الأقرباء والأموات والدين نجوم الدعاية الانتخابية في العراق

211

الانتخابات-في-العراق

“انتخبوا زوجة المرحوم”، “صوتوا لزوجي”، انتخبوا زوجة الشيخ”، هي بعض من الدعايات الانتخابية الخاصة بانتخابات مجالس المحافظات في العراق، التي غزت شوارعه في وقت قياسي وباتت تثير سخرية وسخط الناخبين. وفي أيام قليلة، منذ الإعلان عن بدء الحملة الخاصة بهذه الانتخابات في الثاني من اذار/مارس الجاري، افترشت صور المرشحين مدن المحافظات الـ15 المشمولة بالانتخابات، وخصوصا بغداد. ومن المفترض أن تجرى هذه الانتخابات في 20 نيسان/ابريل المقبل في 13 محافظة عراقية من بين 18 بعدما قررت الحكومة تأجيل الانتخابات في الأنبار ونينوى لأسباب أمنية وعدم شمول محافظات اقليم كردستان الثلاث بهذه الانتخابات.

ولم تستثن اللافتات التي حملت معظمها صورًا كبيرة للمرشحين، أي موقع أو زاوية يمكن أن توضع عليه، فعلقت وألصقت على الأشجار وأعمدة الإنارة والجسور والجدران، وحتى على بعض السيارات. وفي المحمودية (20 كلم جنوب بغداد)، رفعت لافتة كبيرة تتوسطها صورة شخص يرتدي زيًّا عربيًّا تقليديًّا، وفي زاويتها اليمنى وضعت شارة سوداء للدلالة على وفاة هذا الشخص. وفي حين أن اللافتة التي توزعت على أحياء عدة من المحمودية لم تحمل سوى صورة هذا الرجل، كتب عليها بالخط العريض “انتخبوا زوجة المرحوم الشيخ…”. وانتشرت لافتة في محافظة صلاح الدين (شمال بغداد) وضعت عليها صورة نائبة في البرلمان تقف إلى جانب رجل وكتب فوق الصورة “انتخبوا زوجي”. ودعا رجل وضع صورته على ملصق انتخابي، ليس إلى انتخابه، بل إلى انتخاب زوجته التي لم يتسع الملصق لصورتها.

ويقول الصحافي العراقي ياسر الموسوي لوكالة فرانس برس إن “هذه الملصقات تعكس مستوى المرشحين للانتخابات”. ويضيف “إذا كان هذا هو مستوى طريقة إدارتهم لحملتهم الانتخابية، بهذه السذاجة والتفاهة، فكيف ستكون إدارتهم للدولة والاهتمام بأمور الناس”. كما يرى علي عدنان (36 عامًا) وهو موظف حكومي أن الانتخابات باتت “عملية انتخاب بالوكالة”. ويتابع “يبدو ان هؤلاء يريدون تشكيل عائلات سياسية على حساب الشعب”. وفي بغداد، عمد معظم المرشحين عن القائمة المدعومة من رئيس الوزراء نوري المالكي، إلى وضع صورته إلى جانب صورهم، في محاولة للإيحاء للناخبين بأنهم على علاقة وطيدة به، علمًا أن بعض هؤلاء لم يلتقوه أبدًا.

كما وضعت إحدى المرشحات صورتها إلى جانب صورة رجل سياسي بارز، وكتبت عليها “مرشحة الدكتور …”. وفي ملصق دعائي أثار سخط كثير من العراقيين، وضع مرشح آية قرآنية فوق صورته وعمد إلى إبراز كلمة وردت في هذه الآية هي نفس اسم عائلته، حتى يوهم الناس بأن اسم عائلته ورد في القرآن. وعمدت بعض المرشحات إلى وضع أسمائهن على اللافتات الانتخابية، من دون أن يوضعن صورهن، حيث استبدلن صورهن بعباءة وضع في مكان الوجه فيها هالة بيضاء. وعلق شخص يدعى علي على هذه اللافتة التي انتشرت على موقع “فيسبوك” كاتبًا “انتخبوا الولية الصالحة التي لم يرها بشر إلا وقضت حاجته، ومن كفاءتها أنها بقراءة الأدعية ستبلط الشوارع”. ويقول الموظف الحكومي أحمد تعليقًا على استخدام الدين في الدعاية الانتخابية “هذه محاولات يائسة من المرشحين الذين ليس لديهم تاريخ حقيقي في خدمة الناس، والذي يستخدم الدين بهذا الشكل إنسان فارغ ومفلس”. وإلى جانب الاستعانة بالدين والأقرباء، الميتين منهم والأحياء، حملت بعض الملصقات حسًّا فكاهيًّا. ففي محافظة ديإلى (شمال شرق بغداد)، وزع عازف عود بوسترًا انتخابيًّا له وهو يحمل عوده، وكتب عليه “خلي ننتخب (لننتخب) فنان ونعشق إحساسه شحصلنة (ماذا حصلنا) غير الشيب من السياسة”.

وكتب لاعب كرة قدم سابق على ملصق انتخابي خاص به “انتخبوا مرشحكم اللاعب الدولي السابق الذي خدم العراق….”، ووضع صورته وهو يرتدي قميص نادي إنتر ميلان الإيطالي الشهير. وحاول اللاعب السابق تذكير الناخبين به، فكتب “الملقب بالطائر السريع”. وفي ظاهرة جديدة في العراق، توجه بعض المرشحين إلى عشائرهم على وجه الخصوص، وأعلنوا أنهم مرشحو العشيرة المعينة، غير آبهين بالناخبين الذي ينتمون إلى عشائر أخرى. ويرى المحامي والمراقب السياسي طارق المعموري لفرانس برس “ما نراه هو نتيجة التخبط الذي أصاب العملية السياسية التي أفرزت أشكالًا غير محترمة في السابق ما قلل احترام الناس للانتخابات وللعملية الانتخابية بشكل عام”.

المصدر: (أ ف ب)

مراجعة: (الحكمة)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*