انطلاق موكب العزاء الخاص بالعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام العسكري(ع)

313

11-1-2014-11

    إبكِ دماً يا جعفري على مصاب العسكري
لهُ السما وأرضنا جريحه قد هدّموا بحقدهم ضريحه

  بأصواتٍ حزينة .. وقلوبٍ كئيبة .. وأرواحٍ والهة ودموعٍ هاملة .. وأكبادٍ مقرّحة، وانطلاقاَ من قوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، انطلق بعد ظهر أمس الجمعة 8ربيع الأول 1435هـ الموافق 10كانون الثاني 2014م موكب خدمة العتبتين المقدستين الحسينية ‏والعباسية الذي ضمّ مسؤولي ومنتسبي ‏العتبتين المقدستين وجَمْعاً غفيراً من الزائرين الذين توافدوا إلى مدينة كربلاء ‏المقدسة لتقديم التعازي للإمام ‏الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام) بهذه المناسبة الأليمة، والذي يأتي ‏ضمن نشاطاتها المستمرة ‏لاستذكار ‏مصائب أهل ‏البيت (عليهم السلام) وما جرى عليهم من ظلم وجور ‏.‏

وخلال مسيرة الموكب صدحت حناجر المشاركين بالهتافات وقصائد الرثاء التي تجدّد عهد الوفاء للإمام العسكري (علي السلام)، وتخليداً لسيرته العطرة ودوره الجهادي الكبير في دفاعه عن العقيدة والرسالة المحمدية، والقيم والمعاني السامية والجوانب الإنسانية والأخلاقية وآثارها الجلية في ‏نفوس المسلمين، ودوره الريادي الكبير في قيادته لأمة جده رسول الله(صلى الله عليه وآله)، واختتم عند مرقد جدّه أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) بممارسة عبادية ومجلس للّطم والرثاء .‏

كذلك شهدت العتبة العباسية المقدسة انتشاراً لمظاهر الحزن وتوشّحت بالسواد وعُلّقت على صحنها الشريف الرايات السوداء وعدد من القطع التي خُطّتْ عليها جملةٌ من وصاياه وأحاديثه(سلام الله عليه)..

ومن الجدير بالذكر إن العتبة العباسية المقدسة قد ساهمت بـعدد من آلياتها ومنتسبيها للمشاركة بنقل الزوار وتقديم ‏الخدمات إليهم خلال أيام الزيارة التي شهدتها مدينة سامراء المقدسة.

11-1-2014-13

يذكر أن الإمام الحسن بن علي العسكري(عليه السلام) هو المعصوم الثالث عشر والإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله). نشأ وتربّى في ظلّ أبيه الذي فاق أهل عصره علماً وزهداً وتقوىً وجهاداً. وصحب أباه اثنين أو ثلاثاً وعشرين سنة وتلقّى خلالها ميراث الإمامة والنبوّة فكان كآبائه الكرام علماً وعملاً وقيادةً وجهاداً وإصلاحاً لأمة جدّه محمد(صلَّى الله عليه وآله) تولّى مهامّ الإمامة بعد أبيه واستمرّت إمامته نحو ستّ سنوات، مارس فيها مسؤولياته الكبرى في أحرج الظروف وأصعب الأيّام على أهل بيت الرسالة بعد أن عرف الحكّام العباسيون -وهم أحرص من غيرهم على استمرار حكمهم- أن المهدي المنتظر من أهل بيت رسول الله(صلَّى الله عليه وآله) ومن ولد علي ومن ولد الحسين(عليه السلام)، فكانوا يترصّدون أمره وينتظرون أيّامه كغيرهم، لا ليسلّموا له مقاليد الحكم بل ليقضوا على آخر أملٍ للمستضعفين. أُطلق على الإمامين علي بن محمد والحسن بن علي(عليهما السلام)(العسكريّان) لأنّ المحلّة التي كان يسكنها الإمامان -في سامراء- كانت تسمّى “عسكر”، و”العسكري” هو اللقب الذي اشتهر به الإمام الحسن بن علي(عليه السلام). وله ألقاب أخرى، نقلها لنا المحدّثون والرواة وأهل السير وهي: الرفيق، الزكي، الفاضل، الخالص، الأمين، والأمين على سرّ الله، النقي، المرشد إلى الله، الناطق عن الله، الصادق، الصامت، الميمون، الطاهر، المؤمن بالله، وليّ الله، خزانة الوصيين، الفقيه، الرجل العالم، وكلٌّ منها له دلالته الخاصّة على مظهر من مظاهر شخصيته، وكمال من كمالاته، وكان يكنّى بابن الرضا. كأبيه وجدّه، وكنيته التي اختص بها هي:(أبو محمد). إنّ أهم إنجاز قام به الإمام العسكري هو التخطيط الحاذق لصيانة ولده المهدي(عليه السلام) من أيدي العتاة العابثين الذين كانوا يتربّصون به الدوائر منذ عقود قبل ولادته. حيث وضع الخطط العملية لتقبّل هذه المرحلة من قبل الموالين والمناصرين لخط أهل البيت(عليهم السلام)، بعد أن اعتادوا على رؤية أئمتهم والمرحلة المقبلة تتطلب غياب إمامهم..

وبعد أن أدّى الإمام العسكري(عليه السلام) مسؤوليته بشكل كامل تجاه دينه وأمّة جده(صلى الله عليه وآله) وولده (عليه السلام) نعى نفسه قبل سنة ستين ومئتين، وأخذ يهدّئ روع والدته قائلاً لها: (لابدّ من وقوع أمر الله لا تجزعي..)، ونزلت الكارثة كما قال، والتحق بالرفيق الأعلى بعد أن اعتلّ(عليه السلام) في أوّل يوم من شهر ربيع الأول من ذلك العام. ولم تزل العلة تزيد فيه والمرض يثقل عليه حتى استُشهد في الثامن من ذلك الشهر، وروي أيضاً أنه قد سُمّ واغتيل من قبل السلطة، حيثُ دَسّ له السمَّ المعتمدُ العباسي الذي كان قد أزعجه تعظيم الأمة للإمام العسكري(عليه السلام) وتقديمهم له على جميع الهاشميين من علويين وعباسيين، فأجمع رأيه على الفتك به..

ولم يخلف الإمام(عليه السلام) غير ولده أبي القاسم محمد(الحجة) وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وقد آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب. ودفن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) إلى جانب أبيه الإمام الهادي(عليه السلام) في سامراء، وما زالت أيادي التكفير مُمتدّة من تلك العصور التي مُلئت بُغْضاً لآل البيت(عليهم السلام) والتي تجسدت في عصرنا الحاضر عبر تفجير وهدم قبور أئمتنا الطاهرين(عليهم السلام) لغايات تكفيرية وخلق جوٍّ من التهوّر والعنصرية والجهل.

11-1-2014-12

شبكة الكفيل العالمية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*