يبقين في العمل رغم المذلة خوفًا من تشويه السمعة .. 68 في المئة من الصحافيات والإعلاميات العراقيات يتعرضن للتحرش

387

14-7-2014-1-d­­
عبدالجبار العتابي ..
أكدت إعلاميات وصحافيات عراقيات تعرضهن للتحرش من قبل مسؤولين حكوميين وبرلمانيين وسياسيين وإعلاميين وصحافيين في مختلف الإدارات الحكومية ووسائل الإعلام المختلفة، لكن نسبة عالية منهن تسكت وتستمر في العمل خوفًا من تشويه سمعتها.
أوضحت إعلاميات وصحافيات عراقيات أن السلوكيات التي يواجهنها من رجال على اختلاف مسؤولياتهم، سيئة للغاية وفيها امتهان للمرأة وإذلال لها، حيث لا فرق بين   برلماني أو مسؤول حكومي أو إعلامي في هذا المجال.
وأعلن منتدى الإعلاميات العراقيات في مؤتمره السنوي، المنعقد بمناسبة الذكرى السابعة لاستشهاد الصحافية أطوار بهجت، عن نتائج استبيان أشار إلى تعرض 68  في المئة من الإعلاميات والصحافيات المستطلعة آراؤهن للتحرش، فيما كانت نسبة اللواتي يتعرضن للتحرش أحيانًا 11 في المئة، ونسبة اللواتي لم يتعرضن للتحرش 21 في المئة.
42  في المئة من اللواتي تعرضن للتحرش بقين في العمل، بينما استقالت 45 في المئة منهن، وتعرضت 13 في المئة منهن للطرد. أما السبب في الاستمرار بالعمل على الرغم من التعرض للتحرش، فردّت 40 في المئة السبب إلى الخوف من تشويه السمعة، و24 في المئة إلى الحاجة المادية، و36 في المئة لأسباب أخرى.

خوف على السمعة
أكدت نبراس المعموري، رئيسة منتدى الإعلاميات العراقيات، لـ”ايلاف” أن ظاهرة التحرش بالإعلاميات والصحافيات خطيرة ومشينة، كون الصحافية تعمل تحت مسمى السلطة الرابعة، التي تشكل جزءًا من أدوات المراقبة وإظهار الحقائق، “فكيف يمكن للصحافية أن تعمل وهي مهددة اصلًا بعدم الاحترام؟”.
وقالت المعموري: “نسبة 68 في المئة هي أقل من النسبة الحقيقية، لأن هناك صحافيات أخفين تعرضهن للتحرش لأسباب متعددة، لذا أجابت 11 في المئة بـ”أحيانًا” في حين هي “نعم”، وحاولت أن أسحب الخوف من قلوب الصحافيات اللواتي صوتن بذكر نص مكتوب في الاستبانة بأنه لا حاجة لذكر الاسم أو جهة العمل، وأكدت على سرية المعلومات المثبتة في الاستمارة، ولكن ذلك لم ينزع الخوف تمامًا من الصحافيات”.
وأضافت: “سأقدم لـ إيلاف معلومات حصرية، فقد ربطت بعض المتغيّرات مع سؤال الاستبانة، ومنها عمر المتحرش بهن، فاتضح أن العمر ما بين 20 إلى 30 عامًا، وهي الفئة العمرية الأكثر استهدافًا، تليها الفئة بين 30 إلى 40 عامًا، كما لم يفرق المتحرشون بين المتزوجة والعزباء، فـ 49 في المئة من المتحرش بهن عزباوات، و51 في المئة متزوجات.

