زواج الـ”فيسبوك” ومكاتب الزواج الشرعي .. ظاهرتان جديدتان على مجتمعنا

479

116825276674239846272

    العزوف عن الزواج أصبح حالة تهدد المجتمع بأسره .. سواء كان على مستوى الشباب او الشابات .. وهناك عوامل عديدة ساعدت على هذا العزوف في مقدمتها الوضع الاقتصادي إلى جانب عوامل اخرى لا تقل اهمية ، وهي الوضع الامني والفوارق الاجتماعية ونفس المبالغة الذي يصل إلى ان لا يفكر الشباب بالزواج مطلقاً لانه غير قادر على توفير ما يطلبه اهل العروس زوجة المستقبل …

وليس غريباً او مفاجئاً بالعكس مما جرت العادة عليه وهو طلب الشابة الزواج من ذلك الشاب بل انها تهيئ كافة الاجواء الاجتماعية والمادية للفوز بذلك الزوج او شريك الحياة …

وإذا كانت الخطوبة او الخطبة تحصل احياناً عن طريق الصدفة كالأفراح او الدعوات الخاصة او الزيارات العائلية ، او ان الشاب يطلب من ذويه البحث عن شريكة حياته او عن طريق الخاطبة والتي عادة ما تكون معروفة بالمدينة او ذلك الحي ..فإن هذه الوسيلة قد تطورت كثيراً  حيث اصبح لهذه المرأة الخاطبة مكتباً لترويج عملية الزواج ..

(وكالة انباء الاعلام العراقي/واع) ناقشت هذه القضية الاجتماعية وتحدثت بشكل صريح مع من يعنيهم  هذا الامر وخرجت بهذا التحقيق …

اللجوء إلى مكاتب الزواج هروب وتحايل على القانون

المواطنة “أم سيف” أرادت ان تزوج ابنها الوحيد لها فتقدمت بهذه الخطوة لعقد قرانه في احد المكاتب الرسمية والمجازة في منطقة الكاظمية في بغداد لسهولة المهمة ونزولاً عند رغبة وإلحاح أهل الزوجة، وبعد ذلك تم لنا تصديق عقد الزوج في المحكمة وهذه المسألة متعارف عليها.

وكان للمواطن سعد كاظم رأي ” كوني من أطراف مدينة بغداد وحالتي الاقتصادية الصعبة فلا استطيع ان اعقد قراني في المحكمة لأنها تتطلب مني مصاريف كثيرة، الامر الذي جعلني ألجأ إلى هذه المكاتب الاهلية (السيد) ومن ثم اقوم بتصديقها لدى اي محكمة شرعية وبمصاريف زهيدة جداً.

 اما المواطنة “أم حوراء ” فقد ذكرت “ان ابنتي صغيرة وقاصر ولم تبلغ سن الرشد وجاءت قسمتها ، ولا استطيع الوقوف في طريق قسمتها  لذلك لجأت إلى تلك المكاتب لعقد قرانها بمن تزوجها ، وبعد بلوغها السن القانوني  نستطيع أن نعقد قرانها في المحكمة الشرعية ليصبح زواجاً قانونياً “.

عريس بـ(مواصفات) في مكاتب الزواج

اما  اريج عبد القادر  من سكنة  بغداد فتقول ” لقد  تزوجت منذ سنة تقريبًا عبر مكتب زواج في إقليم كردستان حيث تعرفت على زوجي خلال زيارة سابقة إلى أربيل قبل أشهر وقد سجلت في احدى هذه المكاتب انا وزوجي في وقتين مختلفين ، و بعدما تطابقت مواصفاتنا التي أدرجاها في طلبينا. “وليس في هذا ما يُخجل” تزوجنا ، فما تقوم به هذه المكاتب ليس سوى تطوير لما كانت الخاطبة تقوم به على نحو بدائي”.

في حين ان هذا الموضوع قد أتعب سمية خضر التي اكدت بقولها ” ان موضوع زواجي قد ارهقني جدا فما كان لي سوى اللجوء إلى مكاتب الزواج الشرعي في محافظة كربلاء وسجلت في احد المكاتب وبعد فترة تم الاتصال بي ليخبروني بوجود عريس حسب المواصفات التي اريد وتقابلنا انا وزوجي وتم الزواج في المكتب ” واضافت” أن المتعلمين يبدون اكثر تفهمًا وتعاملًا مع مكاتب الزواج. وبالرغم من أنها تحمل شهادة جامعية، لكن لم يتقدم احد ومن مستواها الاكاديمي لخطبتها، فوجدت ضالتها عبر المكتب مؤكدة  على ” أن وساطات الزواج ناجحة، مهما كان نوعها  أو كانت تسميتها، لأنها تعادل بين المواصفات وتقرب ما كان بعيدًا، “وهذا أمر مشروع”.

الفيس بوك واختيار شريكة الحياة

الفيس بوك او التواصل الاجتماعي هو اسلوب حضاري ومتطور في الاتصال الجماهيري إلى جانب استغلال هذه الوسيلة التكنولوجيا في الاتصال لقضايا مهمة تعلقت مؤخراً بقضايا الشعوب ومصيرهم . حيث ان الفيس بوك او التواصل الاجتماعي قد لعب دوراً فيما يسمى بالربيع العربي الذي شمل تونس وليبيا واليمن ومصر وبلدان اخرى في المنطقة لسهولة استخدامه ولفعله الذي اكد حضوره في تلك الساحات الساخنة التي عاشت هذا الربيع ..

