استيلاء “داعش” على نفائس أثرية ينذر بضياع تراث العراق
أكد مسؤولون في وزارة السياحة والآثار العراقية استيلاء عناصر تنظيم ما يعرف بـ “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) على متحف الموصل للتراث الحضاري في تموز/يوليو.
وفي الوقت الذي حذرت الوزارة من ضياع ممتلكات ونفائس أثرية، دعت المواطنين العراقيين إلى المساعدة في تعقب تلك الآثار والمقتنيات المسروقة ومساعدة السلطات في استرجاعها.
ويعد متحف الموصل الذي شيد عام 1952 ثاني أكبر وأقدم متاحف البلاد بعد المتحف الوطني في بغداد.
ويضم المتحف أربع قاعات كبيرة لعرض تحف أثرية يعود تاريخها لعصور وحضارات قديمة كالآشورية والحضرية وآثارا من الحقبة الإسلامية، فضلاً عن مكتبة عامة تحوي كتباً مختلفة لعدد من الأساتذة والباحثين.
وأشار مدير عام دائرة المتاحف العراقية بوزارة الآثار، قيس حسين رشيد، إلى أن تنظيم داعش استولى على المتحف واتخذ منه مقراً له بعد طرد العاملين منه.
وقال لموطني “نخشى أن يطال التخريب والسرقة محتويات ونفائس المتحف من تماثيل وجداريات ومنحوتات مثبتة على منصات عرض”.
وأضاف ان عناصر داعش لا تعير أهمية لهذه الموجودات النادرة وهم عازمون على نسفها وتدميرها، كما نسفوا عدة مواقع دينية تاريخية .
وتابع رشيد أن “إرث العراق الحضاري في محافظة نينوى اليوم مهدد بالزوال والعبث والضياع. لدينا حوالي 1790 موقعاً أثرياً بعضها مدرجة ضمن لائحة التراث الإنساني ونحو 270 مبنى تراثياً ومكتبة تحوي على مخطوطات نفيسة، وكل ذلك في خطر”.
حماية التراث العراقي
من جانبه، حث المتحدث باسم وزارة الآثار، قاسم طاهر السوداني، كل المواطنين وبالأخص أهالي الموصل “على الإبلاغ عن أية معلومات تقود إلى [استعادة] مسروقات أثرية نهبتها عصابات داعش من متحف المدينة أو من الأبنية والمواقع الأثرية والتراثية”.
وقد خصصت السلطات العراقية خطوطا ساخنة للإبلاغ عن نشاطات داعش، وهي: 07712870000، و 07714269999، و 07714259999، و 07704239999، و 103 و104.
وأوضح “طالبنا المجتمع الدولي بضرورة العمل مع العراق لملاحقة آثاره المهربة من نينوى، وهناك تعاون مع دول عدة وعمل مشترك مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) لاستعادة تلك الكنوز أبرزها جدارية كبيرة لا تقدر بثمن سرقتها عناصر داعش من موقع النمرود الأثري”.
وأشار السوداني إلى أن اليونسكو تبنت مؤخراً خطة طوارئ للحفاظ على الموروث الإنساني العراقي. ونوّه بأن هذه الخطة تتضمن حشد كل المساعي الوطنية والدولية لحماية ممتلكات العراق التاريخية والثقافية من عمليات التدمير المتعمد والتهريب والاتجار بها عملاً بالاتفاقيات الدولية المعنية، ومنها اتفاقية لاهاي لعام 1954 والخاصة بحماية الممتلكات الثقافية خلال النزاعات المسلحة.
ومن الاتفاقيات الأخرى اتفاقية اليونسكو لعام 1970 الخاصة بحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل الآثار والممتلكات التراثية بطرق غير مشروعة، واتفاقية حماية التراث العالمي لعام 1972، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 الخاص بالآثار العراقية.
ولفت السوداني إلى أن هؤلاء المقاتلين “يسعون إلى طمس الهوية الحضارية والتاريخية للعراقيين باستهدافهم لكل المعالم والشواخص الموجودة في نينوى ووصل بهم الأمر إلى إغلاق كلية الآثار في جامعة الموصل بداعي مخالفتها للدين”.
وتابع قائلاً إنهم دمروا العديد من المقامات والمراقد والمزارات القديمة ونهبوها، وعبثوا بالعشرات من الأديرة والكنائس التي يعود تاريخ إنشاء بعضها لمئات السنين وسرقوا خزائنها الثمينة وأحرقوا أكثر من 1200 مخطوطة دينية.
كنوز ’ملك الجميع‘
وأكد خبير الآثار عبد الله حامد في حديث لموطني على أهمية تضافر جميع الجهود “لوقف استهداف تنظيم داعش لتاريخ وحضارة العراق”.
وأوضح حامد أن العراق حريص على العمل مع كل الجهات الساندة لحماية إرثه الحضاري والثقافي “من طائلة الإرهابيين” لاسيما وأن هذا الإرث ليس ملكاً للعراقيين وحدهم بل للإنسانية جمعاء.
وأضاف “ندعو كل الدول والمنظمات الدولية المعنية للوقوف معنا في هذه المحنة والمحافظة على ثروتنا الأثرية والتراثية من النهب والتدمير على أيدي داعش ومنع تداولها والاتجار بها على مستوى العالم”.
الشرفة