أین أتباع أهل البیت (ع) من اهتمام الوهابيین بباطلهم؟!
أظهرت أحدث الدراسات بأن إقبال الأوروبيين على اعتناق الإسلام بلغ مستويات غير مسبوقة في تاريخ اوروبا خلال السنوات الاخيرة.
وأشارت تقارير أصدرتها كبرى مراكز الأبحاث والاستطلاعات في بلجيكا والسويد وفرنسا وهولندا إلى أن عدد الذين اعتنقوا الإسلام خلال العامين الماضيين بلغ 300 ألف شخص، ليصل مجموع المسلمين في انحاء أوروبا إلى 23 مليوناً يحملون الجنسيات الاوروبية.
وقد دفعت فعل الصدمة على القائمين على الإحصائيات أنفسهم بعد الزيادة الآخذة في الارتفاع لانتشار الإسلام على نطاق يتسع عاماً بعد عام في أوروبا، إلى دق ناقوس الخطر في مواجهة أعلى زيادة هي الأولى في تنامي أفواج الوافدين إلى الإسلام.
وأثارت هذه الزيادة التي انقسم الأوروبيون حول أسبابها مخاوف البعض إزاء ما وصف بخطر أسلمة القارة الأوروبية خلال العقدين القادمين رغم تطمينات آخرين أن الزيادة الحاصلة في أعداد المسلمين يعد إثراءً لمناخات أوروبا الجديدة التي قدرت الإحصائيات تعداد المسلمين فيها من حملة مختلف جنسياتها اليوم بـ 23 مليون بزيادة قياسية بلغت 17 في المائة خلال العامين الماضيين فقط.
وقد اعتبرت مساعي المسلمين إلى نشر الصورة الحقيقية للإسلام وفتح المدارس وقنوات الاتصال والانفتاح على الأوروبيين إلى جانب ما تقوم به المساجد من الأعمال الخيرية، اعتبرت مجتمعة من بين الأسباب التي تقف وراء استنجاد الأوروبيين بالإسلام هربًا” من الخواء الروحي وطغيان النزعة المادية.
وقال “فرانك سشوالبا هوث” خبير في الشؤون الاستراتيجية الأورربية إن الاوروبيين يقبلون على اعتناق الإسلام نتيجة إحساس الغالبية الساحقة بحالة الضياع في مجتمعاتهم بعد أن يكتشفوا أن الاسلام يحمل كافة الأجوبة على التساؤلات إزاء أوضاع هي معقدة جداً.
على الجهة الأخرى من المشهد الديني في أوروبا، قالت الإحصائيات إن إقبال الأوروبيين على الكنائس تراجع بشدة إلى حد ينذر بانهيار وشيك للديانة المسيحية، ما يطرح “تحديات جدية” أمام الكنيسة.
وسبق لي أن كتبت في هذا الموضوع لأني عملت لسنين في أهم مركز للبحوث والإحصاء في هولندا وهو مركز البحوث والإحصاء، والذي يهتم بإعطاء المسؤولين في الدول الأوربيه دراسات وإحصاءت تتنبَّأ بالمستقبل وكيفية مواجهة الظواهر غير المرغوبه، وأثبتُّ بالأرقام والتواريخ أن مسألة ابن لادن وكلّ التفجيرات التي حصلت في مدن الغرب، كان المقصود الأول منها هو إبعاد الأوربيين عن التعرف أو الاقتراب من الإسلام، وتصويره بدين إرهابي يستبيح الحرمات، وكل الهجمة التي تلت عن القرآن الكريم ونبينا العظيم في أوروبا، كانت بهدف إبعاد الأوربيين عن الإسلام، ولكن الانهيار في القيم الأخلاقية وتفكك الأسر الأوربية، وحط قيمة المرأة والتي أصبحت فيه عبارة عن سلعة كبقية السلع.
بالاضافة إلى أنَّ العلم الحديث أصبح سبيلًا مهمًّا إلى الاقتراب من الحقيقة المطلقة، بالإضافة إلى انهيار كل النظريات التي كانت وكأنها حقيقة مطلق’ مثل نظرية داروين وأصل الإنسان.
ولكن للأسف الشديد فإن نسبة 99% من الأوربيين اتجهت للمنهج الوهابي، وتعود الأسباب إلى جدية الوهابية في باطلهم، وتفرق أصحاب الحق عن حقهم، فالوهابيون درسوا الساحة الأوروبية دراسة تامة، وقدموا أخلص دعاتهم لاستقبال أولئك الوافدين الجدد أفضل استقبال، مزودين إياهم بكل مايحتاجونه من كتب ومواقع ووسائل إعلامية، بالإضافه إلى سيطرتهم على أشرف بقاع المسلمين، والتي لابد للمسلم أن يمر بهما، وهما المدينة المنورة والكعبة المشرفة.
فمثلًا قام الوهابيون ومنذ عقد الثمانينيات بإنشاء المراكز الإسلامية في كل العواصم والمدن الأوربية الكبرى، وزودوها بمطبوعاتهم، وسلموا إداراتها للأوربيين ممن يجيدون لغات تلك البلدان ويعرفون المدخل لتلك الشعوب، ولكون الأوربيون يهتمون بالأمور المادية، فإنهم فور تفكيرهم بالإسلام يتجهون نحو العواصم إلى المراكز الكبرى، ولايتجهون نحو المراكز المغمورة.
