“سوات” تعزز وجودها على الأرض بـ 18 ألف مقاتل .. وطيران الجيش يعاود طلعاته .. الأنبار نحو الانفصال

278

القوات العراقية تحرر قضاء الخالدية في الرمادي من عناصر "داعش"

تؤشر المعطيات الميدانية في الأنبار خلال الأيام القليلة الماضية، تحولا كبيرا في الملف السياسي لهذه المحافظة، ذات الأغلبية السنية، فبعدما كان الجدل يدور مع الحكومة المركزية بشأن تنفيذ مطالب ساحة الاعتصام المتعلقة بالمشاركة في القرار السياسي والتوازن في المؤسسة العسكرية.. وغيرها، يبدو الوضع حاليا في طريقه نحو التقسيم، أو اللجوء إلى خيار الإقليم، وفق ما تؤكد شخصيات بارزة في الأوساط السنية العراقية.

يأتي ذلك، في ظل تسريبات تتعلق بتسهيلات حكومية حصلت عليها شخصيات مطلوبة انتمت سابقا إلى الجيش الإسلامي، وهربت إلى خارج البلاد، من أجل العودة إلى الأنبار، لتحويل مسار العمليات القتالية كي تستهدف القاعدة، وليس الجيش العراقي، كما يحدث الآن في المحافظة.

ويبدو أن الحكومة المركزية، منحت دعاة الأقلمة والانفصال، فرصة كبيرة لإثبات وجهة نظرهم، لجماهيرهم في الداخل، وللمحيط العربي والإقليمي، وحتى الدولي، وذلك عندما قرر رئيس الوزراء نوري المالكي فض اعتصام الأنبار بالقوة.

وتقول شخصيات مطلعة على مجرى التطورات في الأنبار، إن “الحكومة المركزية منحت دعاة الانفصال شحنة هائلة، عندما أقدمت على فض الاعتصام”، مشيرة إلى أن “هذه الخطوة أتاحت لدعاة الانفصال فرصة لإقناع المترددين في مناطقهم بأن خيار الانفصال، أو الإقليم في أقل التقديرات، بات هو الحل الوحيد لأهل الأنبار”.

وتشير مصادر قريبة من أجواء قادة ساحة الاعتصام، إلى أن شخصيات سنية مقيمة في الخارج، كانت تتولى عملية تمويل ساحة الاعتصام وإدامة وجودها، “قررت، في لحظة انتخاب أحمد الجبوري محافظًا لصلاح الدين، تحويل مسار الدعم إلى جهات سنية تؤمن بخيار المواجهة المسلحة مع الحكومة المركزية”.

وتقول هذه المصادر، إن “خطة الشخصيات السنية الثرية، التي تربطها علاقات قوية بدول خليجية، كانت تقوم أولًا على السيطرة على المجالس المحلية في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، ومن ثم ترشيح محافظين موالين، قبل التخطيط لاحتكار مقاعد المحافظات السنية في برلمان 2014”.

وترى المصادر، أن “هذه الخطة (أ) من وجهة نظر الداعمين، هي البوابة المثلى لتحقيق مشروع الإقليم السني، استنادًا إلى خيارات وخطوات سياسية”.

وتقول المصادر، إن “وصول أحد حلفاء المالكي، وهو أحمد الجبوري، إلى موقع محافظ صلاح الدين، أجهض مشروع الإقليم السني سياسيًّا، لذلك قررت الشخصيات الداعمة، تحويل التمويل من بعض قادة الاعتصمام إلى عدد من الفصائل المسلحة”. وأضافت أن “الخطة (ب) تستهدف تقوية فصائل مسلحة على الأرض في الأنبار، وانتظار لحظة المواجهة مع الحكومة المركزية، التي تيقن الجميع أنها لن تنفذ شيئًا من مطالب المعتصمين”.

وتشير المصادر، إلى أن “الحكومة المركزية عجلت بتنفيذ هذه الخطة من حيث لا تدري، فقامت بفض الاعتصام بالقوة، ما منح الخطة (ب) زخمًا كثيرًا، وساعد على تقديم موعد تنفيذها”.

وتعتقد المصادر، أن “القتال الحالي في الأنبار يستهدف تحقيق الإقليم السني واقعًا، بل يمضي إلى أبعد من ذلك بالعمل على الانفصال الكلي وإعلان دولة منفصلة عن العراق تضم العديد من المناطق السنية”.

