معارضة السنة لداعش: موجة اعتدال في وجه التطرف
اتخذت العائلات ورجال الدين والشباب السنّة المعتدلون في العراق موقفاً ضد تنظيم ما يعرف بـ “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) وتفسيره المتشدد للإسلام السني، حسبما ذكر عراقيون لموطني.
وقد حمل سنّة العراق المقيمون في المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش السلاح أو استخدموا الوسائل السلمية وعبّروا عن رفضهم لداعش، دفاعاً عن عراقيين آخرين من طوائف مختلفة وعن المعالم الدينية والتاريخية، وعن مدنهم وأحيائهم.
ونتيجةً لحملاتهم هذه، تم استهدافهم أو قتلهم على يد داعش بسبب معارضتهم للتنظيم وللجرائم التي نفذها خلال الشهر الماضي منذ فرضه سيطرته على الموصل ومناطق أخرى من محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار.
ومن هؤلاء الضحايا الشخصية السياسية السنية أمية الجبارة، ابنة أحد شيوخ عشيرة الجبر في محافظة صلاح الدين، التي عُرفت بتصديها للقاعدة والتي قتلت في حزيران/يونيو الماضي على يد قناص من تنظيم داعش في بلدة العلم الواقعة على بعد 15 كيلومتراً شرق تكريت، حسبما ذكر المتحدث باسم شرطة صلاح الدين حسن المجمعي لموطني.
وقال المجمعي إن أمية شاركت في القتال إلى جانب قوات الجيش والشرطة مع عدد من أقاربها الرجال رغم طلب القوات الأمنية منها الابتعاد عن خط النار.
وروى المجمعي “ساعة الاشتباكات رفضت التراجع […] وقالت لن يدخلوا المدينة ويدنسوها إلا على جثتي”.
وتابع “أبدت بسالة رائعة تمكنت خلالها من قتل ما لا يقل عن ثلاثة من مسلحي داعش وجرح آخرين، فضلاً عن إخلاء جنود وعناصر شرطة أصيبوا”.
وقال أحمد عبد الله وهو ابن عم أمية، إن والد أمية وشقيقها قتلا أيضاً على يد عناصر القاعدة.
وأضاف “نحن عائلة شهداء، جميعنا قاتلنا الإرهاب منذ سنوات طويلة ومصرع أمية لن يغير من معادلة رفضنا السابقة للقاعدة والحالية لداعش”.
وفي تموز/يوليو، قتل عناصر داعش محمود العسلي، الاستاذ بكلية القانون بجامعة الموصل، بعد دفاعه عن العائلات المسيحية في الموصل، حسبما ذكر مجلس عشائر محافظة نينوى.
وذكر المجلس أن العسلي كان يحمل شهادة الدكتوراه بالقانون الدولي وقد قتل بعد اعتراضه على تهجير داعش للعائلات المسيحية من الموصل ومطالبته لها بالمناظرة والنقاش حول تصرفاتها الخاطئة.
وفي هذه الأثناء في الشرقاط الواقعة على بعد 300 كيلومتر شمال غرب بغداد، قتل مسلحو داعش امرأة كانت مرشحة سابقة للبرلمان العراقي، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكذلك، قتل المسلحون السنية سناء الجبوري في تموز/يوليو وخطفوا زوجها بعد أن أوقفاهما فيما كانا في سيارتهما.
مواجهة داعش بكل الوسائل
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة الخاصة الفريق الركن قاسم عطا إنه “على خلفية [قتل داعش] للأبرياء علناً وتفجير المراقد الدينية”، أعلن سكان الموصل في تموز/يوليو تشكيل “قوة تحرير الموصل” لمحاربة التنظيم ودعم الجيش والشرطة الفيدرالية.
ومن جانبه، أكد محافظ نينوى أثيل النجيفي أن السكان وقدامى العسكريين وأبناء العشائر لبوا الدعوة إلى تشكيل كتائب مسلحة في المدينة.