لا حسيب ولا رقيب
وربطت المعموري نوع القطاع بالاستبيان، فظهر أن التحرش في القطاع العام أكثر منه في القطاع الخاص. وأتى الخوف من تشويه السمعة الجواب الأكثر اختيارًا على سؤال عن الدافع وراء الاستمرار في العمل على الرغم من التعرض لهذه المهانة.
وهذا يؤكد، بحسب المعموري، أن بعض المؤسسات فقدت الوازع الأخلاقي، “وهذا خطير إذ أمسى مصدر قلق وخوف، لأنه لا يوجد قانون يحاسب المتحرش، وبكل الأحوال ستكون الإساءة موجهة للصحافية ولا يحاسب من ارتكب فعل التحرش، وهذه حقيقة، فعندما اتصلت بمحامٍ مختص في هذا الجانب أكد أن قانون العقوبات خالٍ من أي فقرة تحاسب المتحرش، ونادرًا ما تصله شكاوى بهذا الصدد”.
وتابعت المعموري: “سبب سعينا لإجراء هذا الاستبيان هو فضح الممارسات غير الأخلاقية التي تتعرض لها الإعلامية، وبالذات الصحافيات الصغيرات اللواتي لا يتمتعن بالخبرة والتحصيل الدراسي، فهؤلاء غالبًا ما يتعرضن للتحرش أكثر من غيرهن، فقد كان هناك تجاوب كبير مع التقرير الذي أصدره المنتدى، والدليل أن بعض الجهات تدعم هذا الجهد ليكون كتابًا ومرجعًا مهمًا، كون الاستبيان تناول عينة عشوائية، وأعتقد أن 200 مشاركة عدد ليس بقليل”.

مساومة وابتزاز
طفح كيل الإعلامية أسماء عبيد، لأن الكثير من الإعلاميات والصحافيات يشتكين من التحرش، “وبتنا نسمع الكثير من الشكاوى والحكايات حول تعرضهن للمساومة والابتزاز والضغط والطرد من الوظيفة إن لم يستجبن لرغبات المتحرش، واضطرارهن للسكوت والاستمرار بسبب الخوف من تشويه السمعة ، أو الخوف من الفقر، لأنها لا تملك موردًا آخر للعيش”.
وقالت الصحافية مها (…) لـ”إيلاف”: “أينما أعمل أتعرض للتحرش، سواء من رئيس التحرير أو الذين أريد الحصول منهم على تصريح صحفي، وصولاً إلى نقابة الصحافيين، فالكل يريد حبًا وحنانًا مقابل الأخبار أو التصاريح، يبدي إعجابه بي قبل أن يقرأ حرفًا مما اكتب أو يسمع سؤالًا مني، فأشعر بأنني وسط كماشة من التحرش، ولأنني ارفض مجاراة أحد، أتعرض دائمًا للطرد والتوبيخ  والإهانة”.
أضافت: “أنا اعشق الأناقة وأحب أن أكون جميلة مثلما أريد أن أكون صحافية متميزة، ولكن الظاهر أنهم لا ينظرون لي إلا كوني جسدًا قابلًا للالتهام”.

الأولوية للجميلات
من جهتها، أبدت صحافية، طلبت عدم ذكر اسمها، استياءها من هذه الحالة، كما أسمتها. وقالت: “لا اعتقد أن ثمة رجلًا في الدولة أو مسؤولاً في مؤسسة إعلامية لا ينظر إلى المرأة الإعلامية أو الصحافية من دون أن يفكر في إقامة علاقة معها، فهناك شخصيات تبدو في ظاهرها محترمة لكنها تفقد توازنها أمام الصحافية، فيحاولون استمالتها بمغريات كثيرة، ولا يعطون الأخبار إلا لمن ترضى بتحرشه بها، فرئيس التحرير لا يريد امرأة ترفض له طلبًا وإلا فصلها، وفي نقابة الصحافيين صارت الجميلات والصغيرات هن المسيطرات على كل شيء”.
أضافت: “هذه حالة وليست ظاهرة، ومن المؤسف أنها تحدث ضمن السلطة الرابعة التي يجب أن يكون لها صوتها الواضح”.

لا يستثني أحدًا
أكدت الإعلامية هديل علي الحسون أن موضوع التحرش لا يقتصر على الإعلاميات فقط، وإنما يتعداهن إلى العنصر النسوي بشكل عام، “لكن التحرش بالمرأة الإعلامية يكون أكثر جرأة بحكم العمل والمقابلات مع المسؤولين والوجوه الإعلامية، الذين هم أكثر جرأة للمبادرة بالتحرش، بطريقة مهذبة أو غير مهذبة، أحيانًا بكلمات الغزل اللطيفة وأحيانًا يتعداها إلى مكالمات هاتفية وإلى مواعيد غرامية”.
أضافت: “اعتقد أن كل إعلامية وصحافية عراقية مهما كان شكلها وجمالها ولبسها تتعرض للتحرش، وبالنسبة إلي، تُعرَض عليّ العروض للعمل كإعلامية، ولكنني أقول إن الله يحفظنا من شر المتحرشين”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*