عازبات رسمن صورة خيالية لشريك الحياة فسبقهن الزمن لتكون الوحدة رفيقتهن
423
شارك
النجف الأشرف – الحكمة (خاص): آلاء الشمري
كثيرة هي القصص التي تحكي عزوف فتيات عن القبول بأشخاص يتقدمون إليهن طلبا للزواج وذلك لأنهن يرغبن بمواصفات يضعنها شروطا لتحقيق القبول كأن تكون الثراء والتعليم الجيد والعيش في بيت منفصل بعيد عن بيت أهل الزوج وغيرها من التعقيدات التي تعرقل حصول الفتاة على فرصة الزواج في سنه المتعارف فترفض الشاب بعد الآخر إلى أن يصل بها المطاف إلى تقدم عمرها وضياع أجمل سنين الحياة وهي تنتظر الفارس الذي لا يوجد إلا في مخيلتها لتعيش معه حياة مليئة بالسعادة وسرعان ما تنتبه أنها أخطئت في حساباتها لكن بعد فوات الأوان .
نهى حسين(موظفة) جربت العزوبية فتحدثت عنها قائلة :” نعم أنا موظفة في البنك وراتبي جيد وهذا ما جعلني اشعر وأتحسس نفحات الغيرة والحسد من أولاد شقيقي وبناته لأنهم لم يحصلوا على وظيفة، وكلما انفق لأجلهم يسألون عن المزيد”.
واستطردت نهى :” رفضت الكثيرين من الأقارب أو المعارف، في بداية عملي في البنك وأنا في العشرينات من العمر وحتى الثلاثينات من عمري، لأني كنت أريد الرجل الأفضل، طموحي حرضني للتفكير بالأفضل، كنت أريد الزواج من رجل له منصب، لارتقي بزواجي، وحين رفضت آخر من تقدم لي وهو احد الأقارب ويعمل حلاقا وكان آخر من طلبني للزواج، حينها كنت قد تجاوزت الثلاثين، وهل بعد الثلاثين فرصة جيدة للزواج!! حتى عمر الأربعينات حيث تقدم لي أستاذ جامعي ويرغب بمن تربي له أطفاله بعد طلاقه من زوجته، بعدها لم يطرق بابي احد، لا أنكر أني اشعر بوحدة قاسية وحين يطرق بابي ليلا لا افتح أبدا على الرغم من أن لي جيرانا هم اشد حرصا علي ويلبون لي كل حاجاتي بالأخص بعد وفاة والدتي”.
وتقول نوال عادل وهي تتحدث عن قصة عزوبيتها قائلة :” أردت العصمة .. ففر الخطيب! تقدم إلي الكثيرون وكنت أجد أن الوقت مبكر للزواج، أتقبل البعض واعترف له برغبتي بالزواج،وحين يصل الموضوع إلى الجدية، لم احصد إلا الخذلان، وقد يكون السبب لاني كنت أحب أن افرض شخصيتي على الآخرين، وتكون زمام الأمور بيدي حتى آخر خطيب لي طلبت منه أن تكون العصمة بيدي، فتعجب من الأمر وولى مدبرا وكأنه لم يتقدم إلي أبدا”.
وزادت نوال قائلة:” انشغلت بأطفال شقيقتي التي تسكن في الحي ذاته، وكانت تقضي الوقت عندنا، تعلقت بابن شقيقتي حتى كنت اشعر بأنه ابني الذي لم أنجبه، اشتري له الملابس قبل أن تفكر شقيقتي بشرائها، وادفع له مصاريف المدرسين قبل أن يطلبها مني، وكنت أتابع مستواه الدراسي في المدرسة، حتى ظن المدرسون بأني أنا أمه، قد أكون ارتكبت خطأ بذلك إلا أنني لم أجد ضيرا في أن اهتم بابن شقيقتي، حتى استفقت على إحدى الجارات وهي تقول لي: لماذا لا تتركي ابن شقيقتك وشأنه يعيش حياته وفق ما تفرضه عليه حياته، مع أمه وأبيه، فأنك بذلك توهميه بأنك أفضل من أمه، تنفقين عليه ما لم تستطع أمه أن تنفقه. حينها عرفت أني أحاول ملأ فراغ كبير في حياتي، وهو أن يكون لي عائلة ولو كنت انتبهت لذلك مبكرا لكنت تمسكت بمن تقدم لخطبتي.حتى بات ابن شقيقتي لا يستطيع العيش مع أمه وأبيه بالأخص بعد أن أنهى دراسته الجامعية وصار لا يسأل عن أمه وأبيه ولا يذكرهم فيما كانت شقيقتي تشكو لمن هب ودب بأني سرقت منها ابنها”.
