العراق كما هو معروف دولة غنية جدًّا وثروته مخزونة داخل أرضه ونعني بذلك النفط، وهو يستخرج أكبر كمية ممكنة من هذه الثروة كل يوم كي يبيعها ويجني عوائدها. والمبالغ التي يجنيها العراق هائلة وكبيرة وضخمة وكلها تذهب إلى الخزينة المركزية ولكن يبقى السؤال المهم وهو: ماذا تفعل الدولة بهذه الأموال وكيف تنفقها؟. اقتصاد العراق اقتصاد كازينو بلا إنتاج يتفق خبراء طرحنا عليهم هذا السؤال على أن اقتصاد العراق يعتمد على التوزيع وليس على الاستثمار والإنتاج، مما يعني وحسب قول أحد هؤلاء الخبراء، أنه اقتصاد يخلق الفقر ولا يحاربه.. هذا ما جاء على لسان واحد من أهم خبراء الاقتصاد في العراق، نائب محافظ البنك المركزي مظهر محمد صالح في حديث خاص بإذاعة العراق الحر. صالح قال إن العراق يعتمد بنسبة 95 بالمائة على عوائد النفط كما شرح بالقول إن التوزيع بدأ بعد عام 2003 بدافع أخلاقي لإشراك أكبر عدد ممكن من الناس بالثروة، ومن هنا جاء تشغيل أكثر من أربعة ملايين شخص في مؤسسات الدولة وهو عدد جيد إذا ما عرفنا أن عدد القادرين على العمل هم ثمانية ملايين شخص. غير أن المشكلة الأساسية هنا هو أن هذا النوع من الاقتصاد التوزيعي غير إنتاجي، حسب قول صالح الذي لاحظ أن 80 بالمائة من العاملين في مؤسسات الدولة يفتقرون إلى الكفاءة الإنتاجية، مما يعني بالنتيجة أن الموازنة العراقية موازنة استهلاكية، وأن الاستثمار ضعيف إن لم يكن معدومًا ومثل هذا الاقتصادي، في نهاية الأمر، لا يولد دخلًا بل يؤسس للفقر ولولا وجود النفط لعانى العراق مشكلة أكبر بكثير. نائب محافظ البنك المركزي مظهر محمد صالح وصف اقتصاد العراق بأنه “اقتصاد كازينو”، أي إن الأموال تنتقل فيه من يد إلى أخرى دون أن تؤدي إلى إنتاج أي شيء، كما قال إن العراق أنفق منذ عام 2003 حتى الآن حوالي 417 مليار دولار، ولكن الإنفاق لم يؤد إلى تشغيل أي شيء. نحتاج إلى تزويج العام بالخاص كي ننجح أما أفضل الحلول وحسب نائب محافظ البنك المركزي فهو وضع خطة اقتصادية واضحة تجمع بين القطاعين العام والخاص بهدف تنفيذ مشاريع منتجة للدخل وقادرة على احتواء اليد العاملة. المسؤول دعا إلى التعامل مع الاقتصاد بطريقة مركزية من أجل حل مشاكل البطالة والإنتاج وما شابه. صالح قال أيضًا إن الاقتصاد في حاجة إلى وقفة شجاعة، ورأى أن على قادة العراق التنافس على وضع أفضل سياسة اقتصادية بدلًا من التناحر على قضايا سياسية غير مفهومة بالمرة، حسب قوله. وأخيرًا انتقد نائب محافظ البنك المركزي مظهر محمد صالح تسرب أموال الأغنياء إلى الخارج قائلًا إن أي مبلغ يخرج حتى لو كان صغيرًا يعني أنه لا يخدم اقتصاد العراق، أما خروجه فقال صالح إنه نوع من الادخار الذي يمارسه الأغنياء، غير أن هذه الممارسة تحوِّل البلد بالنتيجة إلى بلد فقير، مع انتشار البطالة الحقيقية والمقنعة، مما يعني أن هناك أخطاء كبيرة ترتكب، ومنها عدم تطوير قطاع الصناعة ولا حتى الزراعة، وهي قطاعات قادرة على استيعاب البطالة وتشغيل اليد القادرة على العمل.