الحكمة – متابعة: البصريون عطشى لماء حلو يبلل ريقهم بعد أن ظل هذا الحلم بعيد المنال لسنين طوال، وشكل محنة أكلت منهم أرواحهم وأعمارهم ولم تجد الحكومات حلا لها منذ النظام العراقي السابق وصولا إلى الحالي.
“حق شرب مياه صالحة لم يعد ممكنا في هذه المدينة”، يقول المواطن أبو أقدس، فيما يمزج بصري آخر هو علاء الربيعي الحقيقة بالسخرية، بقوله إن “ماء الإسالة الواصل إلى المنازل يمكن أن تصدّر منه الأملاح إلى الدول الأخرى!” .
الحكومة: مياه أقل .. ملح أكثر
معاون مدير ماء البصرة ميثم جار الله الفرطوسي يقر بارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب، ويقول إن ماء دجلة لم يعد يكفي لتخفيف هذه الملوحة.
وتحصل البصرة على المياه العذبة من مصدرين هما شط العرب وقناة البدعة القادمة من محافظة ذي قار.
يقول الفرطوسي إن أي تراجع في مستوى الإطلاقات المائية للمصدرين، يتحول إلى شح في المياه الواصلة إلى المواطن.
ويضيف “منذ ثلاثة أشهر سجلت تراكيز الأملاح في مياه شط العرب 4500 جزء بالمليون، وهذه غير مقبولة بالقياسات الدولية لأنها تخلق مشاكل صحية للمواطنين.
ولم تعد الإطلاقات المائية من نهر دجلة تكفي لدفع الملوحة عن شط العرب وإيصال المياه العذبة إلى ناحية السيبة وقضاء الفاو جنوب البصرة، كما يقول رئيس نقابة المهندسين الزراعيين في البصرة علاء البدران.
حلول؟
ولا يخلو منزل في البصرة حاليا من برميل إضافي لتعبئته بماء حلو عن طريق أصحاب السيارات الحوضية ممن ينقلونه من محطات أهلية لتحلية المياه.
أبو علي سائق سيارة حوضية يبيع يوميا ما مقداره عشرين طنا وبمعدل سعري يبلغ ثمانية آلاف دينار للطن الواحد، يقول لموقعنا إن تأخر الحكومة في تنفيذ مشاريع تحلية المياه في البصرة “عاد علينا بالنفع والمال الوفير”، في إشارة إلى انتشار معامل تعبئة الماء الحلو في مناطق البصرة.
ويلفت الفرطوسي، من جهته، إلى أن “أغلب المشاريع في البصرة هي مشاريع تصفية مياه وليست مشاريع تحلية عدا مشروع ماء البصرة الكبير الذي هو الآن قيد الإنشاء بناحية الهارثة شمال البصرة”.
مراقبة بيئية وصحية
من جهتها، تؤكد دائرة بيئة البصرة وعلى لسان مديرها أحمد حنون، وجود معامل ومحطات لتعبئة الماء العذب وهي “حاصلة على موافقة بيئية ونتابعها باستمرار، لكن في الوقت ذاته توجد معامل عشوائية لا تلتزم بالمقاييس البيئية والصحية”.
وبحسب مدير البيئة، يقوم موظفوه بـ”سحب نماذج وعينات لفحصها مختبريا وفي حال ثبوت أنها غير مطابقة للمواصفات يتم تتبع مسارها للحصول على عنوان هذا المعمل واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مشغليه”.
عيون مواطني البصرة تتجه إلى مشروع ماء البصرة الكبير في منطقة الهارثة والذي تبنيه ثلاث شركات من اليابان وفرنسا ومصر ووصل إلى مراحل متقدمة، والذي يمكن ان يحل أزمة مياه الشرب التي امتد أمدها لعقود.
ويكشف الفرطوسي أيضا أن هناك اتفاقا مع وزارة الموارد المائية على إطلاق ما لا يقل عن 75 مترا مكعبا في الثانية، و”هذه الكميات ستؤدي إلى دفع اللسان الملحي القادم من الخليج نحو شط العرب وتقلل درجات تركيز الأملاح الموجودة فيه بما ينعكس إيجابا على عذوبة الماء الواصل للمواطن”.