مراقبة صفحات الإنترنت التي يزورها الأطفال والمراهقون ضرورة ملحة
300
شارك
الحكمة – متابعة: تسمح الثلاثينية رانيا ايهاب لصغيرها مناف ذي الأربعة أعوام أن يقترب من كومبيوترها المحمول دون أن تكون بالقرب منه، وتقول وعلامات القلق والخوف واضحة على محياها “أخشى على صغيري من متابعة الانترنت ذلك العالم الواسع الذي يضم في طياته صفحات ومواقع إلكترونية مختلفة، وما زاد قلقي التجربة التي تعرضت لها إحدى صديقاتي عندما تركت صغيرتها تتابع الانترنت لوحدها لتكتشف في ما بعد أن هناك مواقع الكترونية تعرض صورا لا تناسب الأعمار الصغيرة ومخصصة للبالغين فقط، لذا ومنذ ذلك الحين وأنا أراقب ما يدخل إليه مناف من صفحات ومواقع كي أحافظ على صغيري وأمنع دخول صور لا أخلاقية الى مخيلته الصغيرة”.
أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد الدكتورة ناز بدرخان السندي تشير إلى “أن دخول الانترنت إلى بلادنا جاء بشكل متسارع وغير واضح تزامنا مع التغيير السياسي الذي حصل في البلاد عام 2003، مما عرض الصغار والكبار لجهل استخدامه خصوصا مع غياب الرقابة الصحيحة والمباشرة من قبل الوالدين بالنسبة للأطفال، والأمر ينطبق أيضا على طلاب الجامعات الذين ليست لديهم خبرة أو معرفة مسبقة بالتعامل معه إذ أساء الكثير منهم استخدامه، فلم يستفد منه بشكل صحيح بل بتصفح مواقع لا تنفعهم بشيء وتخدش الحياء، في حين يزخر الانترنت بآلاف المواقع المفيدة”.
تطبيقات للمراقبة
تشير مختلف التقارير العالمية الى ان مع دخول الأطفال في سن المراهقة يلاحظ عليهم الآباء تغييرات كثيرة، ويزداد الأمر أكثر حينما يمتلكون هواتف ذكية وتطبيقات وبرامج الكترونية متعددة، تتيح لهم الولوج إلى عالم مفتوح، فحينها تزداد مخاوف الوالدين على الأبناء، ولكن أسلوب المراقبة المباشرة، ستجعل الطفل يشعر بانعدام الثقة وقد تجعله ذا شخصيتين واحدة يحبها والداه، والأخرى التي يخفيها، لذا ظهرت تطبيقات حارسة لهم منها تطبيق Spymaster Pro الذي يتيح للوالدين مراقبة أجهزة الأبناء وجميع افراد العائلة من دون أن يشعروا بذلك، ومعرفة ما هي توجهاتهم وهل يعرضون أنفسهم لأي من المخاطر، ويوفر هذا التطبيق معرفة مكان الحدث من خلال تتبع موقع جهازه عبر GPS، والوصول للصور والفيديوات والرسائل SMS وجهات الاتصال والبريد الالكتروني ومحادثات واتس آب ومحادثات فايبر و الأنشطة على الفيسبوك و محادثات تطبيقات التواصل الاجتماعي وسجل مواقع الويب.
عالم واسع
وبينما هي تتصفح كومبيوترها المحمول لترى اي الصفحات والمواقع الالكترونية دخل عليها صغيرها تقول رانيا “إن تربية الاطفال في عصر الحداثة والتطور ليس بالامر اليسير، اذ تفرض هذه التغييرات تعاملا خاصا مع الصغار، فلابد ان يكون الوالدان صديقين لابنائهم لكي ينجحوا في تربيتهم فضلا عن ضرورة متابعتهم بالشكل الصحيح، فلا نستخدم معهم اسلوب المراقبة والتأنيب ومحاولة كسبهم والتقرب منهم لكي يكونوا على اطلاع دائم بما يشاهدوه صغارهم في عالم الانترنت الواسع لاسيما ان الاطفال يقضون ساعات متواصلة متسمرين امام شاشات الهاتف المحمول والكومبيوترات والآيبادات وغيرها من الاجهزة الالكترونية الذكية.
السندي ترى “ان اسلوب المراقبة المباشرة سيولد ردود أفعال سلبية من الاطفال والمراهقين، لذا لا بد من ان يتعامل الوالدان مع اولادهم باللين والرفق، فلا يجب ان يختلس الابوان النظر الى هواتف وكومبيوترات وايبادات اولادهم بل على العكس لابد ان يقترحوا صفحات ومواقع معينة، واثارة شغفهم ليطلعوا على القصص والحكايات العالمية التي تنشر على الانترنت ومن ثم يتحاوروا معهم بشأن ماقرأوا، وبهذه الطريقة سيضمن الوالدان ان ابناءهم لن يتعرضوا لمواقع تضرهم وتؤثر فيهم”.
ويجد طبيب الاسرة والمجتمع الدكتور احمد الرديني “ان هناك مخاطر عديدة لتعرض الاطفال للانترنت لساعات طويلة سواء أكانت عن طريق الالعاب الالكترونية باستخدام اجهزة الآيبادات او عن طريق الموبايل، اذ تؤثر في شخصية الطفل وتغير سلوكه خصوصا الالعاب القتالية التي تعطي انطباعا خاطئا للطفل عن المجتمع وتنمي روح العداء بداخله وتغير سلوكيات الطفل فينزع الى الشر والعدوانية اكثر من الخير والتسامح، وضعف العلاقات الاجتماعية وميل الطفل الى المشاغبة اكثر من الهدوء ويوصي الاطباء الامريكيون بابتعاد الاطفال صغار
السن”.