وأيضًا تم تسليم إدارة تلك المراكز لأنصارهم ممن يجيدون اللغات، ودعموهم بشتى وسائل الدعم المادي.
وأيضا فإن أنصار الوهابية قاموا بترجمة كتبهم إلى جميع اللغات الحية، وبنفس الوقت ترجموا معها كل مايبعد الأوربيين عن التعرف إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام.
إن أتباع أهل البيت(ع) ورغم كثرتهم، وخاصة في بريطانيا، فإنهم لم يهتموا كثيرًا بهذا الجانب، وبقي جل اهتمامهم ينصب على أبناء الجالية، رغم أن العمل في أوروبا من قبل أتباع أهل البيت(ع) ليس فيه خطورة أمنية كما هو الحال في بلداننا العربية، بالإضافة إلى الفرقة التي لن تجلب خيرًا أبدًا، وتصدي غير المختصين، أو حتى ممن لايجيدون لغات تلك البلدان، لأن التعيين لدينا يتم على حساب العلاقة بأصحاب تلك المراكز، وبقي هنالك جنود مجهولون يعملون بإمكاناتهم المتواضعة، وقد استطاع أفراد أن يقوموا بما لم تقم به مؤسسات كبرى، لأن تلك المؤسسات يشرف عليها من لايفهمون، فمن يملك لايفهم، ومن يفهم لايملك.
وقد استبشرنا خيرًا بعد سقوط الطاغیة “صدام” لعل من وصلوا للسلطة يهتمون بهذا الأمر، لكنهم للأسف أصبح من أبغض الأمور إليهم هو الاتصال أو حتى مقابلة إخوانهم في المهجر.
لأنهم يذكرونهم بفقرهم، وحالتهم قبل الوصول للمناصب، وبعكس الوهابيين، فإنهم رغم انحرافهم وفسادهم لكنهم يدفعون الملايين لنشر باطلهم.
اهتم الوهابيون بالترجمة، وأنشؤوا في كل دولة مركزًا للترجمة، فمثلًا في هولندا تم ترجمة أكثر من 700 عنوان كتاب، وفي إحدى المرات، فتشت عن الكتب الشيعية المترجمة للهولندية فلم أجد سوى خمسة كتب ترجمناها نحن، ثم عجزنا عن المواصلة، وشكونا لطوب الأرض بتكفل أخت هولندية كاتبة كبيرة ترجمت العديد من كتب الوهابية للهولندية، ثم اهتدت لمذهب أهل البيت، فساعدتنا بترجمة کتاب “ثم اهتديت” من الإنجليزية إلى الهولندية، ثم قامت بترجمة الفقه الميسر للسيد السيستاني، وكتاب في رد شبهات الوهابية، وعن فاطمة الزهراء، ورسالة الحقوق، وغيرها من الأدعية.
وفي أيام المعارضة تكفل الناطق الرسمي بنفقةِ حجِّها، لكنه بعد السلطة توقف عن أية مساعدة.
وقد رجونا الكثيرين لتكفل هذه السيدة كي تتفرغ للترجمة، ولم نجد استجابة أبدًا ومن أي أحد.
بالإضافة إلى اهتمام العديد من الأطراف بأمور ثانوية مثل الدفاع عن التطبير، فيقوم الوهابيون بتصوير تلك الأمور، ويوزعونها على الأوروبيين كي يبعدوهم عن الشيعة، بالإضافة إلى ماقاله لي أحد العلماء، من أن خطباءنا خدَّروا غالبية أتباعنا اعتمادًا على الشفاعة، ولهذا ترى أحدنا يصرف كل مايملك على ((القيمة)) لكنه لايصرف سنتًا واحدًا على طبع كتاب.
علمًا بأن الحوار مع الأوروبيين أسهل، لأنهم أصحاب عقول تجريبية منطقية، لكن كما ذكرت فإن العاملين منا في هذا الجانب لا يتلقون أي دعم، حتى إني أحصيت بعض الأشخاص الذين تمت دعوتهم لحضور المؤتمرات، خاصة في عراقنا، فوجدت أن معظمهم ممن ليس لهم أي علاقة بالدعوة أو التبليغ، وبعضهم يعمل طباخين، أو خدمًا، لكن كل كفاءتهم أنهم يعرفون من يجلب ويوزع الدعوات، أما أولئك المشهود لهم بالسبق والجهاد، فلم يعرفهم أحد، علمًا بأن “العم جوجل” يستطيع وبكل سهولة أن يخبر عن المزيف من الشريف.
وإن هؤلاء الأوربيون بسهولة بمكان، أن يخعلوا الوهابية ويتجهوا نحو مذهب أهل البيت (ع)، لأن علوم أهل البيت (ع ) ـ وكما قال الإمام أبو الحسن الرضا (عليه السلام): {فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا} ـ فالأمر يحتاج إلى المكان الجيد والمكين الذي يعرف ما يريد.
على العموم قلنا ما خطر في بالنا، حتى نبرئ ذمتنا، وعسى أن ينتبه من بيدهم الأمر والإمكانات، لأنهم سيُسألون عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون، قال أمير المؤمنين : ( لو لم تتهاونوا في نصرة الحق وتوهين الباطل، لم يطمع من طمع فيكم، ولم يقوَ من قوى عليكم).