الحكمة – متابعة: نزلت حشود ضخمة إلى الشوارع في أنحاء الولايات المتحدة السبت، للمطالبة بتقنين امتلاك السلاح، في تظاهرات مشحونة بالعواطف، حرّكها مراهقون نجوا من عملية إطلاق نار دامية، وقعت في إحدى مدارس فلوريدا الثانوية الشهر الماضي.
ورغم برودة الطقس، تجمع مئات الآلاف في واشنطن، في أكبر مسيرة في الولايات المتحدة تطالب بتعديل قوانين حيازة السلاح، منذ نحو جيل. وقال الطالب في مدرسة مارجوري ستونمان دوغلاس الثانوية، حيث قُتل 14 طالبا وثلاثة بالغين، عندما أطلق طالب سابق يبلغ من العمر (19 عاما) النار عليهم الشهر الماضي، للحشود الذين تكدّسوا في شوارع العاصمة “دافعوا عنا أو انتبهوا فالناخبون قادمون”.
وقال ديفيد هوغ وهو طالب آخر من المدرسة ذاتها “سنحوّل ذلك إلى مسألة تتعلق بالتصويت. سننقل هذه القضية إلى كل انتخابات وولاية ومدينة”. وأضاف “سنغيّر العالم وبإمكاننا القيام بذلك.” وخرجت تظاهرات ضخمة كذلك، في أتلانتا وبوسطن وشيكاغو وسينسيناتي ودالاس وهيوستن ولوس انجليس وميامي ومنيابولس وناشفيل وسياتل ومدن اخرى.
وتجّمع الآلاف في حديقة في باركلاند بفلوريدا، لتكريم ذكرى الأشخاص الـ17 الذين قتلوا في ثانوية ستونمان دوغلاس في المدينة، في 14 شباط / فبراير.وبين المشاركين في المسيرة سامانثا مايور (17 عاما)، التي تعرّضت إلى إطلاق نار في ركبتها، وحضرت واضعة دعامة ثقيلة على ساقها، ريثما تتعافى. ورفعت لافتة كتب عليها “أتظاهر لأني كنت على وشك أن يتم إسكاتي”. وأما والدتها ايلن، فرفعت لافتة كتب عليها “أتظاهر حتى لا يسمع والد أو والدة أخرى عبارة ‘أمي تعرضت إلى إطلاق نار'”.
وحضر مئات الآلاف المسيرة التي قادها طلبة تحت شعار “لنمضِ سوية من أجل حياتنا” في واشنطن، على مقربة من مبنى “الكابيتول”، حيث المشرّعون الأميركيون الذين يأمل المتظاهرون بالتأثير عليهم.
وقال طالب المدرسة الثانوية إيليا شنايدر (15 عاما)، الذي قدم إلى العاصمة من نيويورك برفقة والدته، “هذا حدث تاريخي. أريد أن أكون هنا من أجل هذا الأمر الجديد الذي سيحدث، والتغيير الذي آمل بإحداثه” فيما رفع لافتة كتب عليها “احموا الأطفال لا الأسلحة النارية”.
“فلتكن أصواتنا الانتخابية سلاحنا الأفضل”
وشكّل طلاب مدرسة ستونمان دوغلاس قوة الدفع الرئيسية التي حركت المسيرات، حيث ألحّوا بشكل متواصل على النواب الأميركيين، أن يسنوا تشريعا يحظر البنادق الهجومية، ويوسّع التدقيق بتاريخ المشترين وهوياتهم، لتشمل جميع عمليات شراء الأسلحة النارية.
وفي سعيهم لتحويل حراكهم للسيطرة على حيازة الأسلحة إلى قوة سياسية نافذة، نشر منظمو المسيرات رابطا على موقعهم الإلكتروني، لحث أنصارهم على التسجيل للانتخابات. وكُتب على إحدى اللافتات “فلتكن أصواتنا الانتخابية سلاحنا الأفضل”.
وحمل الكثير من المتظاهرين لافتات تندد بمجموعة الضغط النافذة “الجمعية الوطنية للبنادق” أو “ناشونال رايفل اسوسيسييشن”.ورفع جيف تورتشن (68 عاما) الذي حضر إلى واشنطن من نيويورك، لافتة كُتب عليها “من خائف من الجمعية الوطنية للبنادق؟ الجمهوريون”. وقال “يجب ألا يكون لدينا أسلحة نارية في مجتمعنا. هؤلاء الأطفال على حق، إنهم فعليا يقولون إن الجمعية الوطنية للبنادق، تدفع أموالا للجمهوريين”، حزب الرئيس دونالد ترامب، الذي يهيمن على مجلسي الشيوخ والنواب.
وتدفّق آلاف المتظاهرين من قطار الأنفاق، حيث امتلأ شارعا كونستيتيوشن وبنسلفانيا الذي يربط البيت الأبيض بالكابيتول، ما جعل الاقتراب من الموقع الرئيسي أمرا صعبا.
“لا نعرف متى سيأتي دورنا”
وأغلقت المنطقة أمام حركة المرور، لتتسع لنحو نصف مليون متظاهر، احتشدوا في الشوارع التي انتشرت فيها شاشات عملاقة، تحمل شعارهم “لنمض سوية من أجل حياتنا”.وقالت لورين تيلي (17 عاما) إنها وصلت من كاليفورنيا مع سبعة مراهقين آخرين، وثلاثة بالغين للمشاركة في المسيرة. وأوضحت “نحن نخشى الذهاب إلى المدرسة كل يوم، لأننا لا نعرف متى سيأتي دورنا”. وتابعت “رسالتنا الأساسية، أننا لن نصمت وسنواصل نضالنا. لا يهمنا كم تملك من الأموال، لا يمكن لأموالك أن تغرق أصواتنا. سنصوت في (انتخابات) العام 2020. جيلنا يريد التغيير”.
ودعت لافتة تحمل شعار السلام، وزينت بالزهور إلى منع البنادق الهجومية، كتلك التي استخدمت في عملية إطلاق النار في فلوريدا. ومنذ عملية إطلاق النار في باركلاند، لم تدخل ولاية فلوريدا والكونغرس، إلا تعديلات متواضعة على قوانين حيازة الأسلحة، فيما قوبل اقتراح ترامب بتسليح الأساتذة برفض واسع.
ورغم أن عملية إطلاق النار التي وقعت في فلوريدا، هي التي أطلقت الحراك، إلا أنه ما لبث أن توسّع ليتناول مشكلة العنف الناجم عن استخدام الأسلحة النارية بشكل عام، في بلد يشهد أكثر من 30 ألف حالة وفاة كل عام، سببها الأسلحة النارية.
ومعظم هذه الوفيات ليست ناجمة عن عمليات إطلاق نار كبيرة، بل جرائم قتل وحالات انتحار. ويشير منظمون إلى أن أكثر من 800 مسيرة خرجت في أنحاء البلاد والعالم، تحت شعار “لن يتكرر ذلك أبدا”. وكان ترامب في فلوريدا عندما خرجت المسيرة في واشنطن، لكن البيت الأبيض أصدر بيانا قال فيه “نحيي الأميركيين الشبان الكثر والشجعان، الذين يمارسون حقوقهم الواردة في المادة الأولى (من الدستور الأميركي) اليوم”.
وأكد أن “ابقاء أطفالنا سالمين، يشكّل أولوية القصوى بالنسبة للرئيس”.