باحث يكشف علاقة السلفيين بالسعودية وطبيعة “البيزنس الديني” ويحذّر من اشتعال الصراع الإسلامي – العلماني
قال د. محمد حافظ دياب إن علاقة السلفيين بالسعودية ومؤازرتها لهم مكّنت من تكوين ” بيزنس ديني” (مطابع إسلامية لطبع الشعارات والملصقات، دُور نشر تتولى طباعة وترويج أفكارهم، شركات كاسيت لطبع شرائط دعائهم، شركات توظيف أموال تاجرت في كتب التراث التي لا حقوق لمؤلفيها الراحلين، محققة بذلك أرباحًا طائلة ، قنوات فضائية، محلات لبيع لوازم المنقبات، تنظيم رحلات العمرة، مواقع على شبكة الانترنت، مشروعات اقتصادية).
وأضاف دياب في دراسته الصادرة أخيرًا بعنوان “السلفيون والسياسة” أن الاحتقان السياسي والنشاز المعرفي غذّى حالات التقوقع والتفتيش عن وجوه الاختلاف والمفاصلة، والفتاوى والفتاوى المضادة، اعتمادًا على استدعاء فقهاء العصر الأموي والعصر العباسي والعصر العثماني، حول الختان وفوائد البنوك، وجواز إفطار لاعب كرة القدم، ومصافحة المسيحيين، ونقل الأعضاء والاستنساخ.
وأشار دياب إلى أن التحدي يكمن في فهم معنى السياسة ومنطقها لدى السلفية، فهي لا تتأسس وفق برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي محدد، وإنما وفق منطق مغاير يعتبر السياسة استكمالا للمشروع الدعوي، وتفعيلًا لنسقها القائم على التعبئة والمصلحة والتدافع والخلاف.
واختار المؤلّف نماذج أربعة في مناقشته للحركة السلفية هي: الحركة الوهابية، الحالة المغربية، المشروع المصري السلفي، السلفية الجهادية، مشيرًا إلى أنه اختار السعودية كموطن نشوء التيار في التاريخ الحديث ، والمغرب لارتباط السلفية هناك بالقضية الوطنية منذ الاستقلال، ومصر للظهور اللافت مؤخرا للحركة السلفية، وولوجها معترك الحياة السياسية.
وفنّد الكتاب “السلفية الجهادية” برؤيتها الهادفة إلى إسقاط ما تراه من أنظمة كافرة، وإحياء الحكومة الإسلامية التي تقوم على تجميع الأمة تحت راية الخلافة الإسلامية.
وخلص دياب إلى أن مسار الحركة السلفية سوف يؤدي إلى عدة احتمالات مستقبلية:
الاحتمال الأول والأكثر واقعية هو أن استعداد مختلف التيارات السلفية للمشاركة السياسية وفي ظل موقعها من الديمقراطية لا يكاد ينبئ بإمكانية واقعية لتجاوز هذا الموقف تلاؤما مع خطابها ، وبالتالي الإحجام عن إحداث تطوير حقيقي وجوهري على هذا الخطاب.
أما الاحتمال الثاني، فتدلنا عليه الخبرة السلفية في استثمار السقوط المدوي لجماعة الإخوان المسلمين، عبر امتصاص “تشنجات المسألة السياسية أو بتسويتها تحت تأثير مهدئ أو آخر، وهو ما يقوم به راهنا حزب النور.
والاحتمال الثالث والأكثر خطورة – حسب دياب – يتمثل في تجذر الصراع العلماني الإسلامي، واتخاذه أبعادًا اجتماعية وسياسية سالبة، مما قد يؤثر في سير العملية الديمقراطية ، ويؤدي إلى توقف المسار الديمقراطي أو حظر الأحزاب السلفية.
والاحتمال الرابع هو انشطار التيارات السلفية ما بين النزعة البرجماتية والمحافظة، وهو احتمال يغذيه اعتماد ذراع هذه التيارات السياسي على كبار مشايخها، وعدم وجود تيار قوي داخلها يعمل في الشارع السياسي بحرفية ومهنية.
وأخيرًا هناك احتمال خروج المشهد السياسي برمته من مأزقه، وهو احتمال لا يتم تصور جديد خارج الرهان على تكريس نظام ديمقراطي، تشارك فيه القوى والأحزاب السلفية مع تطوير خطابها السياسي والأيديولوجي للقبول بقيم اللعبة الديمقراطية ومخرجاتها.
“رأي اليوم”