فيما أكدت المحامية شيماء الموسوي أنها غير نادمة حتى بعد أن وصلت إلى الخمسين من العمر أنها ما زالت عزباء قائلة :” بصراحة كنت أجد أن الحياة الزوجية التي تعيشها شقيقتي هي درس بالغ الأهمية أمامي، حيث المشاكل والمصاعب التي تواجهها وهي أم لطفلين ، بالأخص وان شقيقتي طبيبة ولولا مساعدة والدتي لها في تربية أولادها لما استطاعت أن تستمر في حياتها الزوجية ” .
مضيفة :” قد يكون آخر من تقدم لي هو صيدلاني وكان هذا قبل عشر سنوات إلا إنني رفضته مثلما رفضت الكثيرين قبله، فقد وجدت إني أعيش حياة هادئة وأنا أتمتع بمهنة جيدة ومردود مادي جيد، أسافر في كل عام، دون أن يكون لدي التزام بأحد اعمل صباحا ومساءا ولا احد يفرض علي مسار حياتي، أعيش في بيت أهلي مع والدتي وشقيقي وأولاده، ولا اشعر بأني وحيدة أو أني ضيعت فرصة زواج، لاني سعيدة بلا زواج، أحيانا أقول لو كنت أحببت رجلا وتقدم لخطبتي حينها لم أكن سأرفض ذلك، لكن هذا لم يحدث معي للجدية التي اتصف بها، والتي حالت دون تقرب أي شخص مني بالأخص في حدود العمل “.
الباحثة الاجتماعية سهاد عبد النبي تحدثت عن أسباب رغبة بعض النساء بالعزوف عن الزواج قائلة:” مما لاشك فيه أن المجتمع يبنى على التوازن الأسري والتكافؤ بين المرأة والرجل، وهذا التكافؤ لا يتحقق إلا إذا كانت المرأة تنسجم في مفاهيمها للحياة مع الرجل، واجد أن المرأة العراقية قد حققت تقدما كبيرا وتطورت مفاهيمها للحياة بشكل سريع، بالأخص حين فتحت أمامها فرص الدراسة والسفر، كما أن منظمات المجتمع المدني وضعت على المرأة مسؤولية تربية الجيل القادم وهي المسئولة عن الخلل الأسري في الكثير من الأحيان، لذا فهي لا تستطيع أن تغامر بحياة لا تقتنع بها، مما جعلها تضع الزواج في المرتبة الثانية كونها، تجد أن الرجل لازال يراوغ في مكانه، يتمسك بأفكار هي ذات الأفكار التي كانت تعاني منها في البيت من الأخ والأب، وهذه الأفكار وجدتها قاسية لدى عائلتها، لذا فكلما حصلت على مرتبة في الدراسة أو العمل وجدت أن الرجل هو الوحيد الذي يقف حائلا دون تقدمها، كما أنها تضع الرجل في أكثر من اختبار قبل أن توافق عليه وهذا ما تفعله بعض النساء في عمر متقدم فهن لا يبحثن عن السعادة في زوايا الحياة بل يحاولن أن يرفضن الشخص غير المناسب بل ويفضلن العيش بدون زواج على حياة زوجية فاشلة “.