الإمام زين العابدين(ع) ومدرسة “هيهات منّا الذلة”

894

جميل ظاهري..

عادت أمية وبنو قريضة مرة اخرى ترفع رايات يا لثارات بدر وخيبر والخندق وصفين والنهروان وأطلقت عنان فتاوى وعاظ سلاطينها الذين لا صلة لهم بالاسلام لا من قريب ولا من بعيد ليفتو باستباحة دماء المسلمين واستهداف بلدانهم وتدمير مدنهم وانتهاك حرماتهم وحرق الأخضر واليابس وذبح الصغار والكبار رجالاً ونساءاً وتقطيع أوصالهم وأكل أكبادهم ليعيدوا لنا ما فعلته أمهم “هند” بجسد “حمزة” سيد الشهداء .
وأخذ من حمل لواء “الداعية” و”مسند الفتاوى” ممن أضحوا مطية لأبليس والشيطان الأكبر وربيبته الكيان اللقيط وزعماء الجاهلية والقبلية والصنمية وسنده وعدته ممن يترأس النظام العربي على عاتقهم بان لن يتركوا للأمة الاسلامية ولا لشعوبها فرصة للراحة أو مجالاً للانسجام والتلاقي أو خيطاً من خيوط الأخوة الاسلامية التي جاءت من أجلها رسالة خاتم المرسلين وحبيب رب العالمين (ص) خلاصاً للبشرية من الظلام والشرك والجهالة والعبودية لغير الله سبحانه وتعالى، مشددين على إصرارهم إشغالها بالخلافات والنزاعات المهلكة التي تعمّها وتتخلّل كل صفوفها عن قضية المطالبة بالحقوق والاصلاح والتغيير المطلوب اسلامياً .
فألبسوا فتاواهم حلة طائفية لتزحف الى كل شبر من الوطن الاسلامي لتأكل أخضر هذه الأمة ويابسها، حيث أضحى شعار الطائفة والمذهب والقومية التي نأى عنها الاسلام، هو الشعار المختار والمفضل عند هذه الفئة الباغية التي تقود الأمة سياسياً ودينياً حيث أخذت على عاتقها بأن لا ترحم الأمة ولا تراعي حرماتها حرمات الله (جل وعلا)، فئة لا يهمها أمر الدين ولا قدسيته وكل ما يهمها كرسي الحكم وسلطانه، وهو الأكثر امتطائاً من هؤلاء الذين أبتليت بهم الأمة لنشر الفتنة، وتفجير الأوضاع، وهدم وحدة الأمة، وتفتيت كيان الشعب الواحد، وتمزيق أشلائه، في كل مكان من سوريا وحتى مصر ومن لبنان وحتى البحرين مروراً بالعراق الجريح الذبيح الذي لم يبق من جسده إلا واستهدفته يد الغدر والنفاق والخيانة الأموية الصهيونية العربية العميلة.
فأخذوا يستهدفون بفتنتهم الطائفية ومذهبيتهم المشتعلة كل شبر من أرض عراق علي والحسين عليهما السلام حقداً وبغضاً وكراهية للدين الاسلامي المحمدي الأصيل ولأهل بيت النبوة والرسالة (ع) ولأتباعهم وشيعتهم ومحبيهم ليزيدوا البلاد ويلاتاً ودماراً ظناً منهم أن شيعة محمد (ص) وعلي (ع) وابناءهم المعصومين الميامين (ع) سيتراجعون خوفاً من سياراتهم المفخخة أو أحزمتهم الناسفة التي يربطها جهلتهم ومغفليهم ضد الأبرياء والعزل ويسفكوا الدماء البريئة هنا وهناك خاصة كلما أقتربنا من مراسم دينية عهد الشعب العراقي القيام بها على أفضل الأشكال والصور لتبقى شوكةً في عيون الأعداء والقاسطين والمارقين والمنافقين .
ففي فتنة “سقيفة بني ساعدة” انعقدت نطفة الانحراف في قلوب الذين يأسوا وحملوا في نفوسهم عداء محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشيعتهم ومحبيهم وانصارهم ومواليهم وعقدوا العزم على تفريق حشود المسلمين وتمزيق صفوفهم الموحدة بمختلف الاساليب والحيل والخدع ، لنرى اليوم انه وخلال أقل من شهر يسقط أكثر من الف قتيل وآلاف الجرحى بين الأبرياء والعزل من أبناء العراق الجريح غيضاً وحقداً وسخطاً لأنهم أتباع آل الرسول (ص).
فاستهدفوا قادة المسلمين من أبناء الرسول (ص) وشيعتهم وأنصارهم هنا وهناك بعناوين مختلفة منها ..عصا السياسة الماكرة والصراع بما يسمونه على قيادة الأمة ، واخرى باستخدام فتاوى وعاظ السلاطين الذين يبيعون أرواحهم وإيمانهم وعلمهم بأبخس ثمن ابتغاء مرضاة الملك والخليفة والأمير الذي لا أمرة له سوى معصية الله سبحانه وتعالى والعمل على عودة صفوف الأمة الى عهد القبلية والجاهلية والشرك والضلالة.
وقد رسم الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام الذي نعيش هذه الايام ذكرى استشهاده المؤلم على يد الطاغية الأموي الجبار العنيد الظلوم الغشوم (المسعودي في مروج الذهب : 3 / 96)، القائل: “لا راحة لي وعليّ بن الحسين موجود في دار الدنيا” (رواه الزهري في كتاب حياة الإمام زين العابدين: 678)؛معالم مدرسته الاسلامية ونهجه المقاوم للطغاة وفضح الظلم ونبذه والتصدي اليه على ضوء ما قاله والده الامام الحسين (ع) في يوم عاشوراء “هيهات منا الذلة” ولكن بأدعية عالية المضامين تستند كلها لوحي القرآن الحكيم وتعتبر بحق دائرة معارف عليا لجميع المعارف الالهية، ابتداءً من معرفة الله سبحانه وتعالى، وانتهاءً بتكريس الصفات الرسالية عند الانسان المسلم في التوحيد والعدالة والمساواة كما وردت في صحيفته السجادية في وقت كان العالم الاسلامي يمر بأصعب مراحله وحكم أعتى طغاته من بني أمية المجرمين.
فما يجري اليوم في العراق وسوريا ولبنان والبحرين من أحداث دموية تستهدف الشعوب العزل أمر غير معقول بالمرة ولا يمكن للعقل البشري أن يتصوره أو يفهمه أو يحلله، فهو صراع رهيب بين العقل والجنون، والواقع والخيال، وفوق طاقات فهم العقل البشري حيث يمثل هزيمة للعقل والنور والخير وانتصارا للجنون والظلمات والشر لشرخ الصف الاسلامي الموحد والعودة بنا الى الجاهلية ولكن نقول لهم “أقتلونا .. القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة” كما خاطب بها الامام السجاد (ع) مخاطباً “ابن زياد” في مجلسه بالكوفة بعد فاجعة كربلاء، واستباحتكم لدمائنا لن تثنينا عن التمسك والالتفاف بنهج أهل بيت النبوة والامامة عليهم السلام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*