وأضاف “لدينا الآن نواة جيدة لتلك القوة مجهزة بأسلحة خفيفة وبإيمان قوي بقضيتهم ضد الارهاب”.
كذلك، يقاتل عراقيون من السنّة داعش من دون سلاح.
ففي محافظة الأنبار ذات الغالبية السنية، تلقت وزارة العدل العراقية طلبات من عشرات العائلات العراقية التي تورط أبناؤها مع تنظيم داعش تعلن فيها التبرؤ منهم، حسبما ذكرت الوزارة في منتصف شهر تموز/يوليو.
وقال مدير دائرة الإصلاح والتأهيل بوزارة العدل في محافظة الأنبار، الحقوقي عادل الدليمي، إن المحاكم المختصة بالأحوال الشخصية تلقت طلبات من أحد الوالدين أو من الشقيق الأكبر أو من الزوجات أو من الأبناء يعلن فيها هؤلاء عن تبرؤهم من ذويهم المتورطين مع داعش، مع تعهد منهم بمساعدة قوات الأمن في القبض عليهم.
وأشار إلى أن تسع زوجات طلبن طلاقاً غيابياً من أزواجهن المتورطين مع داعش.
وفي محافظة نينوى ذات الغالبية السنية، نجح ستة شبان من أهالي مدينة الموصل بإخفاء مئات الكتب التاريخية في الفلسفة الإسلامية وأحكام الشريعة والتاريخ والأدب والعلوم والمجتمع، بعد إقدام تنظيم داعش على إحراق كتب في المكتبات الخاصة والعامة في الموصل، حسبما ذكر سلام لموطني، وهو أحد الشبان الستة.
وفي الموصل أيضاً، نجح السكان الذين بقوا في المدينة رغم تهديدات داعش، في منع التنظيم من تدمير مرقد ديني مهم، وفق ما ذكر رئيس مجلس عشائر نينوى إبراهيم الحسن.
وقال الحسن إن “العشرات من المواطنين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، شكلوا حاجزاً بشرياً وأحاطوا بمرقد الشيخ فتحي في حي المشاهده غربي الموصل، مانعين الإرهابيين من اقتحامه”.
رجال الدين يدينون جرائم داعش
من جانبهم، دان رجال الدين السنّة أفعال داعش.
وذكروا أنه عندما فرض تنظيم داعش سيطرته على الموصل في منتصف شهر تموز/يوليو، بدأ تلقائياً بتدمير المراقد الدينية لأنبياء وشيوخ السنّة والشيعة، إضافةً إلى أماكن العبادة الخاصة بالأقليات الدينية غير المسلمة.
وأكد الشيخ خالد العبيدي من بغداد أنه لا وجود لنصوص شرعية أو سوابق تاريخية تكرس حرق دور العبادة.
وأوضح قائلاً، “حين دخل الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب (رض) القدس، أمر بإكرام الكنائس ومنع التعرض لها. ومثله، منع الإمام علي بن أبي طالب (رض) إراقة الدماء وأمر بإطلاق الأسرى، وحرّم هدم الآثار وأمر بتطوير الثقافة والفنون”.
وقال عضو لجنة الإفتاء العراقية وخطيب جامع أبو حنيفة في بغداد، الشيخ محمود الخالدي، لموطني إن زعيم داعش أبو بكر البغدادي ارتكب عدداً كبيراً من الأخطاء تشير إلى أنه لا يعرف إلا القليل عن الإسلام.
وتابع قائلاً “الجميع رصد أخطاء في خطبة المدعو البغدادي لا يمكن لأي طالب علم في الشريعة أن يقع فيها”.
وأوضح الخالدي لموطني أن تلك الأخطاء أمر غير مستغرب.
وذكر “هذا الأمر متوقع من شخص غلب الدم في حياته على العفو والتسامح، ويؤكد أنه لا يمثل ديننا الحنيف السمح”.
الشرفة