داعشيات وثوريات

396

21-6-2014-4-d

جميع العراقيين بعثيون وان لم ينتموا.. “القائد الضرورة” صدام حسين

احد عشر عاما مرت ورغم كل التجارب التي مر بها العراقيون خلالها الا انها لم تتحول لديهم الى دروس وعبر، الانسان حصيلة أخطائه.. مثلما المعرفة البشرية حصيلة التجارب، التي تصيب هدفها او تخطئه.
لايولد الانسان مكتمل العقل والقدرة على الادراك.. منذ طفولته يحتاج الى رعاية الابوين، يعرفان مايضره وماينفعه، ورغم كل الرعاية التي يحاط بها، الا انه يرتكب الاخطاء باستمرار رغم التحذير من عدم ارتكابها.
انه يريد ان يجرب، وان يكتشف، وان يرتاد، من هنا كان هامش الخطأ كبيرا في سلوكه، رغم جميع النصائح والارشادات والمنع، لا يرتدع.
كان اباؤنا يخوفونا من الاقتراب من النار، الا اننا نلعب باعواد الكبريت ونشعل النار في الاوراق او الاشياء الجافة، لانخاف من تلك النار الا بعد ان تلسع اصابعنا واطرافنا وتاخذ معها شيئا من ثيابنا. بعدها نبدأ بالخشية منها.
المعرفة البشرية والعلوم ايضا هي تاريخ من الاخطاء حتى الوصول الى المنجز الذي نعيش تجسيده على ارض الواقع، ولم نسأل ولم نهتم يوما ان نعرف كيف وصل هذا المنجز بشكله النهائي الينا، وكم قطع من مسيرة حاصرتها الاخطاء وحسراتها؟.
رغم مرور احد عشر عاما، لم نتعظ رغم وقوعنا في الكثير من فخاخ الخطأ وكمائن الخطايا.. وحتى رغم مرور تلك السنوات، لم نضع حقبة البعث وصدام حسين “قائد العراق الضرورة” على طاولة التشريح، واكتفينا بعمل المشرط على الجلد الخارجي لجثة البعث وصدام، ولم ندخل مشارطنا الى العمق، واكتفينا بتوصيفات عامة، من قبيل (جرائم البعث المقبور – مقابر جماعية – انفال – مدن مؤنفلة – شهداء مغدورين – سجناء سياسيين) وهي توصيفات تشير من بعيد دون تحديد لنقطة معينة، الا بقدر اشارتها للفاعل المباشر.
رغم مرور تلك السنوات، وسقوط الصنم، الا انه لم تسقط معه ثقافة البعث وسلوكه واخلاقياته، وبقيت منتشرة طالما العراقيون -الا من رحم ربي،- لم يستطيعوا الخروج من ثيابها.
حتى المعارضات السابقة له، تماهت مع الكثير من مفردات تلك الثقافة، واحيانا تمثلتها وكانها نسخة منها لاتكاد احيانا تفرق بينها وبين الاصل.
في الصراع الدائر حاليا في العراق، وهو صراع يرشح ان يكون حد كسر العظم والظهر، بعد ان انتهت مرحلة عض الاصابع، تتعدد التحليلات والرؤى والاستنتاجات في وصف ما حدث وتفسيره، ولكل واحدة من هذه وجهة نظر تفرض الديمقراطية احترامها حتى لو انغرست طلقة في القلب او سكينا على الرقبة.
اعود الى سنة او اكثر قليلا الى “ساحات العزة والكرامة” وهي التسمية التي اطلقها المعتصمون على اماكن تجمعاتهم قاطعين الطريق الدولي بين العراق والاردن.
اخبرونا انها تجمعات سلمية، ورفعوا لافتة بثلاثة عشر مطلبا سياسيا وامنيا، يريدون من الحكومة تلبيتها. ارتفعت لافتات وهتافات اخرى، صورتها عدسات الفضائيات وبثتها مواقع التواصل الاجتماعي، (علم العراق القديم بنجومه الثلاث – رايات القاعدة قبل ظهور داعش – قادمون يابغداد لتحريرها من الصفويين) وغير ذلك.. وحين اشتد اللوم والعتاب كانت الاجابات: نحن متظاهرون سلميون وهؤلاء “مندسون”، ووصل الاندساس حتى تحت الاغطية والشراشف، فالمندس له قدرة على الاندساس عجيبة وغريبة.
المعتصمون بعد رفع الخيام اصبحوا ثوار العشائر المنتفضة، وكانت الرسالة الموجهة للحكومة اذا اقدمت على عمل عسكري “التفريق بين الثائر والمندس”، عند اطلاق الرصاص او القصف، لكن الوجوه متشابهة، والقلوب يفور فيها نفس الحقد، وفضيحة اجهزة السونار لم تهدأ، فكيف يمكن التفريق بين مندس وثائر، وكلاهما يصوبان سلاحهما باتجاه واحد؟.، واجهزة السونار فضيحة مدوية.
يتحدثون عن الاقصاء والتهميش، والحاضر نتيجة لكليهما، لكن العودة الى ما بعد العام 2003 وقبل الانتخابات الاولى في العام 2005 وكانت قترة انتقالية، (مجلس حكم – قرارات سلطة الائتلاف) وكان نفس السلاح مشهورا تجاه الاخر الذي وجد خلاصه بعد العام 2003 .
لم تكن تلك الفترة فيها اقصاء وتهميش بقدر ما فيها من احساس بالانكسار والغبن، اذ لا يمكن للبساط الذي كنا ندوسه ان نتغطى به، ذلك تصريح لاحد رموز (اللااعرف) وقتها في اي خانة اضعه وهو (خلف العليان) هل تذكرونه؟.
الانكسار والغبن هو الحاكم تلك الفترة السابقة وفترة تكسير العظام والظهر الحالية، فكيف لعاصمة الخلافة ان تدين لحاكم شيعي، وكيف لمن تعود الحكم والامرة والسلطة، ان يكون محكوما من عبيده ومأمورا منهم ومتسلطا عليه؟.
انها النازلة الكبرى، التي جمعت (الثائر والمندس) تحت لحاف واحد.
في ايام (قاعدة الرافدين) بزعامة ابو مصعب الزرقاوي، كان تزاوج مثير بين الاثنين تكشفت نتائجه باعداد كبيرة من الابناء الذي لايعرف اباؤهم نتيجة لقتلهم في المعارك بينهم وبين الامريكان، ستتمخض الفترة الحالية عن ارقام جديدة بعد انتشار ظاهرة (جهاد النكاح)، وهي قنبلة اخرى يتم توقيتها عن قصد او بدونه لانفجار اخر لكنه مجتمعي هذه المرة.
اختم بسؤال اخير على ضوء مقولة القائد الضرورة التي بدأت بها هذه السطور: هل الثوار اليوم هم داعشيون وان لم ينتموا؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*