مليار طفل تحت 17 عاماً يعانون أشكالاً مختلفة من العنف والإيذاء.. دليل تجنب الصدمة النفسية وعلاجها
752
شارك
الحكمة – متابعة: يقلق كثيرا في سريره ويحلم بكوابيس. يصبح عدائياً فجأة ويتجنب الوجود في المكان نفسه مع شخص مقرب من العائلة أو من العائلة نفسها. للأسف هذه العوارض قد تكون دليلاً على حدوث أسوأ كوابيس الأهل: تعرُّض طفلهم أو طفلتهم الصغيرة لاعتداء جنسي.
تتفاوت حدة هذا الاعتداء من تحرُّش إلى اغتصاب، ولكنها جميعاً تترك نُدوباً عميقة في نفسية الطفل، والأهل عندما يعرفون. فقد يحدث هذا الأمر دون إدراك الأهل أي شيء عنه؛ لأن المفترس غالباً ما يهدد الطفل بقتل والديه أو بفضحه.
ولكن، توجد عدة أمور يتوجب تحضير الأطفال لها، والوقاية في هذا الأمر خير من مليون علاج. وهناك إشارات يرسلها الطفل لا يجب إغفالها أبداً.
نستعرض في هذا التقرير كلا الأمرين.
خطر لا يمكن تجاهله أو تمنّي ألا يحصل!
مليار طفل بين عمر سنتين إلى 17 عاماً يعانون أشكالاً مختلفة من العنف والإيذاء، من بينها العنف الجنسي. هذا الرقم المهول كشفت عنه منظمة الصحة العالمية في شهر فبراير/شباط 2018، محذرةً من تأثير كل أنواع العنف على شخصية الطفل وطباعه مستقبلاً.
وأشار مركز مكافحة الأمراض والوقاية الأميركي إلى أن 1 من كل 6 فتيان، و1 من كل 4 فتيات، يتعرضون للمضايقات الجنسية قبل بلوغهم الـ18، وهو ما يدل على أن الفتيان أكثر عرضة لهذه الاعتداءات.
أما في الدول العربية، فلا توجد مرجعية واحدة لحصر الأرقام، التي إن نُشرت متفرقة هنا وهناك فإنها تكشف عن الرقم المعلن عنه للسلطات الأمنية والطبية، علماً أن أغلب الحالات لا يتم الإعلان عنها.
في مصر على سبيل المثال، بلغ عدد الحالات 36 حالة في شهر مارس/آذار وحده من العام الماضي (2017). وفي السعودية، نشرت صحيفة الرياض تقريراً في عام 2014، ذكرت فيه أن من بين كل 4 أطفال هناك طفل يتعرّض للاعتداء أو التحرّش الجنسي.
المعرفة سلاح ضروري للمواجهة
ليس من الواقعي افتراض أن الآباء والأمهات موجودون بشكلٍ دائم مع أطفالهم، سواء كانوا بروضة الأطفال أو في أثناء لعبهم مع أصدقائهم وأقاربهم؛ فقد يكون المعتدي أحياناً من أقرب الأشخاص إلى الطفل. ومن هنا لا بد توعيتهم على الشكل التالي:
أولاً: التحدث مع الطفل بشكل مستمر كل يوم، يساعد هذا الحوار الطفل على البوح بكل ما مر به خلال النهار. وجود لغة الحوار يشجع الطفل على القول دون خوف من الأهل أو العواقب.
ثانياً: استخدم المسميات العلمية والمعروفة لأعضاء الجسم التناسلية؛ كي يكون الطفل واعياً لما يُقال أمامه. أخبِره بأن هذه المناطق خاصة، يجب ألا يقترب منها أحد أو يلمسها؛ حتى لو كان شخصاً يثق به، أو على سبيل المزاح.
ثالثاً: مفهوم الخصوصية، أي ليس مسموحاً لأحد بأن يراه من دون ملابسٍ، سوى الأب والأم، وأي استثناء لذلك فهو في حضور الأب أو الأم، كحالة العرض على الطبيب مثلاً. لذا، لا بد من إغلاق باب الحمام والغرفة عند تغيير الملابس؛ ليعتاد الطفل على مفهوم الخصوصية.