إلا اننا وللأسف الشديد لاحظنا في الفترة الاخيرة ان هذا التواصل الاجتماعي قد استغل بشكل آخر وهو بناء العلاقات غير الاجتماعية بل العلاقات التي تعتمد المراهقة والسلوك الشاذ احيانا .. وخطوبة الفيس بوك هي الاخرى من السلوكيات البعيدة كل البعد عن التقاليد الاجتماعية التي يفترض ان تكون في المجتمع الاسلامي او العربي ..

فذكر لنا  احسان عبد الاله “انا تزوجت عن طريق  الفيس بوك او التواصل الاجتماعي إلا  انه لم يدم طويلا لان هذا الحب او الزواج ولد ميتاً و بعد شهر من الزواج  انتهى لوجود تناقضات وخلافات فكرية وطبقية وأخلاقية وبيني وبين زوجتي او “زوجة الفيس بوك” لذلك فهو ينصح الشباب الابتعاد عن هذا السلوك غير الحضاري وغير الأخلاقي الذي يعتمد المراسلة التكنولوجيا في الزواج .

مكاتب الزواج تنقل من مصر إلى بغداد

وفي محاولة جريئة  التقينا بخاطبة عراقية عملت بمكاتب الزواج في مصر وعند عودتها إلى الوطن فتحت مكتبًا لها  وقد ذكرت  (أ. هـ .ك )” لقد تمكنت من فتح مكتب للزواج هنا  وأستقبل يومياً العشرات من الشابات والشباب حيث ساهم هذا المكتب في تزويج عدد كبير من الشباب العراقي “.

 وأضافت ” ان ما شجعني على ذلك هو عملي في احد المكاتب للزواج في مصر ولمدة عامين ففكرت عند عودتي إلى بغداد بفتح مكتب مستقل وخاص بي “.

وعن تجربتها في القاهرة تقول” لقد قمت بتزويج عدد كبير من العراقيين للعوائل المقيمة في مصر حتى اصبحت معروفة في المجتمع المصري ولدى الجالية العراقية” .

نسب مخفية للعنوسة ومكاتب منتشرة في أغلب المحافظات  

الباحث الاجتماعي الدكتور عبد السلام أحمد يقول ” في آخر إحصائية وبحث اجتماعي تبين أن غالبية المتقدمين لطلبات الاقتران بالزواج من النساء يشكلن نسبة 60% من سكان العراق، فيما تشكل نسبة اللواتي لم يحصلن على فرصة الزواج ويعرفهن  المجتمع بالعوانس نسبة 30% وهناك مسالة أخرى ومهمة في تقديري، وهي مسالة القاصرات التي تمنع المحاكم الشرعية أو الأحوال الشخصية من ترويج معاملات زواجهن لأنهن قاصرات ولم يبلغن السن القانوني للزواج و المثبت قانوناً لدى هذه المحاكم ، وهذا ما يضطر أولياء أمور القاصرات في اللجوء إلى مكاتب الزواج والذي يسمى أحيانا (السيد) ليعمل لهم عقد زواج وبعد فترة يتم تصديقه او تسجيله لدى المحاكم الشرعية “.

اما  الباحث الاجتماعي حيدر  علي فقد فأكد “أن العراق يشهد انتشارًا واسعًا لمكاتب الزواج بسبب انتشار العنوسة وكثرة الشباب الراغبين في الزواج. والدليل على ذلك انتشار المكاتب الشرعية للزواج في بعض مدن العراق، لا سيما في المدن التي تعد  مراكز دينية”.

وأضاف” ان هذه  المكاتب، تشهد اقبالًا كبيرًا، لأنها تقوم بأعمالها وفق الأصول الشرعية، وان معدل العقود التي تقوم بها هذه المكاتب بين 50-70 عقدًا في الشهر، وأحيانًا يزيد العدد، كما تحظى هذه المكاتب بثقة الجميع، وقد نجحت إلى حد كبير في مساعدة كثيرين على الزواج”.وانتقد ما يروج له البعض من أن اهداف هذه المكاتب تجارية أو لأغراض المتعة، مؤكدًا أن المكاتب تقدم النصائح للأزواج، وتحاول قدر الإمكان الحد من ظاهرة الزواج من الصغيرات والزواج المبكر.

مكاتب تحت القانون

أما المحامية نور السلمان ( قضايا الاحوال الشخصية) فتبتعد عن هذين التحفظين وتقول “إن مكاتب الزواج تعمل تحت القانون وتساهم فعليًا في الحد من ظاهرة الطلاق المبكّر، لأنها تقدم للطرفين فرصة لقاء شريك بحسب المواصفات المطلوبة، وهذا يحفز المطلقات بصورة خاصة على التسجيل في المكاتب لغرض الاقتران بالرجل المناسب” ..

وأخيرًا

ان انتشار هذه المكاتب في العراق يجب ان يكون تحت رقابة الدولة كما يجب توفر الية لربط  عمل  هذه المكاتب بالمحاكم  الشرعية وتأكيد العمل على شرعيتها ومراقبة عمل هذه المكاتب وتكثيف الإجراءات والرقابة لضمان جميع الحقوق المدنية للزوجين.

عبير طالب / واع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*