، قام الباحثون بتبديل زجاجة شرب الحيوانات، حيث أصبح ينبعث منها ضوء أزرق عوض الماء الذي كانت تحتوي عليه. باختصار، تنبني التجربة على أساس أنه عندما ينعكس الضوء على لسان الفئران، يخلق إشارة حسية، مما يجعله يواصل لعق الماء علما وأنه لم يحصل على أي منه.
وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن الخلايا المسؤولة عن استشعار المياه والتي تدفع الحيوان للشرب عندما يشعر بالعطش، ليست نفس الخلايا التي تخبر الدماغ بأن الحيوان قد ارتوى.
وفي هذا الإطار، أوضح أوكا أنه “من المهم ملاحظة أن تحفيز هذه الخلايا لا يخفف من الشعور بالعطش. وبالتالي، تساعدنا هذه النتيجة على فهم كيف يفسر الدماغ إشارات المياه في الحالة العادية وفي حالة العطش”.
إعادة التفكير حول مستقبلات الذوق الحامضة
يعتبر البشر الكائنات الوحيدة القادرة على الإحساس بطعم الحامض، على خلاف الحيوانات التي تتجنب تذوق الأشياء الحامضة. ولكن هذا الأمر يطرح سؤالا آخر قد حيّر العلماء منذ فترة طويلة والمتمثل في سبب تطور مستقبلات الذوق الحامض لدى الحيوانات مع العلم أنها تتجنبها.
وفي هذا الشأن، قال الباحثون إن حقيقة هذا السلوك تكمن في أنه عندما لم يقع إثارته عند تحفيز الخلايا الحامضة بالضوء، أكد ذلك أن دور مستقبلات الذوق الحامض قد يكون في الواقع أكثر تعقيداً مما كانوا يعتقدون. وبالتالي، لا يزال التفسير المنطقي والعلمي لهذا السلوك لغزاً محيراً.
وفي هذا الصدد، قال المؤلف الأول دروف زوتشي، إن هذه النتائج تثير سؤالا مهماً يتعلق “بماهية معلومات الذوق التي تنقلها الخلايا الحامضة إلى الدماغ؟ وربما لا ترتبط الخلايا الحامضة مباشرة بمستقبل التذوق الحامض الذي نعرفه، ولكنها بدلا من ذلك قد تحفز مستقبلا تذوق مختلف”.