الحكمة – متابعة: لا أحد يعلم ما هذا العشق الجنوني، الذي يربط هؤلاء الناس بعاشقهم، ويجعلهم يبذلون الغالي، والنفيس في خدمته.
الحسين بن علي بن أبي طالب، إمام الشيعة وقبلة العاشقين، يقصده الناس، من مختلف أنحاء العالم، فهو منارة العشق، لأصحاب البشرة السوداء، وأصحاب البشرة البيضاء، هو قبلة العشق، لمختلف الطوائف، لما وجدوا فيه، من معنى حقيقي للتضحية، والحب والسلام والإنسانية.
مسيرة الاربعين، هي أكبر تظاهرة شيعية، ينطلق خلالها الملايين من الشيعة، باتجاه كربلاء، لزيارة الحسين بن علي، حيث يتقاطع الشيعة، من شتى المدن والقرى العراقية، وكذلك الكثير من الوفود، من اتباع أهل بيت النبوة، من شتى بلدان العالم، ويعتبر أكبر تجمع بشري سنوي، وأضخم مسيرة راجلة في العالم.
رغم ما فعلة الطاغية، صدام حسين، بمنع المسير إلى أبي الأحرار، إلا أن عزيمة العراقيين، لم تنقطع وكانوا يسيرون، لزيارة جنة الأرض كربلاء بالخفاء، لكن في السنوات الأخيرة، التي تلت سقوط نظام الطاغية، في العراق سنة 2003م، تحولت هذه المسيرة، إلى تظاهرة مليونية، لا مثل لها في العالم، توسعت من ثلاث ملايين في 2003م، إلى عشرون مليون زائر، توجهوا صوب كربلاء في عام 2014م.
العراقيين البسطاء، قد رسموا أفضل لوحات الكرم والعطاء، حيث إن كل الطرق المؤدية، إلى كربلاء مليئة بكل ما تشتهيه النفس، من طعام وشراب ومنام، حيث أن هذه المسيرة المليونية، التي تستمر أكثر من عشرين يوم، يجد فيها الزائر، كل ما يحتاجه بالمجان، لو كان هناك لقب لأكثر، وأفضل الشعوب كرماً وطيبة وعطاء، فأهل العراق لا ينافسهم عليها أحد.
إن هذه الحشود المليونية، التي تكونت كأسراب الطيور المهاجرة، من بيوتها وبلدانها، لكي تقصد، قبلة العاشقين كربلاء، تتخللها أجواء روحانية، مليئة بالإيمان، والإخلاص لله تعالى، حيث شكلت في سنة 2014م، في الطريق الرابط بين محافظتي النجف وكربلاء، إقامة صلاة جماعة، للزائرين المتجهين الي كربلاء، وبتوجيه المرجع الديني، السيد علي السيستاني، أكبر صلاة جماعة في العالم، حيث امتدت لنحو 30 كم، بمشاركة ملايين المصلين والزائرين.
فمن أراد غفرانًا لذنوبه، فليقصد كربلاء، ومن لديه حاجات في نفسه، فليقصد كربلاء، ومن كان عاشقاً مخلصاً، فليقصد كربلاء، فهي كعبة العاشقين، لكل البشرية، من مختلف الطوائف.
ها قد اقترب يوم الوفاء بالعهد يوم الهجرة صوب كربلاء العشق.