“هستيريا الرقص” تنتاب أطفال بعقوبة في العيد وباحث اجتماعي يعزوها للكبت النفسي

206

NB-84611-635177854838503462

وسط متنزه عائلي يقع على ضفاف نهر ديالى في مدينة بعقوبة، انتابت هستيريا الرقص أطفال صغار على موسيقى الـ”دي جي”، رقص عشوائي وعفوي لم تعهده أسرهم. وبالرغم من أن الرقص والتعبير عن السعادة أمر طبيعي لدى الأطفال خاصة، إلا أن الحركات الراقصة المجنونة لبعض الأطفال لفتت انتباه ذويهم، وهو ما اعتبره باحث اجتماعي تعبيراً عن الكبت النفسي الذي يتعرض له الأطفال نتيجة حرمانهم من ارتياد الأماكن العامة خوفاً عليهم من أعمال العنف، بحسب أحاديثهم لـ”السومرية نيوز”. ويقول الموظف حمدي شاهين (35 عاماً)، وهو يقف بالقرب من مجموعة أطفال يرقصون بحماس على أنغام موسيقى شبابية، بينهم أبنه الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، “لم أعهد ابني يحب الرقص، ولكن رؤية الأطفال حوله دفعته رقص جنوني فاجأني به”. ويبين “رؤية الأطفال يرقصون وهم في أعلى درجات السعادة تجعلنا نتناسى همومنا اليومية والمشاكل الأمنية”، مضيفاً “أغلبهم إصابتهم هستيريا الرقص، وكما يقول المثل الشعبي (ذبوا لحم)”. يشار إلى أن عمليات استهداف المقاهي الشعبية ومجالس العزاء وملاعب كرة القدم والمتنزهات في محافظة ديالى من قبل الجماعات المسلحة، والتي راح ضحيتها المئات من المواطنين، دفعت الأسر إلى منع أبناءها من ارتياد هذه الأماكن، ما أدى على حرمان العديد من الأطفال من إيجاد متنفس للعب والتنزه إلا بشكل نادرة في المناسبات والأعياد. طفولة محرومة المحامي حميد الشمري (40 عاماً)، كان طفلاه من ضمن حلقة الأطفال الراقصة، يقول “ما إن سمع الطفلين موسيقى الـ(دي جي) لم يتمالكا نفسيهما وبادرا بالرقص وسط المتنزه على نحو جنوني وكأنهما كانا ممنوعين من الرقص منذ سنين”. ويلفت إلى أن “أغلب أطفال بعقوبة وبقية مناطق ديالى شبه محرومين من حقوقهم في التنزه واللعب”، مبيناً “الأوضاع الأمنية تضطرنا أحياناً فرض إقامة جبرية عليهم في المنازل لضمان عدم تعرضهم للأذى”. ويتابع الشمري “جنونية رقص الأطفال لم يأتي من فراغ، بل أن العيد وفر لهم أجواء للتعبير عن أنفسهم فكان الرقص المتنفس الذي يظهرون فيه فرحهم وسرورهم”. أطفال عطشى للمرح الموظفة نور القيسي (49 عاماً)، ترى أن ما يفعله الأطفال “دليل على عطشهم للسعادة والفرح، لذا يبادرون من خلال الرقص الهستيري للتعبير عن ما ينقصهم نتيجة الأجواء اليومية المحتقنة التي يعيشونها”. وتضيف القيسي وهي تنظر لحفيدها البالغ من العمر 6 سنوات وهو يرقص وسط الأطفال، “خشية الأسر على أطفالهم من أعمال العنف جعلتها تمارس دور مأمور السجن العائلي للحفاظ على سلامتهم، فأغلب الأسر لم تطأ أقدامها المتنزهات منذ أشهر بسبب تكرار مسلسل استهدافها”. وتقول “الطفل بحاجة إلى أوقات راحة وتغير أجواء عبر الخروج إلى المتنزهات والأماكن العامة، والتي هي أصلاً محدودة في بعقوبة، وعيد الأضحى فرصة جميلة للأطفال للتعبير عن ما في داخلهم عن طريق الرقص”. الكبت النفسي أما الباحث الاجتماعي من محافظة ديالى ظافر اللهيبي، فيرى أن “هستيريا الرقص التي تصيب الأطفال في المناسبات والأعياد عند سماعهم الموسيقى هي نتيجة الكبت النفسي الذي يتعرضون له بسبب حرمانهم من أوقات التنزه والخروج للأماكن العامة بسبب الأوضاع الأمنية”. ويشير إلى أن “أغلب الأسر في بعقوبة دفعتها الأوضاع الأمنية الراهنة إلى العزوف عن ارتياد المتنزهات والأماكن العامة، ما أسهم بخلق ضغط نفسي هائل على الأطفال الذين يحاولون التنفيس عما بداخلهم من طاقة عبر اللعب أو الرقص”. وتعاني معظم مناطق محافظة ديالى من عدم استقرار أمني منذ أشهر عدة، ما أدى إلى تدني معدلات خروج الأسر إلى المتنزهات والأماكن العامة والاكتفاء بالزيارات العائلية والتزاور بين الأصدقاء في مناطق محدودة من المحافظة. يذكر أن الأجهزة الأمنية في محافظة ديالى أعلنت، قبيل قدوم عيد الأضحى، عن خطة أمنية موسعة بمشاركة ما يزيد على 3 آلاف عنصر أمني، ما أعطى حالة من الطمأنينة للأسر خاصة بعد تأمين أغلب المتنزهات والأماكن العامة عبر أطواق أمنية لحمايتها.

السومرية نيوز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*