رابعاً: يجب أن يُربَّى الطفل على مفهوم شجاعة الرفض. فبعدما فهم أنه من المرفوض لمس أعضائه الخاصة أو العكس أو أن يراه أحد من دون ملابس، فإن الخطوة المتممة لذلك هي شجاعة قول «لا» إذا حاول أحدهم طلب ذلك منهم.
خامساً: الأمان، من المهم أيضاً شعور الطفل بالأمان حيال مصارحة الوالدين بما حدث له. يجب أن يكون متأكداً من أنه لن يواجه عقاباً أو مشاكل، ومن أن الأهل موجودون لتأمين الدعم والحماية. وأخيراً: يجب أن يفهم الطفل أن هذه القواعد تسري على أي شخص يتعامل معه، سواء كان من الأقرباء أو الغرباء.
كيف نعرف أن الطفل تم إيذاؤه؟
ليس من السهل أن يتحدث الطفل عن تعرُّضه لهذا الموقف، وقد صرحت الأخصائية النفسية روبن كاستل بأن ضحية واحدة من كل 5 أطفال يمكن أن تبلّغ عن هذا النوع من الاعتداءات.
لذلك ينصح الخبراء بما يلي: – من الضروري ملاحظة أية علامات غير معتادة في السلوك أو التصرفات. – الاهتمام بخوف الطفل من شخص ما أو من مكان ما، فقد يكون ذلك الخوف متعلقاً بإساءة من ذلك الشخص حتى لو كان قريباً منك. وينبغي مراقبة العلامات التالي: – وجود دماء في الملابس الداخلية للأطفال (إن لم يكن السبب مرضاً عضوياً). – وجود كدمات في أماكن محددة بالجسم. – تغيُّر الحالة المزاجية للطفل. – حدوث اضطرابات في النوم. – تغيُّر سلوكي لا ينتهي سريعاً؛ لا تعني كل التغييرات السلوكية تعرُّضه للاعتداء الجنسي، ولكن المقصود هو التغييرات السلوكية والنفسية التي يطول وقتها أو تستمر بشكل غير معتاد.
لو فرضنا أنه حدث فماذا أفعل؟
لو تأكد حصول الأسوأ، فإن أول ما ينبغي فعله هو تطمين الطفل وألا تُشعره بالخوف أو الغضب منه أو بأنه ارتكب خطأ ما. يجب توصيل رسالة، مفادها أنك بجانبه وستجعله في مأمن من ذلك الأمر. تأكيد هذه الحقيقة مهم جداً لتعافي الطفل قبل دخوله في حالة اضطراب.
ثم تأتي الخطوة التالية، وهي الذهاب لاستشاري نفسي متخصص في علاج الأطفال، حتى يحصل الطفل على الدعم اللازم في ذلك الوقت الحرج. يشكِّل هذا العلاج مرحلة هامة لحماية الطفل مناضطرابات نفسية أو عضوية طويلة الأجل.
التجاهل أو افتراض أن الأمر سيزول مع الوقت يزيده سوءاً
عدم ملاحظة العلامات أو عدم تصديق الطفل، أو تجاهل الأمر باعتباره سيزول من تلقاء نفسه، أمر بالغ الخطورة.
تنتج عنه اضطرابات كثيرة تصيب الطفل لاحقاً؛ مثل: الميول الانتحارية، واضطرابات النوم، والكوابيس المستمرة، وخوفه الشديد من أن يلمسه أحد، أو قد يعمد إلى ممارسة أفعال جنسية مع أطفال آخرين.
لكن، على الجانب الآخر من هذا الموضوع المؤلم، تُظهر الدراسات أن الطفل الذي يتعرض لذلك النوع من الإيذاء يمكن تماثُله للشفاء سريعاً بشرط أن يخضع للرعاية الصحيحة، سواء بشكل نفسي أو عاطفي أو حتى جسدي في حالة التعرض لإصابة جسدية. ووجود الأب أو الأم يومياً في حياته هو بداية استعادة الإحساس بالأمان والثقة.