نازحون: خدمة الحسين عليه السلام حفظت كرامتنا وأنستنا غربتنا
334
شارك
الحكمة – متابعة: هربوا بملابسهم ومستمسكاتهم من قضاء تلعفر بعد سقوط الموصل ومحافظات اخرى، بعد ان دخل الإرهابيون المناطق المحاذية لهم وهتكوا اعراض النساء وقتلوا الرجال وسلبوا الممتلكات، فحطوا رحالهم في منطقة حي الشهداء بجانب الكرخ من بغداد، يبكي الرجال دون خجل عندما يفكرون بأنهم اصبحوا فقراء نازحين تقدم لهم المساعدات والصدقات، بعدما كانوا يملكون الاراضي والمعدات الزراعية ويزرعون ويحصدون ويجنون الاموال، غربتهم رافقتهم منذ سكنهم في بغداد، الا ان ما انساهم همهم ورفع من شأنهم وحفظ كرامتهم ومنحهم الشعور بالاحترام هو سبيل واحد تمثل في التحاقهم بخدمة زائري الامام الحسين “ع”، حيث اصبحوا ركناً اساسياً من خدمة مواكب الكرخ.
الهروب من الجحيم
فيقول سالم سليمان احمد نازح من اهالي تلعفر في العام 2014 بعد سقوط الموصل تعرضنا الى مخاطر كبيرة من خلال قصف مناطقنا من قبل الدواعش وعمليات القنص والقتل على الهوية، فلجأنا الى منطقة حي الشهداء واستقبلنا اهالي تلك المنطقة بالترحاب ووفروا لنا السكن المجاني وقدموا لنا مساعدات كثيرة مثل تأثيث المسكن والملابس ومستلزمات النساء والاطفال والعلاج والدواء، واصبحنا نشعر اننا بين اهلنا.
واضاف، كنا نقيم العزاء والمواكب في تلعفر بعد سقوط النظام المباد لكن بمدد محدودة واعداد قليلة عند تغيير طرق سير نقل الزائرين ومرور العجلات من حي الشهداء ونصب عدد من المواكب التحقنا بموكب النورين لنقدم الخدمة للزائرين من مختلف الجنسيات فيمر بنا العراقيون والايرانيون والخليجيون والهنود والباكستانيون وحتى من افريقيا والصين، ونستمر بالخدمة لمدة عشرة ايام نترك بها منازلنا وعائلاتنا، مشدداً على ان خدمة الحسين تريح قلوبنا وتشعرنا بأننا قريبون من الله، وتنسينا همومنا وغربتنا وخسارتنا لبيوتنا وممتلكاتنا في تلعفر، ونشعر بأننا في روضة من رياض الجنة، ونعمد الى اصطحاب ابنائنا وحتى الصغار منهم الى الخدمة في الموكب لنربيهم على حب الحسين “ع” فهو طريق العدل والحق.
غربتنا وغربة الحسين
اما النازح “ابو صلاح” يؤكد في حديثه لموقع العتبة الحسينية المقدسة الرسمي، “اننا ورغم كل ما قدمه لنا اهالي حي الشهداء نشعر في احيان كثيرة بالحنين الى ديارنا وارضنا، وكثيراً ما غلبنا الدمع حين تذكر ما كنا عليه وما نحن فيه، الا اننا ومنذ بدأنا من خمس سنوات بالخدمة في موكب النورين شعرنا بشكل حقيقي ان غربتنا لا تساوي شيئاً امام غربة الحسين وزينب والسبايا والايتام، فعندما نقدم الطعام والشراب للعربي والاعجمي للصغير والكبير نشعر بأننا قدمنا شيئاً كبيراً فخادم الحسين بإخلاص رايته عالية ومقامه عند الله موضع رحمة وبركة، مبيناً انه في كل موسم تخصص بصنع وتقديم الشاي واصبح لديه زبائن من الزائرين يأتون اليه كل عام، مضيفاً انه يبدأ عمله في الموكب من صلاة الفجر والى بعد منتصف الليل ورغم سني عمره التي قاربت السبعين الا انه يشعر بالفخر وهو يخدم زائري ابي الاحرار “ع”.
وصايا المرجعية
صاحب موكب النورين باسم جبار المياحي يشير الى ان تغيير مسار الزائرين على منطقتنا أشعرني بأن الفرصة سانحة لخدمة زائري الحسين “ع”، لاسيما ان بيتي يطل على الشارع العام، فإفرغت محلي “ورشة حدادة” من جميع المعدات وبدأت بطاولة صغيرة وخدمة صغيرة ايضا عبر تقديم الشاي والكعك بسبب شحة الموارد المادية، لكن بركات الامام الحسين “ع” ضاعف تلك الامكانيات وخصصت مساحة 20 متراً للصلاة وانشأت ثلاث حمامات للرجال واماكن لتناول الطعام للرجال، كما هيأت صالة كبيرة داخل بيتي للنساء للصلاة وحمامات خاصة لهن مع توزيع خمس وجبات طعام يومية.
وتابع المياحي ان النازحين اخوتنا والسيد علي السيستاني (دام ظله) اوصى بهم خيرا فتكافل اهالي المنطقة ووفروا لهم كل مقومات العيش الكريم كما اعتمدت عليهم بشكل كبير في خدمة الزائرين لأني اريدهم ان ينالوا الاجر والثواب، واصبحوا من خدمة الامام الحسين “ع” هم وعائلاتهم واصبح لديهم زبائن لان خط سير الزائرين الى كربلاء اصبح من امام موكبي خلال عشرة ايام.
معجزة الخدمة
صاحب الموكب اوضح ان ابنته “ميسم” عمرها 11 عاما مصابة بمرض في جهازها التنفسي وعجز الاطباء عن علاجها وكثيرا ما تتدهور صحتها في الشارع او في المدرسة ويجلبها الجيران الى البيت، وتتناول علاج مستمر غالي الثمن، وبعد ان اقمت الموكب ووسعت الخدمة اخبرتني ابتني بأنها رأت في المنام شخصا يرتدي ملابس خضراء وله نور في وجهه اخبرها انه الامام موسى بن جعفر “ع” وقال لها تعالي الى مرقدي فأشفيك، لكني لم التفت الى كلامها وقلت في داخلي انها طفلة وقد يكون خيالها اوحى لها بذلك، منوهاً انها اخبرته بأن نفس المنام تكرر عليها وقال لها الامام موسى الكاظم “ع” اعاد كلامه عليها بضرورة زيارته لشفائها، واخذتها الى مرقد الامامين الكاظمين ومنذ ذلك الحين الى الان شفيت “ميسم” وتخلت عن العلاج نهائيا.