الحكومة العلوية ليست حكومة تاريخية بل هي حجة الله في التنظيم الاجتماعي ولن يصل المجتمع للكمال الحقيقي الا بالانضواء تحت رايتها
لقد طرحنا في السابق موضوع الحكومة العلوية .. فما هو المعنى الاسلامي وفق رؤية أهل البيت للحكومة العلوية ؟، والسؤال االثاني هو: هل نحن اليوم في عصرنا الحاضر نعيش الحكومة العلوية أم لا ؟ وهل أن هذه الحكومة هي عبارة عن تاريخ كما مرت به الحكومات التاريخية الاخرى كالحكومة الرومانية واليونانية وغيرها ، فهل الحكومة العلوية بهذا المستوى ام لها معنى آخر ؟ ونحن كمسلمين ماهي علاقتنا بالحكومة العلوية ؟ حيث ان هذه الامور هي جزء من عقيدتنا وأحكامنا ولا يمكن للإنسان ان يستقيم مع الولاية وليس له جواب واضح على هذه الاسئلة.
وفي معرض الرد عن هذا نقول لو رجعنا الى أولياتنا في الشريعة لعرفنا إن الله تعالى قد أرسل محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم وقد جاء بالرسالة الخالدة التي هي للناس كافة مستوعبة لجميع جوانب الحياة فحلاله حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة.
اما الامر الاخر الذي نؤمن به هو انه حين قبضه الله تعالى إليه فإن له اوصياء وإمتداد الى يوم القيامة.
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم في اليوم الاول الذي اعلن فيه رسالته ، أعلن معها خلافة أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام وولايته على المسلمين ، وقضية حديث الدار معروفة عند الموالف والمخالف.
وحين وقف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد حجة الوداع ورفع يد علي عليه السلام ، وقال: (من كنت وليه فهذا عليٌ وليه) ، فرسالة محمد إمتدت الى علي وستمتد الى أنبائه الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ولو سلطنا الضوء على خط الخلافة بعد الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، لوجدنا ان كل ما قاله أبو بكر لم يلتزم به عمر أو عثمان ، لأن كل حاكمٍ من هؤلاء الثلاثة له خطه ومساره الذي إلتزمه وسار عليه وكذلك الحال بالنسبة لدولة بني أمية ، فكل حاكم من هؤلاء كان له خطه ومبادئه التي تبناها لنفسه.
والسؤال هو هل إن خط هؤلاء الاربعة عشر المعصومين عليهم السلام ايضا كغيرهم وان لكل شخص منهم رؤيته وطريقته أم إنه خط واحد يكمل بعضه بعضاً؟ والجواب في جملة واحدة كما جاء في الحديث الشريف : اولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد.
فهذا الخط ليس إلا خطا واحد ومبدأ واحد وهو ليس الا تجسيد للحديث ( إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا فإن اللطيف الخبير جلَّ وعلا انبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فهذا الخط كله هو حجة الله في الأرض.
وبذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورسالته السمحاء حجة الله في البشرية جمعاء وكل هؤلاء المعصومين بمستوى وبعرض واحد .
وقد شملت رسالة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم جميع جوانب الحياة ، كما أن الله تعالى جعل للصلاة حكم وللصوم حكم وللأمانة حكم في المجتمع والفرد اذ لا يكتمل الجانب الفردي الا بالجانب الاجتماعي وكذلك لا يكتمل الجانب الاجتماعي الا بالجانب الفردي والدولة هي تنظيم لشؤون المجتمع والفرد على حد سواء وقد كلف الله تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه وآله بهذه المهمة ، وبدأ رسول الله بعد هجرته يضع اللبنات الاولى لإنشاء الكيان الاجتماعي الاسلامي ويضع التعاليم الاجتماعية مرحلة تلو الاخرى ، وقد أصبحت السياقات العامة للمجتمع الاسلامي .
وحين استلم الامام علي الخلافة من بعد مقتل عثمان ، كما أن عليه أن يكمل الأحكام الشرعية في الصلاة والصيام ، فعليه ان يكمل التعاليم والاسس التي ارست عليها كيانات المجتمعات المسلمة .
فالحكومة العلوية ليست حكومة تاريخية بل هي حجة الله في التنظيم الاجتماعي حيث لا يصل المجتمع للكمال الحقيقي الا بالانضواء تحت رايتها الشريفة ، فهي في الحقيقة حكومة ربانية وهي امتداد من حكومة محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
فنحن منضوون تحت راية هذه الحكومة ولدينا إمام مفترض الطاعة ، وينبغي علينا ان نستلهم ماقاله ائمة اهل البيت عليهم السلام وان نمتثل الى كل حكم ٍ شرعي قد شرَّعُوه لان كلماتهم و احكامهم حجة الله علينا الى يوم القيامة ، وٍينبغي على جميع المسلمين ان ينضووا تحت كل كلمة قالها الامام او وجّه المسلمين اليها.
العتبة العلوية المطهرة