مخاوف متعددة
منذ ان بدأت ابنتي شهد ذات الثلاثة عشر عاما باستخدام الانترنت والتصفح وانا اشعر بالقلق والتوتر كي لا تتعرض لمشاهد وصور مخلة بالادب، بهذه العبارات استهلت حديثها الاربعينية سهير كامل متابعة “شغفت ابنتي شهد باستخدام الانترنت والتطبيقات التكنولوجية الحديثة بشكل كبير منذ اول استعمال لها، اذ لم تعد تفارق هاتفها المحمول فهي تلتصق به على الدوام ولكن ما تعرضه صفحات اليوتيوب والمواقع الاخرى يثير قلقي ومخاوفي، لذا لجأت الى الطريقة المثلى وهي تحديد الصفحات التي بمقدورها تصفحها باستخدام جهاز الراوتر الذكي الموجود في
المنزل”.
عضو التحالف العراقي لحرية الانترنت في العراق احمد عز الدين يلفت الى “ان هناك تطبيقات معينة توضع على الهواتف المحمولة كي تمنع الاطفال او المراهقين من ولوج مواقع الكترونية غير مرغوب فيها، فعلى سبيل المثال يضع الـ indroid برامج تمنع عن مستخدميه بعض المواقع غير المفيدة، فضلا عن وجود اخرى تنصب على اجهزة الكومبيوتر للقيام بنفس المهمة، وكذلك من الضروري ان يعرض مزودو خدمة الانترنت حسابين للمشترك احدهما عائلي يحتوي على ميزة التقييد(restriction) التي عن طريقها يمكن حجب المواقع غير المرغوب فيها، والاخر ذو مساحة حرية واسعة ويوفر مختلف المواقع والصفحات على شبكة الويب اذ تمنح مستخدم الانترنت امكانية الاطلاع على مايشاء في عالم
الانترنت”.
اتفاقيات دولية
وبامتعاض واضح ونبرة صوت لا تخلو من الغضب تقول سهير”احيانا هناك مواقع معينة تتعمد عرض صور ومقاطع فيديو لاتليق بالاطفال او تثير غرائز المراهقين في لحظات متابعتهم لقصص او افلام كارتونية، ففي المجتمعات المحافظة مثل هذه الامور تسبب قلقا ورعبا للوالدين لان الانترنت عالم يضم في طياته حقولا ومجالات مختلفة، والكثير منها لايناسب الاولاد لذا من المهم متابعة المواقع التي يتعرض لها اولادنا حتى نحميهم”.
ويبين القاضي ناصر عمران الموسوي “ان الطفولة مرحلة عمرية مهمة لذا حظيت باهتمام تشريعي واولويات المجتمعات المحلية والدولية لتحقيق طفولة هادئة وسليمة ومستقرة ، لذلك فقد اعترفت الاتفاقيات الدولية بذلك ومن ضمن تلك الحقوق الدخول الموسع لوسائل الاعلام وهو ما اقرته المادة (17) من اتفاقية نيويورك لعام 1990، ومفهوم الحدث بشكل عام هو الصغير او حديث السن الذي لم يتجاوز مرحلة الطفولة والمراهقة وليس اهلا لتحمل المسؤولية الجزائية ولان وسائل الاعلام والاتصال اداة من الادوات المؤثرة في تكوين شخصية الفرد وتحديد سلوكه منها ما هو مقروء كالصحف والمجلات والكتب ومنها ما هو مرئي او مسموع كالراديو والتلفزيون والسينما والفيديوهات ودور العرض المسرحية والتمثيلية فضلا عن تأثير الرسوم المتحركة، لذا فبالتأكيد ان لها دوراً ايجابياً اذا تم توجيهها بالشكل السليم ودوراً سلبياً وكارثياً مدمراً اذا أسيئ استخدامها والجرائم الاعلامية الخطرة ضد الاحداث كثيرة ومتعددة منها (جريمة اضطراب الاحداث ) وهذه الجريمة يتمثل ركنها المادي في محتويات النصوص الاعلامية التي تتضمن دلالات ومضامين خطرة، تركز في تأثيرها بشكل مباشر او غير مباشر على الحدث الامر الذي يعطي نتائج سلوكية للحدث بحسب التأثير، وهذه المحتويات تكون ذات دلالات تتنافى مع القيم الاجتماعية والانسانية وتشكل صورة من صور الاعلام المحرمة قانونا، وفي ما يخص جريمة الاعتداء على الاحداث فتتمثل ببث او نشر صور او مقاطع مخلة بالحياء او فاحشة او مواد عنيفة وصور، ووفقا لقانون العقوبات الفرنسي في المادة (227 _ 24 ) فإن (كل فعل يقصد به تصنيع او نقل او نشر بواسطة اي وسيلة وايا كان المحرض عليه برسالة تحمل خاصية العنف او الفحش او الاخلال بالحياء أو متى ما كانت طبيعتها تمثل اعتداء شديدا على حرمة وكرامة الانسان وكذلك كل فعل يقصد به التجارة في هذه الرسالة تكون العقوبة ثلاث سنوات حبس وغرامة 75000(خمسة وسبعون الف يورو )، وفي القانون العراقي نستطيع تلمس ذلك من الدور الوقائي لقانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983 خاصة الفصل الثالث تحت عنوان الفعل الفاضح المخل بالحياء ومثالها المادة ( 403) التي تنص (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مئتي دينار او بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع او استورد او صدر او حاز او احرز او نقل بقصد الاستغلال او التوزيع كتابا او مطبوعات او كتابات اخرى او رسوما او صورا او افلاما او رموزا او غير ذلك من الاشياء اذا كانت مخلة بالحياء او الآداب العامة”.