قصة استشهاد الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصل الله على محمد و ال بيته الطيبين الطاهرين وعجل وفرجهم وجعلنا الله واياكم من رفقائهم في الفردوس الاعلى و النعيم واهلك الله عدوهم من الجن و الانس اجمعين
قصة استشهاد الامام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام
كانت ولادة الامام جعفر الصادق عليه السلام يوم الاثنين السابع عشر من شهر ربيع الاول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة وهو اليوم الذي ولد فيه رسول الله صل الله عليه واله وسلم , وقد ورد عن النبي صل الله عليه واله وسلم انه قال : اذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين فسموه الصادق .
منتهى الامال للشيخ عباس القمي ج 2 ص 159
كان الامام الصادق عليه السلام عظيم زمانه فقد اسس اكبر مدرسه فقهيه في تاريخ الاسلام وقد تتلمذ على يده الاف التلاميذ امثال ابو حنيفه النعمان و مالك بن انس و سفيان الثوري وجابر بن حيان وغيرهم , في نفس الوقت كان الامام الصادق عليه السلام مضايق من قبل المنصور الدوانيقي العباسي فلم يتحمل ان يرى ان الناس تعظمه وتهفو اليه وقد بلغ من العمر خمسا وستين سنة .
يقال انه الامام الصادق عليه السلام قد احضر سبع مرات عند المنصور الدوانيقي ففي احدى المرات يقول محمد بن الربيع : دعاني ابي وكنت اقسى اولاده قلبا وقال : انطلق الى دار جعفر بن محمد واحضره على الحال التي هو عليه , لاتدعه يغير شيئا مما هو عليه , قال محمد : فأقبلت نحو داره ووضعت السلم وتسلقت الجدار فدخلت واذا بجعفر بن محمد في مصلاه متوجه نحو القبلة , فلما فرغ من صلاته قلت : اجب امير المؤمنين فقال : دعني البس ثيابي , قلت : ليس الى ذلك من سبيل , وهكذا اخرجته حافيا حاسرا وكان قد قارب السبعين , قال محمد : فمشينا بعض الطريق فضعف جعفر بن محمد عن المشي فأركبته على بغل شاكري وجئت واذا بالربيع واقف ينتظر والمنصور ينادي : يا ربيع اين جعفر بن محمد ؟ فلما راه الربيع استقبله وقال : يعز علي يابن رسول الله ان اراك بهذه الحال ولكني مأمور , فقال الامام الصادق عليه السلام : يا ربيع دعني اصلي ركعتين , فقال : صل يابن رسول الله , فصلى الامام الصادق عليه السلام ركعتين ودعا بدعائه ثم اخذه الربيع بيده وادخله على المنصور , و الطاغية جالس على سريره والامام الصادق عليه السلام واقف بين يديه حافيا حاسرا مكشوف الرأس فقال له المنصور فيما قال : اما تستحي يا جعفر من هذه الشيبة ان تنطق بالباطل وتشق عصا المسلمين ؟
فقال امامنا الصادق عليه السلام : ما فعلت ذلك يا امير المؤمنين , فقال المنصور : هذه كتبك الى اهل خراسان تدعوهم الى بيعتك ونقض بيعتي , فقال عليه السلام : ليست بكتبي و لا خطي ولا خاتمي واني ما فعلت ذلك في زمن بني امية الذين هم اعدى الناس لنا ولكم فكيف افعله في زمانكم وانتم امس الناس رحما بنا ؟
وكان المنصور يخرج مقدارا من سيفه بين الحين و الاخر ثم يعيده الى الغمد وفي المرة الاخيرة جرد السيف كله ثم اعاده الى غمده وأطرق برأسه مليا ثم رفع رأسه وقال : يا جعفر اظنك صادقا ثم ادناه واجلسه الى جنبه وكرمه وودعه فسئل المنصور بعد ذلك : لم كنت تخرج السيف ثم تعيده الى غمده ؟
قال : كلما هممت بقتله ارى رسول الله صل الله عليه و اله وسلم مشمرا عن ذراعيه يحول بيني وبين جعفر بن محمد , وفي المرة الاخيرة لما جردت السيف كله رأيت النبي مغضبا محمر الوجه وقد قرب مني وكاد ان يمسك بي فخفت وتراجعت عن ما كنت اهم به من قتل ولده جعفر .
وروي عن محمد الاسكندري : دخلت على المنصور الدوانيقي ذات ليلة , فوجدته جالسا على فراشه والشموع معلقة بين يديه وهو يتنفس تنفسا باردا كهيئه المهموم والمغموم , قال : فقلت له : يا امير المؤمنين ما هذه الفكرة ؟ فقال : يا محمد اني قتلت من ذرية علي وفاطمة الفا او يزيدون وقد بقي سيدهم وزعيمهم جعفر بن محمد , وانني عازم على قتله , قال : فقلت له : يا امير ان جعفر بن محمد رجل قد اشتغل بالعبادة عن طلب الملك , فقال المنصور : أنا اعلم يا محمد انك تقول بامامته وأنه امام هذه الامة ولكن الملك عقيم.
عمد المنصور لعنه الله الى وسيلة دنيئة لقتل الامام جعفر الصادق عليه السلام فقد بعث الى والي المدينة المنورة ان يدس السم الى الامام جعفر الصادق عليه الصلاة و السلام , قالوا فدس اليه السم في طعامه , بقي امامنا يوما او يومين يعاني الام السم الى ان حضرته الوفاة في الخامس و العشرين من شهر شوال من سنة مئة وثمان واربعين , حضره ولده الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام اوصاه ابوه الامام جعفر الصادق سلام الله عليه بوصايا ومما اوصاه به قال : يا بني اسرج ضياءا بمكان جسدي بعد ان تدفنني فان الروح اذا فارقت الجسد عادت الى مكانه فاذا رأته مظلما استوحشت , ثم قضى الامام جعفر الصادق عليه السلام نحبه مسموما مظلوما ودفن الى جنب ابيه الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام في بقيع المدينة , وكان يوم وفاة الامام الصادق عليه السلام يوما مشهودا في المدينة حيث ضج الناس بالبكاء والنحيب , ولما اخرجت جنازة الامام جعفر الصادق عليه السلام استقبل رجل من الشعراء وانشد:
اقـــــــــول وقـــــد راحــــــــوا بــــــه يحملونــــــــــه …. عـلـــــــى كاهـــــل مــــن حـــامليه وعاتـــق
اتــــــــــدرون ماذا تحملون الـــى الثـــــــــــــــــــرى … كـــــــــبدر هــــوى مــن رأس علياء شـــاهق
غــــداة حـــثــــا الحــــــاثـــــون فــــوق ضـــــريحـه … تـــــرابــــا وأولــــــى كـــــــان فـــوق المفارق
كان امامنا جعفر الصادق عليه السلام مثال للورع والخلق العظيم حتى بكى عليه اعداؤه وقاتلوه , فقد روي انه لما توفي الامام جعفر الصادق عليه السلام بكى عليه المنصور الدوانيقي لعنه الله الذي امر بسمه وقتله , قال بعضهم : دخلت على المنصور فرأيت بيده كتابا يقرأ فيه فلما رأني رمى بالكتاب الي وهو يبكي ويقول : هذا كتاب من والينا على المدينة يخبرنا فيه بوفاة جعفر بن محمد ( عليه الصلاة و السلام ) وأنى لنا بمثل جعفر بن محمد ؟
فالسلام عليه يوم ولد و يوم استشهد و يوم يبعث حيا
وصلى الله على محمد و ال محمد وعجل فرجهم يا كريم