بارزاني والبعث و”داعش”.. تحالف الأضداد لتقسيم العراق
تنسيق بين “داعش” والبعثيين والقوى السياسية العربية السنية وقيادة محافظة الموصل برئاسة النجيفي للسيطرة على المناطق العربية السنية من العراق.
يتبادل بقايا حزب البعث المحظور في العراق، والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المعروف باسم بـ”داعش” أدوار نشر الفوضى والرعب لا سيما في المناطق السنية، مشجعين على دولة منفصلة عن العراق.
وتؤشر مسارات الأحداث التي انتهت إلى الآن بدخول مجاميع “داعش” والبعث، مدينة الموصل، ورفع اعلام القاعدة السوداء الى جانب صور نائب رئيس النظام البائد في العراق عزة الدوري، الى أن إرادات هذه الجماعات الارهابية تتوافق مع ارادة حكومة البارزاني في الانفصال، والتي تجد في سيطرة الجماعات المسلحة على اراضيه فرصة سانحة لقضم المناطق المتنازع عليها، والتوسع الى كركوك.
وبغض النظر عن الأهداف المختلفة البعيدة المدى لهذا التحالف الثلاثي غير المعلن، إلا أن الأهداف التكتيكية القصيرة المدى تتطابق الى الحد الذي يفرض على هذه الأطراف الثلاثة تعاونا ميدانيا، إداريا وعسكريا.
وكان مسؤول محلي بمحافظة ديالى، أكد إن تنظيم “داعش” تحالف مع الجناح المسلح لعزة الدوري، النائب السابق لرئيس الجمهورية إبان حكم صدام حسين.
ويتجلى ذلك في امتناع قوات البيشمركة وجماعات “داعش” عن التعرض لبعضهما، واستضافة اربيل لزعماء وسياسيين يدعمون “داعش” علنا، إضافة إلى آخرين يمثلون حواضن إرهابية لهذا التنظيم في مناطقهم.
ونقل موقع “صوت كردستان” أخبار مؤكدة عن انتقال عزت الدوري إلى محافظة الموصل ليقود البعثيين هناك.
وحسب المعلومات التي نشرها الموقع الكردي فأن الدوري كان يتواجد في مكان قريب من الموصل، بحماية جهة سياسية معروفة.
ويقول الموقع أن التنسيق بين “داعش” والبعثيين والقوى السياسية العربية السنية وقيادة محافظة الموصل برئاسة النجيفي بدأت منذ فترة و ترمي الى السيطرة على المناطق العربية السنية من العراق.
الى ذلك، فان مصادر لـ”المسلة” تؤكد استضافة اربيل لقيادات من حزب البعث المنحل كانت تتواجد في عمان وعواصم أخرى شدت الرحال إلى اربيل.
وفي ذات الوقت فان مصادر تتحدث عن تفاهمات بين الدوري ومسعود البارزاني عبر أجندة غاية في السرية.
ويعتقد البارزاني، أن هدفه في الدولة الكردية يتوجب عليه فعل كل شيء لأجل تحقيقها حتى ولو اضطره ذلك إلى التحالف مع الشياطين.
وعلى الصعيد الفكري فان التوجهات القومية للبارزاني، التي تحولت إلى سلوك تعصبي ضد العرب والتركمان والقوميات الأخرى تتيح له تفهّم الأفكار القومية للبعثيين على رغم الحرب التي شنّوها على الكرد، لكن مصالحه التكتيكية في صراعه مع حكومة المركز تجعله يستعين بالبعثيين الذي لا يجدون مانعا في ذلك لشعورهم بالضعف وحاجتهم الى الدعم.
إلى ذلك فان “الجماعة النقشبندية” التي هي هجين بعثي اصولي ويقوده الدوري، وجدت في دعم البارزاني وانتشار داعش في بعض المناطق السنية فرصة لها لإيجاد حلفاء جدد يخرجونها من عزلتها.
وأكد هذه العلاقة، القيادي في تنظيم “داعش”، أبو بكر الجنابي، بقوله ان “سيطرة داعش على الموصل، بدأت من الداخل وتمت كما كان مخططا لها و إن الدوري تعاون معنا على الهدف نفسه ولم يصدر عنه لغاية اليوم أي تصرف يثير الشك، إلا أن اليد الطولى هي للدولة “.
إلى ذلك فان “داعش” ترى ان توتر العلاقة بين المركز واربيل وسيطرة داعش على الموصل فرصة سانحة لها، لاثبات وجودها في المناطق السنية.
وليس مصادفة أن امتداد داعش في كلا من العراق وسوريا، يتطابق مع فكر البعث الداعي إلى الوحدة والاستحواذ على الدول بالقوة لتحقيق وحدة لم يستطع تحققها طيلة ثلاثة عقود من حكم العراق.
بل إن أبو بكر البغدادي يسلك منهج صدام حسين الاستحواذي في السيطرة على الشعب والأرض بالقوة على رغم التباعد الأيديولوجي بين الرجلين.
وعبر القوة الغاشمة والمليشيات العقائدية العنيفة، والتحزب والتعصب يأمل البغدادي على غرار زعماء البعث في إنشاء دولة إسلامية تتجاوز الحدود الجغرافية للدول وهو ما كان يبشر به البعث على الدوام.
ويقارن الكاتب حازم صاغية بين صعود داعش، وبروز البعث قبل ستين عاماً، حين استولى الحزب على السلطة في العراق وسوريّا بفاصل شهر واحد.
وعلى رغم أن الفوارق بين حزب البعث ومنظّمة “داعش” كبيرة ونوعيّة بحسب صاغية، حيث الأوّل وصل إلى السلطة عبر الانقلاب العسكريّ وكان يقول بالعروبة إيديولوجيّةً له، أمّا الثانية فتسمّي نفسها مشروعاً جهاديّاً وتقول بالإسلام مرجعاً إيديولوجيّاً وحيداً حاكماً لها، إلا أن التطابق بينهما، أن كلاهما يسعى اليوم إلى قضم كلا من العراق وسوريا.
المسلة