ميدانيًّا، لم تتغير الخارطة الأمنية في الأنبار كثيرًا خلال الأيام الماضية، فالمجلس العسكري في الأنبار، الذي يقوده علي حاتم السليمان، يلعب دورًا كبيرًا في إدارة القتال، فيما يحافظ عناصر تنظيم القاعدة على مواقعهم التي احتلوها منذ الأربعاء الماضي، في حين يخوض الجيش وقوات مكافحة الإرهاب قتالا متقطعًا مع الجانبين، وسط غياب لأي دليل ميداني على وجود تنسيق قتالي بين المجلس العسكري في الأنبار وعناصر القاعدة.

وأكدت مصادر رفيعة في جهاز مكافحة الإرهاب لـ “العالم” أمس، أن “فرقة مكونة من 18 ألف عنصر في الجهاز توجهت الاثنين إلى الأنبار، لتقديم الإسناد إلى التشكيلات العسكرية التي تقاتل في الأنبار”، بينما كشف ضباط في طيران الجيش العراقي، أن “طائرات حديثة، تستعد لتنفيذ سلسلة ضربات ضد مواقع للمسلحين في الأنبار، ابتداء من اليوم الثلاثاء”. وكانت الطلعات الجوية لطيران الجيش العراقي، شهدت تراجعًا كبيرًا في سماء الأنبار، خلال اليومين الماضيين، وسط أنباء غير مؤكدة عن إسقاط طائرة، من بين 3 عاملة في الأنبار، في منطقة الطاش القريبة من الرمادي أمس الأول.

ويلاحظ مراقبون ميدانيون، أن حدة الاشتباكات بين مسلحي المجلس العسكري في الأنبار وبين عناصر القاعدة، تتراجع كثيرًا خلال اليومين الماضيين، وتقتصر في أحيان كثيرة على مناطق التماس المحدودة بين الجانبين، لحساب زيادة ملحوظة في معدل الهجمات التي يعترض لها الجيش وقوات مكافحة الإرهاب من الطرفين، اللذين ينتشر كل منهم في مناطق مختلفة.

لكن تطورات هامة، حدثت أمس الاثنين، على مستوى العلاقة بين تنظيم القاعدة في العراق وتنظيم داعش. وتشير مصادر استخبارية عراقية، إلى أن “خلافا كبيرًا، نشب أمس الاثنين، بين تنظيم القاعدة المرتبط بأيمن الظواهري، ويقوده في الأنبار العقيد السابق في الجيش العراقي علاء عبد الوهاب الرزاق المشهداني، المعروف بـ “أبي بلال”، وبين تنظيم داعش العراقي، الذي يقوده في الأنبار أبو أحمد العلواني (لا صلة له بعائلة النائب المعتقل أحمد العلواني)”.

وتقول المصادر الاستخبارية لـ “العالم”، إن “داعش اختار فتح جبهة جديدة ضد الجيش العراقي في محافظة ديإلى، بينما تريد قاعدة الظواهري في العراق البقاء في مواقعها الحالية بمحافظة الأنبار، وانتظار نتائج المعارك هناك ضد الجيش العراقي”. وكشفت المصادر الاستخبارية، عن “توصل الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان، إلى اتفاق، ينص على غض نظر أربيل عن عبور شخصيات قيادية كبيرة في الجيش الإسلامي، عبر مدن الإقليم، للتوجه إلى مناطق الاشتباك في الأنبار”.

وتابعت المصادر، أن “هذه الشخصيات القيادية، معظمها مطلوب للحكومة، لكن أطرافا حكومية عراقية توصلت إلى اتفاق معها، يقضي بالسماح لها بدخول العراق وتولي القيادة الميدانية، بعد انتزاعها من الأطراف العاملة على الأرض الآن”.

وزادت أن “هذا الاتفاق يستند إلى الخلاف الآيديولوجي العميق، بين العديد من الفصائل المسلحة العراقية وتنظيم القاعدة”.

وأكدت أن “الهدف من هذه الخطوة، هو إعادة توجيه بوصلة القتال على الأرض، ونقل مسار هجمات هذه الفصائل من الجيش العراقي إلى القاعدة”.

وكان المالكي وقع أوامر عفو خاصة، قبل أيام عن شخصيات مطلوبة، شاركت في قتال تنظيم القاعدة مؤخرًا في محافظة الأنبار

الرمادي – خالد بتّال / العالم

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*